قال معارضون مصريون يوم الثلاثاء بعد ساعات من مظاهرة حاشدة أمام قصر الرئاسة في القاهرة إنهم يبحثون تنظيم اعتصام أمام القصر الذي غادره الرئيس محمد مرسي في وقت سابق يوم الثلاثاء عقب اشتباكات بين الشرطة ومتظاهرين. وقالت جبهة الإنقاذ الوطني التي تضم ليبراليين ويساريين وينسق أعمالها السياسي البارز محمد البرادعي في بيان نشرته وكالة أنباء الشرق الأوسط "سوف نواصل الاحتشاد والاعتصام مع جماهير شعبنا أمام قصر الاتحادية وفي (ميدان) التحرير."
وكانت جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة ونشطاء دعوا إلى مظاهرات ومسيرات حاشدة يوم الثلاثاء أطلقوا عليها "الإنذار الأخير" لحمل الرئيس المصري على سحب إعلان دستوري أصدره في 22 نوفمبر تشرين الثاني وإلغاء استفتاء مقرر هذا الشهر على مشروع دستور يقول المعارضون إنه لا يضمن تداول السلطة وينتقص من حقوق فئات من المصريين.
وفي وقت لاحق أعلن حزب الدستور المعارض الذي يتزعمه البرادعي في صفحته على فيسبوك انه "قرر الاعتصام أمام قصر الرئاسة حتى يوم الجمعة وتنظيم مسيرات حاشدة إلي القصر على مدار الأيام الثلاثة المقبلة مع استمرار الاعتصام في ميدان التحرير."
وقال نشطاء في مدينة الإسكندرية الساحلية إنهم يبحثون تنظيم اعتصام في المدينة التي شهدت يوم الثلاثاء مظاهرات مناوئة لمرسي شارك فيها آلاف الأشخاص.
وقال مصدران في قصر الرئاسة إن مرسي غادر القصر الذي يقع في ضاحية مصر الجديدة في شرق القاهرة يوم الثلاثاء بعد اشتباكات اندلعت بين الشرطة وألوف المحتجين واستخدمت فيها الشرطة الغاز المسيل للدموع أمام القصر.
وقال شاهد عيان إن عددا من المحتجين أزالوا الأسلاك الشائكة التي كانت تفصل بينهم وبين أسوار القصر وتظاهروا عندها.
وشارك نحو عشرة آلاف متظاهر في مسيرات إلى القصر يوم الثلاثاء احتجاجا على الإعلان ومشروع الدستور الذي دعا مرسي الناخبين إلى الاستفتاء عليه في 15 ديسمبر كانون الأول.
وأحاط المتظاهرون بالقصر من ثلاث جهات وغصت بهم الشوارع القريبة مرددين هتافات منها "الشعب يريد إسقاط النظام".
وشارك آلاف آخرون من المناوئين للإعلان الدستوري ومشروع الدستور في مظاهرات في عدد من المدن في أرجاء مصر مرددين هتافات مناوئة لمرسي وجماعة الإخوان المسلمين.
لكن الجماعة أيدت المضي قدما في الإجراءات التي اتخذها مرسي الذي ينتمي إليها. وأظهر مرسي نفسه عدم استعداد للتراجع.
وقال رئيس حزب الحرية والعدالة محمد سعد الكتاتني في مقابلة مع رويترز إن الأزمة في طريقها للانتهاء سريعا جدا.
وفي المقابل قال المتحدث باسم جبهة الإنقاذ الوطني إن المسيرات استهدفت إسقاط "الطغيان" والإعلان الدستوري. وشدد على أن الجبهة لن تغير موقفها إلا إذا أجيبت مطالبها.
واتسم مسار الانتقال السياسي في مصر منذ إسقاط الرئيس حسني مبارك في انتفاضة شعبية مطلع العام الماضي بالاضطراب والتشويش.
وقال شاهد العيان إن المتظاهرين الذين حملوا علم مصر وعليه عبارة "لا للدستور" حاولوا إزالة الأسلاك الشائكة قرب القصر الرئاسي وردت الشرطة بالغاز المسيل للدموع لكنهم تقدموا بأعداد كبيرة بعد انقشاع الغاز وانسحبت قوات الأمن أمامهم تاركة بعض عتادها.
وهتف المتظاهرون عند أسوار القصر "أرحل..أرحل" ورددوا أيضا هتافات مناهضة لجماعة الإخوان المسلمين من بينها "يسقط.. يسقط حكم المرشد". وشوهد متظاهرون وهم يتسلقون بوابة القصر.
وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط نقلا عن وزارة الصحة إن 18 شخصا أصيبوا في الاشتباكات.
وقالت وزارة الداخلية في بيان إن قوات الأمن أمام القصر تعرضت لاعتداءات من متظاهرين أسفرت عن إصابة ضابطين كبيرين وعدد آخر من رجال الشرطة بإصابات مختلفة.
وفي مدينة المنيا في جنوب مصر أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على متظاهرين أمام مقر جماعة الإخوان المسلمين في المدينة. وقال شهود عيان إن المتظاهرين رشقوا الشرطة وأعضاء من جماعة الإخوان بالحجارة.
