حذرت دراسة علمية أُلقيت في (الملتقى العالمي في حب رسول الله صلى الله عليه وسلم)، الذي نظمته رابطة الجامعات الإسلامية مؤخرًا، للدكتور كمال بريقع عبد السلام بكلية اللغات والترجمة – جامعة الأزهر، حذرت من الخطأ الكبير الذى يقع فيه كثير من الباحثين والمترجمين وبعض العلماء، عند تناول شهادات المستشرقين وأقوالهم عن الإسلام، من خلال التركيز على الشهادات المنصفة التي صدرت من بعض المستشرقين للنبى محمد (صلى الله عليه وسلم) ورسالته وإبرازها، وغض الطرف عن الإساءات التى صدرت من هؤلاء الكُتَّاب أنفسهم فى حق الإسلام ورسوله.. مما يترتب عليه إضفاء المصداقية على هؤلاء المستشرقين، وشيوع كتاباتهم وذيوع صيتهم كمنصفين للإسلام، الأمر الذي يؤدي إلى انتشار تلك الآراء بين الجماهير، في حين أن المتتبع لجُملة إنتاجهم يجد أن هناك إساءات بالغة السوء للإسلام ورسوله يحاولون الترويج لها من خلال وضعها في هذه السياقات المنصفة ولكي يكسوها بثوب الحيدة والموضوعية وهي أبعد ما تكون عن الحيدة والموضوعية والإنصاف تجاه الإسلام. ويؤكد الباحث على أنه كان من الأجدر بهؤلاء الباحثين التنبيه على ما وقع فيه المستشرقون من تناقض وجور، وخلط الحق بالباطل والحقيقة بالخيال. وتناولت الدراسة التي جاءت تحت عنوان (مواقف الباحثين المسلمين المعاصرين من الكتابات الاستشراقية) خطورة الموقف الإنتقائى أيضا من الكتابات الاستشراقية للباحثين المسلمين الذين ينتقون من إنتاج المستشرقين الآراء السلبية، وذلك إذا أرادوا تصوير حقد بعض الكُتَّاب وإظهار عدائهم للإسلام ورسوله عليه الصلاة والسلام. وتعرضت الدراسة لتوجه ثالث للباحثين المسلمين إزاء الكتابات الإستشراقية إذ يقبلون كل ما جاء به الاستشراق -دون تمحيص- والإنحناء أمام كل ما أنتجته العقلية الغربية التى استطاعت أن تحرز التقدم المادى فى كل جوانب الحياة المختلفة، والنظر إلى ذلك التراث بعين الإعزاز والإجلال، ويذهب البعض إلى ما هو أبعد من ذلك فيتبنى هذه الآراء ويرددها ليل نهار فى المحافل العلمية والثقافية، وقد يصل الأمر ببعضهم إلى انتحال هذه الآراء ونسبتها لأنفسهم وكأنها إفرازاً لتجليات عقولهم. ويحذر الدكتور كمال بريقع من خطورة الاتجاهات السابقة، إذ يؤدي اتجاه الانتقاء الإيجابي من الكتابات الغربية عن الإسلام إلى الترويج لمستشرقين يدسون السم في الدسم، مما يؤدي إلى شيوع أسمائهم في الكتابات البحيثة والقوالب الإعلامية، ويخلق منهم أبطالا مدافعين عن الإسلام وهم في الحقيقة غير ذلك. في حين يؤدي الانتقاء السلبي من الكتابات الغربية عن الإسلام إلى تصوير الغرب على أنه عدو للإسلام مما يعمق تكريس روح العداء والكراهية وتعميق الهوة بين الشرق والغرب. في حين يؤدي الاتجاه الثالث للذين يؤمنون بكل ما جاء على ألسنة المستشرقين الغربيين دون وجود مناعة فكرية ذاتية تحصنهم، إلى تهديد هويتهم وتغريبهم وانسلاخهم من ثقافتهم وتأثيرهم في الكثيرين من أبناء جلدتنا. ولا شك أن كل هذه الاتجاهات السابقة تبتعد عن الأمانة العلمية وتفتقد إلى روح الحياد والنزاهة التى تمثل أساس البحث العلمي السليم. *المدير التنفيذي لرابطة الجامعات الاسلامية