بعد اصابة الرئيس الموريتاني..من يمسك مقاليد الأمور؟ كتبت - منارة جمال وسط صراع داخلي وأزمة سياسية تعيشها موريتانيا، في الفترة الحالية، بين المعارضة والرئيس الموريتاني، حيث تطالب المعارضة برحيل الرئيس بأي ثمن، ويصر الرئيس على إكمال مأموريته وعلى الاحتكام إلى انتخابات عامة، وقع الحادث الغامض بإطلاق النار على الرئيس.
وقد شاب هذا الحادث والذي يعد الأول من نوعه في تاريخ البلاد الغموض، حيث وصفت المعارضة الروايات الرسمية وشبه الرسمية عن الحادث ب"المتضاربة وغير المقنعة".
الرئيس والمعارضة وكان الرئيس الموريتاني ولد عبد العزيز أُصيب بطلق ناري مساء السبت، من طرف كتيبة للجيش الموريتاني على بُعد 40 كلم شمال العاصمة نواكشوط، وتم نقله إلى المستشفى العسكري بالعاصمة فور الحادث، ثم نقل أمس الأحد إلى فرنسا لتلقى العلاج في أحد مستشفياتها.
من جانبها، طالبت منسقية المعارضة الموريتانية ب"ضرورة إطلاع الشعب على ملابسات الحادث كاملة والحالة الصحية لرئيس الدولة".
وأعلنت المنسقية التي تضم عددًا من أحزاب المعارضة بالبلاد، في بيان وزع على الصحفيين مساء الأحد، عن تعليق أنشطتها الاحتجاجية الجماهيرية حتى إشعار آخر، مشيرة إلى "تشكيل لجنة لمتابعة تداعيات الأحداث"، ووصفت المنسقية في بيانها الروايات "الرسمية وشبه الرسمية عن الحادث بالمتضاربة وغير المقنعة".
روايات رسمية
وكان حمدي ولد المحجوب وزير الاتصال الموريتاني، قد قال في لقاء مع إذاعة موريتانيا، عقب الحادث: "إن الرئيس الموريتاني أُصيب بطلق ناري من طرف "نيران صديقة" عن طريق الخطأ في إشارة للكتيبة".
ولم يخض الوزير الموريتاني في الظروف والملابسات التي اكتنفت عملية إطلاق النار، واكتفى بالقول: "إن الرئيس كان في إحدى جولاته الخاصة، ومر عند حلول المغرب بحاجز عسكري في بلدة أطويلة "40 كلم شمال العاصمة"، واشتبه الحراس بالسيارة التي تقله، بعد أن تجاوزت الحاجز، فأطلقوا عليها طلقات تحذيرية، أصابت إحداها الرئيس بجروح".
كما بث التلفزيون الرسمي الموريتاني ظهر الأحد، لقطات لولد عبد العزيز وهو على سريره داخل المستشفى العسكري، قبيل مغادرته اليوم الى باريس، حيث بدا شاحب الوجه، وقال: "اودّ بهذه الكلمات أن اطمئن كل المواطنين الموريتانيين، اؤكد لهم أن الجراحة التي اجريت لي كانت ناجحة بفضل فعالية الفريق الطبي الذي اجراها".
مطالب وتساؤلات من جهته، طالب حزب الاتحاد والتغيير الموريتاني، المعارض، بكشف ملابسات الحادث الذي تعرض له الرئيس الموريتاني.
وقال الحزب في بيان له مساء أمس، وزع على الصحفيين: "توصلنا إلى الأنباء التي تؤكد إصابة الرئيس بطلق ناري ونحن في انتظار أن تتكشف حقيقة ما جرى وكشف ملابسات ما حدث للرأي العام الوطني".
وفي سياق متصل، نشرت وكالة "أخبار" موريتانيا، المستقلة، مساء الأحد، قائمة المرافقين لولد عبد العزيز إلى باريس وهم مدير الديوان الرئاسي اسلكو ولد أحمد بيه، والمستشار برئاسة الجمهورية أحمد ولد أباه، والمدير العام لبروتوكول الدولة لمان ولد محمد ولد همر، بالإضافة إلى الطبيب الخاص لولد عبد العزيز العقيد أحمد ولد سيدي محمد.