وقال نشطاء إن المتظاهرين توجهوا إلى مقر الجماعة لإطلاق سراح ثلاثة من زملائهم ترددت شائعات بأنهم احتجزوا داخل المقر.
وكانت قوات الأمن احتشدت حول القصر الرئاسي بعدما قال النشطاء أنهم سينظمون مسيرات إليه.
وقال مصدر امني إن بضع مئات من المحتجين تجمعوا أيضا قرب منزل مرسي في منطقة التجمع الخامس على مشارف القاهرة مرددين هتافات مناهضة للإعلان الدستوري الذي أصدره ولجماعة الإخوان المسلمين لكن الشرطة أغلقت الطريق لمنعهم من الاقتراب من المنزل.
ويتهم ليبراليون ويساريون ومسيحيون وآخرون مرسي باغتصاب سلطات لفرض مشروع الدستور الذي صاغته جمعية تأسيسية يهيمن عليها الإسلاميون.
واحتجبت يوم الثلاثاء أوسع الصحف المستقلة والحزبية انتشارا احتجاجا على "دكتاتورية" مرسي. ونظم مئات الصحفيين مسيرة من أمام مقر نقابتهم إلى ميدان التحرير حيث يعتصم نشطاء منذ إصدار الإعلان الدستوري.
وقالت جبهة الإنقاذ الوطني إنها قد تدعو إلي عصيان مدني.
وقال الناشط عبد الرحمن منصور في ميدان التحرير "الرئاسة تعتقد أن المعارضة ضعيفة للغاية وبلا أنياب. اليوم نبين لهم إن المعارضة قوة يحسب حسابها."
"على مرسي أن يخرج ليتحدث مع الناس ويسمع منهم.. مع المعارضة. المعارضة تقول لا للدستور ولا للاستبداد".
ويشعر الإسلاميون -الذين تمكنوا من إبعاد الجيش عن دفة الحكم- بأن الفرصة سنحت لهم ليصوغوا مستقبل مصر التي تمثل معاهدة السلام بينها وبين إسرائيل حجر الزاوية لسياسة الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط.
ويثق الإخوان المسلمون وحلفاؤهم الذين نظموا مظاهرة حاشدة تأييدا لمرسي في القاهرة يوم السبت بأنه سيكون هناك عدد كاف من رجال القضاء للإشراف على الاستفتاء الذي سيجرى في 15 ديسمبر على الرغم من دعوة بعض القضاة إلى المقاطعة.
لكن رئيس نادي القضاة المستشار أحمد الزند استبعد في مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء أن يوافق قضاة كثيرون على الإشراف على الاستفتاء.
وأغلقت بورصة القاهرة مرتفعة 3.5 بالمئة مع استبشار المستثمرين بما اعتبروه بوادر عودة إلى الاستقرار في بلد تتسع فيه رقعة الانقسام منذ الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بمبارك في 11 فبراير شباط 2011.
وقال محمد رضوان من شركة فاروس لتداول الوراق المالية إن موافقة مجلس القضاء الأعلى على الإشراف على الاستفتاء ولدت الثقة في أن التصويت سيجرى "برغم كل مظاهر الصخب والمظاهرات التي قد تحدث حتى ذلك الحين."
وقال رئيس الوزراء هشام قنديل في مقابلة مع تلفزيون (سي.إن.إن) "نأمل بالتأكيد أن تهدأ الأمور بعد انتهاء الاستفتاء."
وتريد جماعة الإخوان المسلمين التي وصلت الي السلطة من خلال صندوق الاقتراع للمرة الأولى منذ إنشائها قبل 84 عاما أن تحمي مكاسبها وهي مستعدة فيما يبدو لتجاهل احتجاجات الشارع التي يقوم بها من تعتبرهم أقلية لا تمثل الشعب.
والجماعة مصممة كذلك على منع القضاء الذي حل بالفعل مجلس الشعب الذي كان يهيمن عليه الإسلاميون من وضع مزيد من العقبات أمام مشروعها للتغيير.
ويقول محمد البرادعي منسق جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة إن على مرسي إلغاء إعلانه الدستوري والتخلي عن خطط إجراء الاستفتاء والموافقة على تشكيل جمعية تأسيسية جديدة أوسع تمثيلا لوضع دستور ديمقراطي.
وفي مقال رأي نشرته صحيفة فاينانشال تايمز اتهم البرادعي مرسي وجماعة الإخوان المسلمين بأنهم يعتقدون أن "بإمكانهم بجرة قلم إعادة (مصر) إلى الغيبوبة".
وكتب البرادعي -المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية- يقول "إذا استمروا في محاولتهم فسيجازفون باندلاع العنف والفوضى التي ستدمر نسيج المجتمع المصري". مواد متعلقة: 1. الرئاسة الفلسطينية تدين بشدة بناء إسرائيل «3600» وحدة استيطانية جديدة 2. «محمود عمارة»: مرسي مندوب الإخوان في شعبة الرئاسة 3. «الرئاسة» تنفي اتجاه مرسي لتجميد الإعلان الدستوري