تساؤلات كثيرة تدور حول اعلان إيران الثلاثاء الماضي اسقاطها طائرة تجسس أمريكية بلا طيار، والإجابة تائه بين نفي امريكا لفقدها أي طائرة فوق منطقة الخليج ، وبين أدلة إيران المحرجة التي تواجه بها أمريكا . وتساءلت مجلة أمريكية عن الدوافع التي جعلت إيران تعلن يوم الثلاثاء عن إسقاط طائرة أمريكية بلا طيار رغم نفي الولاياتالمتحدة التي قالت إنها لم تفقد أي طائرة فوق منطقة الخليج.
وترى "تايم" أن ثمة العديد من السياسات الداخلية التي ساهمت في "هذا المهرجان الدعائي الشامل" الذي أطلقته وسائل الإعلام الإيرانية للحديث عن براعة الجيش الإيراني في الخليج.
فقد بثت محطات تلفزيونية إيرانية بالعربية والانجليزية صورا للأميرال علي فادافي -القائد بالقوات البحرية التابعة للحرس الثوري- وهو يتفقد طائرة "سكان إيغل" وقد علقت خلفه خريطة للخليج كتب عليها "سنطأ على الولاياتالمتحدةالأمريكية".
كما أن وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي قال إن بلاده حذرت الولاياتالمتحدة من أي "اختراق لأراضيها" ،وأضاف أنها ستستخدم إسقاط الطائرة دليلا لتقديم شكوى أمام المنظمات الدولية.
التجسس الأمريكي
وقالت المجلة إن المسئولين الأمريكيين استخدموا قصة الطائرة المزعومة طيلة ذلك اليوم لتسليط الضوء على ما وصفوه بنشاط التجسس الأمريكي ضد إيران، بهدف تحويل حديث الإعلام إلى احتفال بقوة الحرس الثوري وتشتيت انتباه الجمهور عن العديد من القضايا "الشائكة" التي تواجه النظام بالفترة الأخيرة.
وترى المجلة نفسها أنه من الصعب قياس مدى ما تمثله حادثة الطائرة من تصعيد في التوتر بين واشنطنوطهران، في ظل غياب التأكيد الأمريكي -سواء بالإثبات أو النفي- بشأن الحادثة ولا سيما أن عددا من الدول الخليجية تستخدم طائرات بلا طيار من طراز "سكان إيجل".
أما المحلل علي رضا نادر من مؤسسة راند، فيرى أن طهران تشعر بانعدام الأمن، ولا سيما بعد إعلانها في ديسمبر/كانون الأول الماضي عن إسقاط طائرة شبح تابعة لوكالة الاستخبارات الأمريكية "سي آي أيه" وحديث وزارة الدفاع الأمريكية عن هجوم إيراني على طائرة بلا طيار أمريكية بمنطقة الخليج الشهر المنصرم.
ويقول نادر إن النظام يدرك أنه مكشوف وغير قادر على حماية أراضيه السيادية، بما في ذلك الأجواء، لذلك فإن طهران كانت بحاجة إلى قصة الطائرة "سكان إيجل" لتعزيز روايتها عن قوة جيشها.
ويشير ميلاني إلى أن النظام يعد الرأي العام لمحادثات مباشرة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، مضيفا أن "التحولات السابقة في سياسة إيران كانت تقترن بدعاية إعلامية تروج لما هو عكس ما تفعله بالضبط".
ومضى في القول إن النظام بحاجة إلى الترويج لمفاوضاته مع الولاياتالمتحدة باعتبارها نصرا "بعد استسلام الشيطان الأكبر للنظام".
أدلة محرجة
وفي المقابل سخرت إيران أمس، من نفي الولاياتالمتحدة "اصطياد" إحدى طائراتها الاستطلاعية، خلال تنفيذها "مهمة تجسس" في الأجواء الإيرانية.
وأكدت طهران امتلاكها "أدلة تثبت" إنزال الطائرة، معلنة "استحواذها" على المعطيات التي سجّلتها، كما هددت ب "كشف مسائل مُحرجة" لواشنطن.
