لا شك أن دكتور عبدالمنعم أبوالفتوح أحد أبرز صقور الحركة الإسلامية وجماعة الإخوان المسلمين( التأسيس الثانى) منذ سبعينيات القرن الماضى لاسيما ومعارضته الشهيرة للرئيس الراحل أنور السادات على الهواء وعلى الملأ إبان عنفوان الشباب فى المرحلة الجامعية مروراً بنضاله ضد إتفاقية كامب ديفيد مع الكيان الصهيونى وتربى على يديه مجموعة من أبرزوأفضل شباب الحركة الإسلامية والتيار الإسلامى الحاضرين على الساحة الآن.
لقد مارس أبوالفتوح العمل السياسى من منطلق الفكرة الإسلامية التى تربى عليها من خلال جماعة الإخوان المسلمين وقربه من المرشدين السابقين للجماعة أمثال الأساتذة عمر التلمسانى ومأمون الهضيبى ومحمد حامد أبو النصر ومصطفى مشهور ومحمد مهدى عاكف وأبناء جيله الأساتذة(خيرت الشاطرو حلمى الجزارومحمود غزلان ومحمد سعد الكتاتنى ومحمد على بشروعصام العريان... وآخرين) منطلقاً من ذات الفكرة التى تعتبر أن الدين والدولة كلّ لايتجزأ وضرورة إصلاح السياسة وكافة شئون الحياة بالدين بالحكمة والموعظة الحسنة دون الفصل الذى يريده ويؤمن به ذلك الفريق العلمانى الليبرالى الإشتراكى الشيوعى والذين يسمون أنفسهم الآن التيار المدنى(وهو مصطلح ينطوى على تدليس متعمد لنفى المدنية عن التيار الإسلامى).
ما نشاهد الآن من تحول فى مواقف الدكتور أبوالفتوح وميله تجاه الفريق الليبرالى ليس وليد اللحظة , لكن بدأت إرهاصاته منذ سنوات قليلة سبقت ثورة 25يناير بتغريده خارج السرب التنظيمى لجماعة الإخوان ببعض التصريحات الفردية دون تنسيق مع مكتب الإرشاد وإنقتاحه قليلاً على المعسكر الليبرالى بطريقة تبدو مباركة لسلوك هذا المعسكر مما حدا بعض المنتسبين للتيار السلفى المتنوع بإتهامه بالتفريط فى الدين مع تحفظ جماعته(الإخوان) على بعض تحركاته الفردية, حتى حانت ساعة الفراق ( التنظيمى) بعد نجاح ثورة25 يناير فى خلع مبارك عن الحكم وإعلان أبو الفتوح الترشح لرئاسة الجمهورية من تلقاء نفسه دون تنسيق مع جماعته رغم الإتفاق والإجماع( فى مكتب الإرشاد) على عدم دفع الجماعة بمرشح للرئاسة فى ظل الظروف الحالية فى الخميس10 فبراير2011 قبيل تنحى مبارك بيوم واحد وكان أبوالفتوح ضمن الموافقين بصفته عضواً بمكتب الإرشاد آنذاك..
إلاّ أنه رغم ذلك أخل بالإتفاق وإرتأى فى نفسه قادراً على قيادة دفة البلاد فى مصر مابعد ثورة يناير, فكان القرار التنظيمى الطبيعى هو الفصل ذلك أنه ليس من المعقول أن تنزل الجماعة على رأى الفرد.
أعتقد أن دكتور أبو الفتوح يواجه مشكلتين: الأولى إعتقاده أنه بمجرد خروجه من الجماعة يمكن أن يكسب الشارع ورهانه الخاطىء على إلتفاف شباب الجماعة حوله ومباركة خطوته الجريئة وبالتالى حدوث تصدع فى صفوفها وربما نسى سهواً أو تناسى قوة وصلابة البنيان والقاعدة التظيمية للجماعة فى كل بيت وقرية بالشكل الذى يصعب تصدعه وإنهياره لمجرد خروج كادر مؤثر أو قيادة كبيرة كعبد المنعم أبوالفتوح لها تأثير كبير على قطاع الشباب فى التظيم, أما الثانية فوقوفه على مسافة واحدة بين التيارين الإسلامى والليبرالى رغم إنتماءه بالأساس للحركة الإسلامية وتصنيفه على هذا الأساس, فلا أرضى ذلك التيار أوذاك بل أغضب التيار الإسلامى وأثار حفيظة الإسلاميين وخيّب آمالهم بكل تنوعاتهم فأصبح رجلاً نصفه إسلامى والنصف الآخر ليبرالى والنتيجة النهائية أن خسر الجميع.