طالب زعماء 14 حزباً جزائرياً معارضاً الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بالاعتراف بالجرائم التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي ضد الشعب الجزائري خلال حقبة الاحتلال التي دامت 132 سنة، في الوقت الذي ترافع الحكومة على إرساء دعائم شراكة استراتيجية في كافة المجالات. وذكر بيان نقلته وكالة الأنباء القطرية "قنا" اليوم الاحد ان من بين الموقعين على البيان، قادة أحزاب تكتل الجزائر الخضراء الإسلامي، حيث أوضح هؤلاء بأن هذه المبادرة الأولى من نوعها جاءت ثمرة لمشاورات دامت عدة، تهدف إلى "استنكار سياسة الهروب إلى الأمام المنتهجة من قبل السلطات الفرنسية تجاه مطلب الجزائريين بالاعتراف بجرائمها المرتكبة خلال فترة الاحتلال الفرنسي للجزئر (1830-1962) والاعتذار والتعويض عنها".
وأضاف البيان، إن أي مسعى لتطوير العلاقات بين الجزائروفرنسا إلى مستوى الصداقة يجب حتما أن يمر عبر بوابة الاعتراف والاعتذار والتعويض عن جرائم فرنسا ضد الانسانية في الجزائر وكل علاقة أو اتفاقية توقع في هذا الاطار مع الطرف الجزائري هي في حكم الملغاة. وخاطب قادة الاحزاب الموقعين على البيان الرئيس هولاند قائلين له : إن جرائم بلدكم في الجزائر لا يطالها النسيان ولا التقادم ولا يمكن القفز عليها وممارسة سياسة الهروب إلى الأمام، ورغم ترحيبنا بضيوفنا عملا بقيمنا واصالتنا، إلا أن زيارتكم لا معنى لها بدون التقديم لها بالاعتراف والاعتذار الرسمي على الأقل من طرفكم".
معلوم أن الجزائر تستعد لاستقبال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الأربعاء القادم في زيارة رسمية تدوم يومين يرافقها منذ أسابيع لغط سياسي اعتاد عليه البلدان عشية أي زيارة لقائديهما. وبالإضافة إلى مطلب الاعتراف والاعتذار، طالب الموقعون على البيان الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة بعدم التنازل فيما يخص ملف الأقدام السوداء الفرنسيين الذين ولدوا بالجزائر خلال فترة الاحتلال، الذين يطالبون باسترجاع ممتلكاتهم التي تركوها عقب مغادرتهم إلى فرنسا بعد إعلان استقلال الجزائر في 5 يوليو 1962. وينسحب هذا المطلب أيضا على قضية "الحركي" أو الجزائريين الذين تعاونوا مع سلطات الاستعمار الفرنسي وفضلوا الرحيل مع قواتها بعد الاستقلال، حيث دعا الموقعون الرئيس بوتفليقة بالتخلي نهائيا عن طرح ملف تعويض هؤلاء "الحركي" عن ممتلكاتهم المزعومة واصفين ذلك ب"العمل الاستفزازي". ومن المطالب الواردة في البيان أيضاً الضغط على الجانب الفرنسي من أجل إعادة الأرشيف الجزائري وتسليم خرائط الألغام التي زرعها الجيش الفرنسي وإرجاع خزائن الممتلكات الجزائرية والآثار التي حولت إلى فرنسا بعيد الاستقلال. من المنتظر أن توقع الحكومتان الجزائرية والفرنسية على عدة اتفاقيات تعاون أثناء الزيارة المقرر أن يقوم بها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند للجزائر يومي 19 و20 ديسمبر الجاري. وقالت السفارة الفرنسية بالجزائر في بيان لها إن الرئيس هولاند سيصل إلى الجزائر الأربعاء المقبل في زيارة رسمية يجري خلالها محادثات مع نظيره الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة ثم يحضر في المساء مراسم التوقيع على اتفاقيات بقصر الثقافة "مفدى زكريا" بالعاصمة الجزائرية. ويلقي هولاند كلمة أمام أعضاء غرفتي البرلمان الجزائري في اليوم الثاني من الزيارة ثم مداخلة بمناسبة اللقاءات الاقتصادية الفرنسية الجزائرية، فكلمة أخرى بجامعة "أبو بكر بلقايد" بولاية تلمسان 700 كيلومتراً غرب العاصمة. وتعيش مدينتا الجزائر العاصمة وتلمسان حملة تنظيف وتزيين غير مسبوقة تدل على أهمية الزيارة التي تأمل الجزائر أن تتوج بطي صفحة التوتر والفتور التي طبعت أجواء العلاقة مع باريس طيلة فترة رئاسة الرئيس السابق نيكولا ساركوزي. ومن أجل ذلك، ترافع الجزائر لصالح شراكة استراتيجية في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، عبر عنها الرئيس بوتفليقة، في تصريحات له الأسبوع الماضي، بقوله "نريد النهوض بتحدي بناء شراكة تقاوم الاوضاع الطارئة وتتجاوز العلاقات التجارية لوحدها"، مشدداً على تكثيف الحوار على كل المستويات وشراكة رابحة للطرفين تواكبها عملية تنمية اقتصادية واجتماعية وإنسانية، وهو ما لا تعارض باريس التي تطمح في أن يعود هولاند إليها بجعبة مليئة بالصفقات الاقتصادية والتجارية من أجل إعادة بعث دواليب الاقتصاد الفرنسي الذي يعاني الركود بفعل الازمة المالية في منطقة اليورو.