يبدو أن شبح الأسعار سيبقى كابوساً يؤرق المواطن في أي مكان من المحيط إلى الخليج ، فكل القرارات التي تتخذها الحكومات تأتي في الغالب بنتائج سلبية تقع في النهاية على كاهل المواطن الذي تستمر معاناته من ارتفاع اسعار السلع والخدمات . فبعد أن قررت وزارة العمل السعودية فرض رسوم جديدة على شركات القطاع الخاص العاملة في البلاد، التي يزيد فيها عدد العمالة الوافدة عن الموظفين السعوديين. وبمقتضى القرار سيتم استقطاع نحو 200 ريال شهريا، عن كل عامل وافد مضاف على عدد الموظفين السعوديين العاملين في تلك الشركات.
ارتفاع الأسعار
وبعد هذ القرار توقع خبراء ومتعاملون أن يشهد السوق السعودي ارتفاعا في أسعار السلع والخدمات، في أكثر من 50 نشاطا تجاريا.
وقال هؤلاء الخبراء :"القرار لا يخدم ما تطمح له وزارة العمل في الحد من التستر التجاري، خاصة في المشاريع الصغيرة".
وأضافوا أن هؤلاء سيعمدون إلى رفع أسعار بعض السلع بنسب تتراوح ما بين 10 إلى 30%، إضافة إلى أن القرار لا يساهم بشكل كبير في الحث على توظيف السعوديين، على اعتبار أن المبلغ قليل، ويمكن حله بزيادة متفاوتة على المنتج.
الأكثر تضررا
من جانبه أوضح الخبير الاقتصادي عبدالعزيز الحارثي أن قطاعات المطاعم والحلاقة ومحلات التجزئة من ملابس وأدوات كهربائية ومنزلية والمكاتب الاستشارية هي أكثر القطاعات المتضررة من القرار، وليس أمامها سوى رفع سعر السلعة أو الخدمة لتحمل فرض الرسوم البالغة 2400 ريال سنويا.
وقال الحارثي :"أتوقع أن يؤثر القرار على المستهلك بصفة مباشرة عن طريق رفع الأسعار، دون أن يحقق الهدف الذي تطمح وزارة العمل إليه بالإسراع والحث على توطين الوظائف للسعوديين في مهن تشهد عزوفا كبيرا من السعوديين، إما لقلة الرواتب أو عدم وجود كوادر مؤهلة لشاغلي تلك المهن".
وأضاف: نجحت وزارة العمل في التوطين في قرارات سابقة، لكن هذا القرار لن يؤثر على مسيرة "السعودة"، على اعتبار أن المبلغ بسيط، ويمكن أن يدفع سواء من شركات نظامية أو متسترة عن طريق رفع الرسوم وتحصيلها من المستهلك، وتلافي المشكلة التي تواجههم.
تباين الآراء
وتسبب القرار الجديد في إثارة العديد في ردود الفعل المتباينة على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، ففي الوقت الذي استحوذ فيه على تأييد قطاع واسع من الشباب السعودي يرى آخرون أن القرار سيساهم في رفع الأسعار ولن يقدم جديداً للمواطن.
ففي البداية أثنى "Ahmad U Alghamdi" على القرار باعتباره يسعى لتمكين المواطن السعودي من الوظائف التي يستحوذ عليها الأجانب وقال: "قرار ممتاز ولكن كان أفضل لو كان يطبق بالنسبة على الرواتب، يعني العامل يأخذ منه 200 لكن المدير اللي ياخذ منه 200 أعتقد أنها قليلة أشوف أفضل لو كانت نسبة 10% من الرواتب".
واعتبرت " Samer Haddash " القرار حلا جيدا لمشكلة البطالة ووصفته بأنه: "قرار في الصميم". كما أشاد عبد الرحمن المورقي بالقرار ووصفه بالحكيم مؤكداً أنه صحيح بنسبة 100 بالمائة ولا مجال للانتقاد أو التقليل منه.
وعلى النقيض يرى "Emad Khoja" أن القرار سيساهم في رفع نسبة قليلة جداً من التوطين لأنه فرض 2400 ريال سنوياً بينما راتب السعودي الأدنى 36000 ريال سنوياً وقال:"سيبقى الحال على ما هو عليه والمستفيد الوحيد مكتب العمل ... وقد يضغط الكفيل على مكفوله ليخصم الرسوم من راتبه وهنا ستقع الجريمة والحقد والغبن لدى العمالة المتدنية الأجور والحل في رأيي أن ترفعوا نسبة التوطين بفترات متفاوتة ومدروسة".
