"خطواتي في قاعة سلامة" هو عنوان المعرض الذي يقيمه الفنان د. رضا عبد الرحمن في قاعة "سلامة" بالمهندسين، والذي يتناول خلاله مراحله الفنية المختلفة منذ عام 2002 وحتى العالم 2012. تبدأ تلك المراحل، بمرحلة "البورتريه"، والتي تناولها الفنان برؤيته الخاصة، مهتما فيها بتعبيرات الوجوه دون الخوض في التفاصيل الدقيقة، وبخاصة رسمه وجه المرأة بأسلوبه الخاص الذي يتميز باستطالة الرقبة، وكذلك الخدين والأنف، مع الاهتمام بالخط الخارجي للبورترية، الذي منحه الفنان درجة واحدة من اللون الواحد ببساطة شديدة، مبرزا تعبيرات الوجه التي تعكسها إيماءات الرقبة والوجه والجزء العلوي من الجسد. في عدد من اللوحات يرسم الفنان المرأة يحوط برأسها هالة كبيرة من اللون الذهبي، وذلك على خلفية رمادية اللون، تلك الخلفية التي رأيناها في عدد كبير من لوحات الفنان، مستخدما بعض العناصر والرموز، وأحيانا الرسوم التخطيطية للأشخاص، وكأنها اسكتشات تتحرك بحرية داخل اللوحة لتصبح وكأنها اللوحة الأصلية بينما العنصر الأساسي وبطل اللوحة هو الخلفية. اهتم أيضا الفنان برسم السمكة، والتي حازت على عدد ليست بالقليل من أعماله، مستخدما بعض الرموز وأحيانا اللون الذهبي الفرعوني في تلك اللوحات. والسمكة أحيانا تظهر منفردة في لوحة، وأحيانا أخرى تعلو رأس أحد الأشخاص وكأنها تاج يزينه، وكأنما يقصد الفنان أن الرزق وقوت اليوم هو محور تفكير الإنسان المصري، فالسمكة دوما ما تعد رمزا للخير الوفير. ولم يظهر من السمكة في بعض اللوحات سوى شوكتها؛ حيث خليت تماما من اللحم، وكأنها دليلا على حالة الإنسان المصري الذي ضاق مستوى معيشته وغرق في الفقر في السنوات الأخيرة. رأينا أيضا في أعمال الفنان الديك يقف شامخا بجانب المرأة، تحديدا بالقرب من أذنها وكأنه يخبرها عن بعض الأسرار، كما يتطفل في بعض الأحيان ليقف بالقرب من امرأتين وكأنه يحاول سماعهما أو المشاركة في الحوار. واستخدم عبد الرحمن في لوحاته بعض الرموز من الفن المصري القديم، وأحيانا ما استخدم رمزا واحدا أو أحد العناصر كبطل لإحدى لوحاته، كالقط الفرعوني الشهير، والذي استقل لوحة مع المبالغة في استطالة جسده، ومن حوله يرسم بعض الرموز الفرعونية، والتي تصور بجانب بعضها البعض في مستويات متعددة في اللوحة كما فعل المصري القديم في لوحاته الجدارية. وفي مرحلة أخرى للفنان نجده يستلهم ملامح الفن المصري القديم؛ حيث نجد بناء اللوحة معتمدا على البناء التشكيلي الذي كان يستخدمه المصري القديم في لوحاته الجدارية، ولكن الفنان يستخدم عناصره ورموزه الخاصة ليقدم الفن الفرعوني بروح عصرية حديثه. ويبدأ الفنان في منح أشخاصه بعض من سمات رسوم أشخاص المصري القديم ولكن على استحياء؛ لتصبح تلك المرحلة تطورا طبيعيا لمرحلة لاحقة للفنان، زاد فيها اقتباس حركة أشخاص الفن المصري القديم، ولكنه استخدمها برؤيته وأسلوبه الخاص، تلك المرحلة هي الأخيرة للفنان والتي مازال يتناولها حتى الآن، وعرض منها ثلاثة لوحات كبيرة الحجم يستهلوا واجهة المعرض. هذه الأعمال ظهرت فيها الأشخاص بزاوية جانبية، بينما الجزء العلوي فقط من الجسد يظهر بشكل أمامي، كما أن حركات الزراعين هي نفسها عند المصري القديم، كتلك القبضة التي تستكين على الصدر، أو اليد المبسوطة التي ترتاح على الركبة، كما تقف الأشخاص أو الطائر في اللوحة على خط أفقي مثل الموجود عند الفن المصري القديم. لكن أشخاص عبد الرحمن هنا ترتدي ثوبا فضفاضا، لم تخف في بعض الأحيان ما تحتها. أما عن خلفية الثلاث لوحات، ففي اثنين قسم الفنان الخلفية إلى مساحتين لونيتين الربع الأعلى من اللوحة يستخدم فيه إحدى درجات الأزرق، بينما المساحة السفلى والتي تشمل أغلبية اللوحة فاستخدم فيها درجات اللون البيج في مساحات مستطيلة، يعلوها بعض الرموز الزخرفية التي تتناثر في جميع أجزاء هذا الجزء من اللوحة. أما خلفية العمل الثالث والأخير فهي بنفس درجة اللون الأزرق في اللوحتين الأخيرتين، ولكن تظهر تلك الموتيفة الزخرفية في النصف الأسفل من اللوحة. وعن تلك الأعمال الثلاثة فهي ضمن مجموعة كبيرة من اللوحات أبدعها الفنان هذا العام 2012، وسوف يقيم لها معرض لاحقا. أما عن أعمال هذا المعرض فهم أربعين لوحة، استخدم فيها الفنان الألوان الزيت، باستيل، أكواريل، والأكريلك لأنه أنتجها خلال عشرة سنوات ماضية. وفي مجمل هذا المعرض فهو يتميز بالمصرية الصميمة، بدءا من استلهام الفن الفرعوني، وانتهاء بارتباطه بالحالة الإنسانية المعاصرة، في علاقة وطيدة نجح الفنان فيها بمزج الماضي بالحاضر.