-احمد نابه :الاخوان ضد تعدد السلطات ويسعون لتبعية القضاء للرئيس
كتبت – نسمة عبد الحميد
تطورت العلاقة بين جماعة الاخوان المسلمين و مؤسسة القضاء، بين عامى 1947 و حتى 2012، مرورا بالعام 2005، بين متهمين و قضاة و نائب عام.
ففى الاول صدر اول حكم ضد اعضاء الجماعة، و انتهى بقتلهم القاضى أحمد بك الخازندار، و فى الثانى عينوا هم اول نائب عام بعد ثورة يناير، وفى الثالث محكامة قيادات الجماعه عسكرياً فى قضية مليشيات جامعة الأزهر.
تاريخيا يذكر عبد العزيز كامل أحد اعضاء "التظيم الخاص" بالجماعة فى مذكراته ان القاضى احمد بك الخازندار كان متعسفا فى احكامه ضد الاخوان حينما كان ينظر فى قضية اعتداء بعض شباب الاخوان على جنود بريطانيين فى الاسكندرية وكان ذلك يوم 22نوفمبر عام 1947، وحكم عليهم بالاشغال الشاقة المؤبدة، وبعدها بفترة قليلة قتل الاخوان المسلمون احمد بك الخازندار بتسعة رصاصات امام منزله بالمعادى منذ هذه اللحظة بدأت العلاقة بين الاخوان والقضاء .
بدأت محيط بحثها منذ هذه اللحظة لترصد ما هى طبيعة العلاقة بين الجماعة و القضاء، كيف تطورت وما حقيقة اختراقهم للقضاه؟
فكيف سيكون المشهد فى الفترة القادمة فى ظل هذا التوتر القائم بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية ؟
يقول المؤرخ صلاح عيسى ان الاخوان اعتبروا الخازندار حكم عليهم بعقوبات قاسية فى حين انه يحكم على متهمين اخرين فى جرائم اخلاقية بعقوبات خفيفة وعندما سمع البنا هذه الاحكام قال مقولته الشهيرة التى استندوا اليها فى قتل الخازندار " اللهم ارحنا من الخازندار وامثاله " والتى اعتبرها بعض اعضاء التنظيم الخاص موافقة على اغتياله.
ويؤكد "عيسى " "لمحيط " انه منذ ذلك الوقت بدا الاخوان يتسللوا الى القضاء ويجندون اعضاء داخله وكشف "عيسى " عن شواهد كثيرة تؤكد ذلك فبعض الشخصيات البارزة بمجرد احالتهم للمعاش من القضاء تنضم للاخوان منهم المرحوم عبد الرحمن عودة والذى ما ان انحال للمعاش حتى انضم لهم وبدا تصعيده الى اعلى المراتب التنظيمية فى الجماعة مما كشف انه كان عضوا قديما لكنه لم يعلن ذلك ،من جانب اخر هناك "حسن الهضيبى " الذى خلف رئاسة الجماعة بعد حسن البنا كان الهضيبى مستشاراً.
وكذلك استشهد بأحد القضاة المشهورين وهو " احمد كامل " والذى كان يحاكم اعضاء جماعة الاخوان فى احد شاهر قضايا الخمسينيات و المعروفة بقضية "الاوكار " و الذى انضم للجماعة فور خروجه على المعاش.
ووفقا لهذا يؤكد "عيسى " ان الاخوان اخترقوا مؤسسات الدولة حتى وصلوا للقضاء خاصة وان لديهم خطة للانتشار ،والغريب ان الاخوان المسلمين لديهم من الاساس موقفا خاصا من القضاء المدنى الذى يطبق القانون لانهم ضد فكرة حكم القانون من الاساس كما يكشف لنا "عيسى " حيث يعتبرونه عدوانا على حاكمية الله عز وجل وهو ماقاله "سيد قطب " احد رموزهم والمتأثرين به والذى ينتمى المرشد الحالى محمد بديع لفكرة هو واخرون "قطبيون " ،حيث يطلق قطب على القضاء "الطاغوت " حيث يفضلون الاحتكام الى الشرع فقط فى الاحكام اما فكرة ان تتحول الشريعة الى قوانين ومحاولة تقنينها فهم ضدها.
اما المحامى حمدى الاسيوطى فيرى ان الاخوان يحاولون السيطرة على القضاء ليكون فى صالحهم ويحاربون به اعدائهم وهو ماتأكد عندما تولى النائب العام الجديد احمد طلعت والذى عينه رئيس الجمهورية وعندما خرج معارضى الرئيس الذين قبض عليهم بمعرفة "ميليشيات الاخوان " افرج عنهم محامى شرق القاهرة فنقله النائب العام من مكانه الى بنى سويف ،ويضيف " الاسيوطى " ان وزير العدل دائما يهاجم القضاة الذين يتحدثون فى السياسة رغم انه كان معارضا ومتحدثا فى السياسة فى عصر مبارك وهو الذى كان منتميا الى تيار القضاء المستقل وتعاطف معه الكثيرين ،ويشير الاسيوطى ان بداية جماعة الاخوان حوت الكثير من المحامين فى الفترة الاولى ومنهم قطاع عريض كان ضمن محاكمات صلاح سالم فى الخمسينيات كانوا يعملون بالمحاماه.
اما الباحث احمد نابه مدير وحدة دراسة الحركات السياسية والاجتماعية بمركز النيل، فينظر للقضية من منظور مختلف ويشرح "لمحيط " قائلا :اننا يجب ان نميز بين النظام الخاص الذى سيطر على جماعة الاخوان المسلمين منذ عام 1974 وبين حركة الاخوان كتاريخ مدنى فلا توجد رؤية واضحة لمعاداة الاخوان للقضاء بدليل ان الهضيبى كان قاضيا ومرشدا للجماعة ويستطرد بان قائلا :حسن البنا حاول على قدر الامكان ان يحسن علاقته بكل المؤسسات والرموز الموجودة فى الدولة وهى النظرية التى مازال يعمل بها الاخوان حتى الان ويروى قصة احد المشايخ الذين يقرأون القران فى الفجر وتعرف عليه احد اعضاء الجماعة وعندما سأله وجده "احمد بك نجيب صح" مستشار اللغة العربية فى وزارة المعارف فى الخمسينيات والذى اكد انه بايع البنا ولكنه طلب منه كتمان الامر ولهذا يتوقع "احمد بان " ان الفترة القادمة ستشهد ظهور رموز لامعة متعاطفة او منضمة لجماعة الاخوان كما كان يفعل البنا ولا يعرفهم الا مستشاريه .
ويعود للحديث عن القضاء مؤكدا ان "حركة قضاة من اجل مصر والتيار المستقل "يؤكد هذا الحديث وان هناك تشكيل اخوانى داخل القضاء المصرى .
ويضيف ان الانتماء التنظيمى للجماعة اضعف كثيرا من الانتماء الفكرى الذى يرتبط بمواقف ولهذا هناك خلايا نائمة لهم، فالانتماء للجماعة يكفى ان يكون فكرياً و ليس بالضرورة ان يكون تنظيمياً.
فهم لا يفصلون بين السلطات ولا يحبذون ذلك وهذا مايفسر ماقاموا به مع المحكمة الدستورية العليا وانهم كانوا لديهم النية بالفعل فى الغائها وحملات التشوية الاخيرة كانت تمهيدا للرأى العام لالغاء الدستورية العليا ،هم لديهم ايمان عميق بفرضية وجود سلطة واحدة ليس تقوم بتعيين القضاة والنائب العام وكل المسؤلين لتعينها على مشروعها الفكري.