وقال "Khaled Arkadious": كان لابد من التمهيد حتى تأخذ المؤسسات والشركات احتياطاتها فأولاً تم عمل نظام نطاقات ولكنه أدى إلى نتيجة تواجد وهمي للسعوديين في المؤسسات مقابل راتب شهري بدون عمل فعلي، أما الآن هذا القرار يجعل أصحاب المؤسسات تفرض على العامل سداد رسوم رخصة العمل وبالتالي لا فائدة من العمل من الأساس لأن الرواتب ضعيفة أصلا، فالعامل الذي راتبه 800 ريال ماذا سيحدث له؟ وهذا القرار سيزيد من رفع الأسعار وهروب العمالة. أرجو الرأفة بالعمالة الوافدة فهي المحرك الأساسي للسوق السعودي وشريك مهم فيه.
احتجاج المراجعين
وشهدت مكاتب العمل بالمملكة احتجاجا من قبل المراجعين ، وذلك في اليوم الأول لتطبيق قرار وزير العمل . وتزامنت تلك الاحتجاجات مع البدء في تطبيق القرار معللين رفضهم لهذا القرار لما يترتب عليه من تبعات وضغط على أصحاب المؤسسات الخاصة وخاصة المنشآت الصغيرة والمتوسطة والتي كان من الواجب مراعاة ظروفها ودعمها بدلاً من إرهاقها تكاليف إضافية من الممكن أن تتسبب في إغلاقها.
وأكد عدد من المراجعين في عدد من مكاتب العمل بالمملكة رفضهم لهذا القرار وتذمرهم كون القرار صدر نهاية الأسبوع الماضي ولم تعط الوزارة الوقت الكافي لمعرفة القرار أو أخذ وجهة نظر المعنيين بتطبيقه مما تسبب في ارتباك كبير في جميع فروع مكاتب العمل يوم الأربعاء الماضي بعد توافد أعداد كبيرة من المراجعين لاستغلال اليوم الأخير قبل تطبيق القرار، مؤكدين أن لهم الحق في معرفة القرار ودراسته ومعرفة أبعاده قبل تطبيقه.
وفي جدة تذمر عدد من رجال الأعمال على قرار وزارة العمل الخاص بتطبيق قرار رفع تكلفة العمالة الوافدة بتحصيل مقابل مالي يبلغ مائتي ريال شهرياً بواقع 2400ريال سنويا من جميع منشآت القطاع الخاص التي يزيد فيها عدد العمالة الوافدة عن العمالة الوطنية سيكون مؤثراً على منشآت القطاع الخاص التي في نطاقها الأحمر كونها ستتكبد خسائر مالية كبيرة في دفعها هذه المبالغ الكبيرة حال تجاوز أعداد عمالتها بالآلاف.
خسائر كبيرة
من جانبه قال رجل الأعمال ورئيس مجلس إدارة شركة آل رضوان للخرسانة الجاهزة المهندس عبدالله: إن القرار سيكون مؤثراً بشكل مباشر على منشآت القطاع الخاص التي في نطاقها الأحمر كونها ستتكبد خسائر مالية كبيرة في دفعها هذه المبالغ الكبيرة حال تجاوز أعداد عمالتها بالآلاف، وفي وجهة نظر أخرى بين المهندس رضوان ان القرار ايجابياته أكثر من سلبياته وساهم بشكل كبير في معالجة العوائق التي تواجهها العمالة الوافدة في تجديد رخصهم العمالية واقاماتهم النظامية بالمملكة خاصة وان شركات النطاق الأحمر تواجه عوائق في توظيف المواطنين السعوديين الذين لا يعملون في وظائف مهنية كالنجارة والسباكة والحدادة معتمدين على نظام حافز الذي يمول حساباتهم الشهرية بمبلغ الاعانة الذي لا يتجاوز 2000 ريال.
من جهته أكد رجل الأعمال ورئيس مجلس إدارة شركة الجابري لاستيراد المواشي سليمان بن سعيد الجابري ان القرار الذي أصدرته وزارة العمل سيكون مؤثراً بشكل مباشر على منشآت القطاع الخاص التي في النطاق الأحمر كون المنشآت لا تستطيع تجاوز هذا النطاق نتيجة عدم لجوء طالبي العمل من المواطنين السعوديين إلى العمل في تجارة المواشي والاعتماد على العمالة الوافدة في كافة بنود هذه التجارة.
وقال الجابري: إن القرار يعتبر خطوة جديدة تحسب لوزارة العمل في تجاوز شركات النطاق الأحمر نطاقها كما أننا نطالب الوزارة بضرورة إعادة النظر في بعض الشركات الحاصلة على النطاق الأحمر كونها تتكبد غرامات وخسائر نتيجة عدم تجاوزها النطاق الأحمر ووصولها للنطاق الذي يليه حيث إن إعادة النظر والاشتراط بنسبة سعودية معقولة لتوطين الوظائف في القطاع الخاص يحقق تطلعات وخطط اقتصاديات المملكة في دعم اقتصادها الوطني.
