يحتدم الجدل في الأوساط التركية حول عقوبة الإعدام وذلك بعد عشرة أعوام من الإلغاء، وهناك مطالب بعودتها لتشكل برأي المطالبين رادعا للمجرمين، حيث أكد رئيس الوزراء التركي طيب أردوغان أن على بلاده أن تفكر في إعادة عقوبة الإعدام بعد مرور عقد من الزمان على إلغاء العقوبة في إطار إصلاحات كانت تهدف إلى الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي. وكان اردوغان قد صرح مرات عدة خلال الشهر الجاري بنيته طرح موضوع إعادة تطبيق عقوبة الإعدام للنقاش داخل البرلمان . مؤكدا أن الحزب الحاكم يؤيد إعادة العمل بهذه العقوبة.
وأثار أردوغان القضية للمرة الأولى في اجتماع حزب العدالة والتنمية حين قال إن استطلاعات الرأي أوضحت تأييدا قويا لإعادتها.
أسباب الإلغاء
وكانت تركيا قد ألغت عقوبة الإعدام في أوقات السلم استجابة لضغوط الاتحاد الأوروبي الذي أعتبر إلغاء هذه العقوبة أحد أهم شروط انضمام أنقرة إلى الأسرة الأوروبية ، لكن التقدم الذي أحرزته تركيا للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي توقف في السنوات الأخيرة وسط معارضة من فرنسا وألمانيا، وأصبح أردوغان رافضاً للاتحاد الأوروبي على نحو متزايد وركز بدلاً من ذلك على دور تركيا كقوة إقليمية.
فنجد أن الاتحاد الأوروبي يعارض بشدة عقوبة الإعدام رغم أنه ما زالت دول غربية ومتقدمة مثل الولاياتالمتحدة واليابان، تطبق تلك العقوبة.
وكان البرلمان التركي قد ألغى عقوبة الإعدام في أغسطس / آب عام 2002 لتحسين سجل تركيا في مجال حقوق الإنسان, لكن في نوفمبر 2003 تمت المصادقة نهائية على القرار.
وأعرب المجلس الأوروبي المعني بمراقبة حقوق الإنسان في أوروبا وقتها عن تأييده لهذه الخطوة, واعتبر رئيس الجمعية البرلمانية بالمجلس بيتر شايدر عقب إلغاء العقوبة - القرار خطوة ذات أهمية سياسية كبيرة من شأنها تعزيز آمال تركيا في إقناع الزعماء الأوروبيين ببدء محادثات بشأن الانضمام لعضوية الاتحاد الأوروبي.
ودعا المجلس روسيا لتحذو حذو تركيا وتصادق على البروتوكول السادس لأنها الدولة الوحيدة بين أعضاء المجلس التي مازالت قوانينها تشمل عقوبة الإعدام رغم تعليق العمل بها منذ عام 1996.
وترجع آخر مرة تنفذ فيها عقوبة الإعدام بحق سجين في تركيا إلى عام 1984، كما اعدم رئيس الوزراء عدنان مندريس ووزيرين في 1961 بعد عام من استيلاء الجيش على السلطة.
القصاص من القتلة
وأوضح أردوغان انه يطالب بإعادة العمل بعقوبة الإعدام لمواجهة تصاعد الهجمات الإرهابية في تركيا والتصدي لجرائم القتل.
وقال :"يجب مناقشة تطبيق عقوبة الإعدام التي ألغتها تركيا قبل 10 سنوات بعد تزايد معدلات جرائم القتل والأعمال الإرهابية في البلاد في السنوات الأخيرة".
وأضاف أن دولا عدة تطبق عقوبة الإعدام من بينها الولاياتالمتحدةالأمريكيةوروسيا والصين واليابان متسائلا عن الأسباب التي تمنع تركيا من إعادة العمل بهذه العقوبة.
واعتبر أن من حق ذوي ضحايا جرائم القتل المطالبة بالقصاص من القتلة وقال "إذا كانت الدولة تستطيع الصفح عن مرتكبي جرائم القتل فان ذوي ضحايا هذه الجرائم وجرائم الإرهاب يجب أن يتم الأخذ برأيهم في هذه المسالة".
ويأتي مشروع اردوغان بإدراج هذه المسالة على جدول أعمال البرلمان في الوقت الذي يقوم فيه نحو 700 معتقل كردي بإضراب عن الطعام في السجون التركية للمطالبة بتحسين ظروف اعتقال أوجلان المحبوس انفراديا.
وكان عبد الله أوجلان اعتقل وحكم عليه بالإعدام عام 1999 ثم خففت العقوبة إلى السجن المؤبد في تشرين الأول / أكتوبر 2002 بعد إلغاء عقوبة الإعدام في تركيا تحت ضغط الاتحاد الأوروبي الذي تطمح أنقرة في الانضمام إليه.
"الأوروبي" يعترض
لكن تصريحات اردوغان لم تلق قبولا لدى الاتحاد الأوروبي الذي قال على لسان المتحدث باسم المفوض الأوروبي لشئون توسيع الاتحاد بيتر ستانو أن إعادة عقوبة الإعدام للتطبيق في تركيا لن تكون خطوة جيدة.
وأضاف ستانو أن الاتحاد الأوروبي الذي ألغت دوله الأعضاء عقوبة الإعدام يعمل على إقناع كل دول العالم بإلغاء هذه العقوبة.
وأوضح أن إلغاء هذه العقوبة هي احد أهداف سياسة حقوق الإنسان التي يتبعها الاتحاد الذي يضم 18 دولة عضوا كما تعد احد الأعمدة الأساسية لمبادئ حقوق الإنسان الأوروبية.
زيادة شعبيته
وتعليقا على هذا المطلب ، اتهم معلقون سياسيون أردوغان بمحاولة زيادة شعبيته قبل الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 2014 والمتوقع على نطاق واسع أن يخوضها.
فقد كشفت العديد من المسئولين عن نية أردوغان في ترشيح نفسه لمنصب رئاسة الجمهورية في الانتخابات الرئاسية المقبلة في تركيا عام 2014.
وستنتهي فترة الرئيس التركي الحالي عبدالله جول في عام 2014، بعد أن قدم حزب العدالة والتنمية الحاكم تعديلاً على قانون انتخاب رئيس الجمهورية، ينهي جدلاً ثار حول المدة القانونية للرئيس جول الذي يفترض أن تنتهي ولايته الرئاسية عام 2014.
وأظهرت آخر استطلاعات الرأي الخاصة بانتخابات الرئاسة التركية لعام 2014 أن رجب طيب سيكون المرشح الفائز، وفي حال فوزه سيكون هذا الرئيس القومي الإسلامي أقوى حاكم في البلاد منذ مصطفى كمال أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة الذي حكم قبل 90 عامًا. مواد متعلقة: 1. الرئيس التركي : الجيش والشعب مستمران في مكافحة الإرهاب 2. تركيا: تقرير الاتحاد الاوروبي بحقنا تخطي حدوده 3. تركيا تطالب السجناء بإنهاء إضرابهم عن الطعام