واقترح الناطق باسم الحرس الثوري الجنرال رمضان شريف على الأمريكيين أن "يعيدوا بدقة، تعداد طائراتهم من دون طيار".
مضيفاً: "لا يريد الأمريكيون الإقرار بنكساتهم، لكنهم سيُضطرون إلى الاعتراف، عاجلاً أم آجلاً، بخسارتهم طائرة من دون طيار ،وإن دعت الضرورة، سننشر معلومات أخرى حول أسر الطائرة"، وهي من طراز "سكان إيجل".
وأشار إلى أن الطائرة الأمريكية "كانت تجمع معلومات استخباراتية حول مواقع عسكرية ونشاط مصافٍ نفطية" إيرانية، حين وقعت "في الأسر مع حد أدنى من الأضرار".
وزاد: "استحوذنا على كلّ المعطيات التي سجّلتها الطائرة، وتُظهر نوع المعلومات التي يبحث عنها الأمريكيون الذين لن يستطيعوا بسهولة دحض أسر الطائرة".
واعتبر شريف أن طائرة "سكان إيجل مهمة جداً لأمريكا، ولذلك لا تريد أن تتكبد فشلاً آخر"، وهدد ب "كشف مسائل تُحرج الولاياتالمتحدة، عند الحاجة".
معتبراً أن الأخيرة تصرّفت "في شكل مشابه" حين أعلنت طهران إنزال طائرة أمريكية من دون طيار من طراز "آر كيو - 170 سنتينل"، في 4 كانون الأول ديسمبر 2011.
مواد إثبات
أما إسماعيل كوثري، رئيس لجنة الدفاع في مجلس الشورى البرلمان الإيراني، فأكد امتلاك بلاده "مواد تثبت أن الطائرة من دون طيار التي اقتنصناها، تعود إلى الولاياتالمتحدة، وأُطلقت من سفينة حربية. ولا خيار أمام الأمريكيين سوى تأكيد فقدانهم إحدى طائراتهم من دون طيار".
وأشار إلى أن بلاده ستعلن مزيداً من المعلومات عن الطائرة قريباً، رافضاً إمكان أن تكون الطائرة ملكاً لدول في الخليج تملك طائرات من الطراز نفسه.
وزاد أن "دولة الإمارات لا تجرؤ على تنفيذ نشاطات مشابهة ضدنا، ولدينا أدلة كافية تثبت أن الطائرة أميركية، وربما على القادة "العسكريين" الأمريكيين أن يعيدوا تعداد طائراتهم من دون طيار".
وأشار كوثري إلى أن "الأمريكيين كثفوا نشاطات التجسس، بينها رصد مفاعل بوشهر النووي، ومرفأ بندر عباس ومنشآت نفطٍ وموانئ تصدير".
فيما اعتبر قائد ميليشيا "الباسيج" "متطوعي الحرس" الجنرال محمد رضا نقدي أن "انتهاك الطائرة الأجواء الإيرانية، كشف المزاعم الكاذبة والنزعة الهمجية والماكرة لدى المسئولين الأميركيين".
وكان البيت الأبيض أعلن انه "لا يملك أي دليل على صحة المزاعم الإيرانية" باقتناص الطائرة.
في غضون ذلك، اعتبر رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني أن بلاده "أصبحت قوة ذات مكانة، لا يمكن لأي قوة عالمية تجاهل دورها في المنطقة".
وزاد: "تشهد المنطقة ظاهرة جديدة في مسيرة مناهضة الاستعمار خلال العقدين الماضيين، هي المثلث الماسي المؤلف من إيران و حزب الله والمقاومة الفلسطينية والذي أصبح رأس حربة النضال ضد استعمار الشعوب المسلمة... أن هذا المثلث سيهزم الكيان الصهيوني، على رغم مؤامرات قوى الاستكبار وعملائهم في المنطقة".