وأضاف أن قرار وزارة العمل له أهداف مستقبلية يعود لإشراك منشآت القطاع الخاص في المسؤولية المشتركة الهادفة إلى تأهيل وتوظيف أبناء وبنات الوطن في القطاع الخاص.
قرار متسرع
وأكد رئيس مجلس الغرف السعودية عبد الله المبطي إن قرار وزارة العمل برفع تكلفة العمالة الوافدة مفاجئ ومتسرع.
وقال المبطي "إن القرار لاقى تحفظا كبيرا من القطاعات، يتصدرها قطاع المقاولات الذي تسيطر العمالة الوافدة على أكثر من 90 % من الوظائف".
وأشار إلى أن القرار سيؤثر في قطاع المقاولات بشكل سلبي، خاصة أن أغلب شركات المقاولات بالنطاق الأحمر، ولم تستطع تحقيق نسب السعودة المطلوبة.
وكشف رئيس مجلس الغرف السعودية عن أن المجلس سيرفع دراسة بهذا الخصوص لوزير العمل عادل فقيه.
تضخم بالأسواق
من جانبها حذرت لجان في مجلس الغرف السعودية من تفجر أزمة تضخم في المملكة قد تصل إلى 50 في المائة، بعد صدور قرار وزاره العمل الرامي إلي رفع تكلفه العامل الوافد الواحد إلى 2500 ريال سنويا. وفي هذا الإطار ارسل أعضاء في مجلس الغرف برقيات إلي المقام السامي، والي ولي العهد تتضمن الاشاره إلى وجود ضرر واضح من هذا القرار علي الاقتصاد الوطني.
وشدد عدد من أعضاء اللجان الوطنية، وأعضاء لجان في الغرف التجارية الصناعية علي التنبه لمغبة إصدار قرارات حمائيه تلزم السوق المحلية بمنع رفع الأسعار، بسبب ارتفاع تكلفه العمالة باعتبار أن ذلك سيقود الي ما يعرف ب "التضخم المكبوت" نتيجة فرض يحول دون رفع السعر. وخلصوا الي ان الوضع بشكله الراهن سيؤدي حتما الي إصابة السوق المحلية بالتضخم.
ويبحث مجلس الغرف السعودية من خلال تشكيل لجنه عاجله لدراسة وحصر أضرار القرار، تمهيدا لمناقشتها في الاجتماع الذي سيعقد الشهر الجاري بعد طلب تقدمت به عده غرف تجاريه صناعية من بينها غرفة تجارة وصناعه المدينةالمنورة، اثر رفع رئيس مجلس الاداره الدكتور محمد الخطراوي خطابا يطلب فيه إيجاد حل عاجل، والرفع للجهات المختصة بذلك لحماية السوق المحلية من أي تداعيات.
آلية للتعويض
نائب وزير العمل الدكتور مفرج الحقباني يؤكد أن هنالك آلية لتعويض المتضررين من قرار الوزارة القاضي برفع رسوم تكلفة العامل إلى 2400 ريال .
وقال الحقباني إن هنالك آلية لتعويض المتضررين من القرار، لاسيما المرتبطين بعقود عمل سابقة، وذلك من خلال تقديم ما يثبت تضررهم إلى مجلس الغرف، الذي تم الاتفاق معه على تقديم طلبات التعويض إلى جهات الاختصاص، مستبعداً وجود أي توجه لدى الوزارة لإيقاف تنفيذ القرار.
ورأى الحقباني أن ما تردد عن وجود احتجاجات من قِبل بعض رجال الأعمال في مكاتب العمل في عدد من المناطق، لا تعدو كونها مجرد استفسارات عن آلية وكيفية تطبيق القرار، مشيراً إلى أن التكلفة المنخفضة للعمالة الوافدة، التي تقدر بنحو ثمانية ملايين عامل في السوق السعودية، تحول دون توطين الوظائف، وكان مبرراً لرفع تكلفة العمالة الأجنبية بهدف إتاحة الفرصة أمام توظيف السعوديين، حيث إن صاحب العمل يبحث دائماً عن العمالة الأرخص.
وحول ما أثير عن أن القرار يتعارض مع برنامج "نطاقات"، قال الحقباني إن القرار منفصل بشكل نهائي عن نطاقات، كون القرار يعتمد على دفع صاحب العمل رسوماً على عدد العمال الذين يزيدون عن أعداد السعوديين العاملين في منشأته، كاشفاً عن أن المؤسسة التي يتساوى فيها عدد العاملين السعوديين بعدد العمالة الأجنبية ستُعفى من دفع هذه الرسوم. مواد متعلقة: 1. وزير العمل السعودي: رصدنا 1.5 مليون عاطل حتى الآن 2. وزير العمل السعودي يطلق المرحلة الثانية من برنامج "حافز" 3. وزير العمل السعودي: إلغاء نظام الكفيل في المملكة أمر غير مطروح