من جانبها ذكرت جريدة "الخليج" الإماراتية أن الرواية الرسمية للحادث تعاني من فقدان "حلقات كثيرة"، إن لم يكن فقدان السلسة بأكملها، من بينها كيف استهدف الرئيس في منطقة عسكرية ومعلوم أنه كان متواجداً في نواحيها، ومن أطلق النار بهذه الكثافة التي أصابت الرئيس بثلاثة عيارات نارية أحدها في البطن، رغم الشراسة المعروفة عن الحرس الرئاسي الموريتاني، والدفاع المستميت الذي أبداه الحراس في محاولة لحماية رئيسهم .
وقد توالت التساؤلات بعد الحادث منها: "ما هو سر العسكرة الأمنية التي تعيشها نواكشوط منذ أسابيع وتشارك فيها جميع وحدات الجيش والأمن (الحرس، أمن الطرق، الشرطة، الدرك، الجيش)؟، وهل هي مرتبطة كما تم تسريبه بدخول عناصر سلفية إلى البلاد، أم عن مخاوف مما وقع أي استهداف محتمل للرئيس؟".
كما أسفر هذا الحادث عن تخبط داخل المعارضة واستفسارات عديدة منها: "من أطلق النار؟ وكيف؟ وما نتائج التحقيقات الجارية، وهل هي للتمويه فقط، وهل حدث اختراق لوحدات الجيش وفق التعبير "حادث عرضي مدبر"، وما سر حملة التفتيش المستمرة شمال نواكشوط إذا كان حادثا عرضياً وصاحبه معروف و"معذور" في إطلاق النار للاشتباه، وفق الرواية الرسمية .
مقاليد الأمور وبعد هذه الحادث، والوضع الصحي للرئيس وسفره إلى فرنسا أصبح الشغل الشاغل في الساحة الموريتانية هو من سيتولى أمور البلاد في هذه الفترة، فثمة تداعيات واستفسارات كثيرة مرتبطة بهذا الحادث الأول من نوعه:
أولا: العامل المرتبط بحقيقة صحة الرئيس ولد عبد العزيز وفترة غيابه عن البلاد، حيث لا يوجد في الدستور الموريتاني منصب نائب للرئيس يسير شئون البلاد، وإنما هناك تقاليد مطاطة بأن يتولى الوزير الأول "رئيس الوزراء" تسيير الشئون العامة والضرورية.
ولكن رغم ذلك، إلا أن هناك معلومات تؤكد أن مقاليد الأمور الآن باتت بيد الجنرال القوي محمد ولد الغزواني، قائد أركان الجيش، وضباط محدودين في الحرس الرئاسي أقوى وحدات الجيش الذي لا يخضع لقيادة الأركان، وإنما يتبع مباشرة للرئيس.
ثانيا: " قدرة جنرالات المجلس الأعلى للأمن القومي، على الوفاء لرفيقهم ورئيسهم المصاب الذي لا يتمتع بمؤسسات سياسية حقيقية وفاعلة تحميه، وإذا تم الأخذ بالاعتبارات الأخلاقية والإنسانية والاجتماعية في هذا الإطار، فإن هناك ضغوطاً كبيرة كانت تمارس على الجيش من المعارضين المناوئين بالتخلص من ولد عبد العزيز باعتبار حكمه "حكماً قبلياً كارثياً" على البلاد وعلى ثرواتها.
أما العامل الثالث فهو موقف المعارضة التي جمدت بعض نشاطاتها في انتظار استجلاء الصورة الكاملة للحادث و"تمنياتها بعودة ولد عبد العزيز إلى أسرته سالماً"، بينما أحجمت المعارضة عن بلورة موقف عام صارم من هذا الحادث، وكأن واقع حالها يميل مرة أخرى إلى استبدال عسكري بآخر .
دعم غربي وبعد هذا الحادث المؤلم، فإن الدول الغربية تدعم حليفها ولد عبد العزيز في أزمته الحالية، خاصة وأنه وفًّى بكل التزاماته الأمنية السابقة، ونقل التعاون العسكري الغربي الموريتاني إلى مستويات غير مسبوقة.
وجاء الحادث في وقت يتم فيه تحضير المنطقة لحرب إقليمية ضد الفرع المغاربي للقاعدة وتحرير شمال مالي من الجماعات الإسلامية المسلحة، وفي حين تعول فرنسا وأمريكا والدول الإفريقية على دور "طليعي" للجيش الموريتاني في الحرب المنتظرة، وهو دور يبدو حتمياً خاصة في ظل ما تردد عن "ليونة" في الموقف الجزائري من التدخل العسكري، بعد ما اعتبر هنا في موريتانيا "تحفزاً"مغربياً للمشاركة في الحرب في شمال مالي. مواد متعلقة: 1. الرئيس الموريتاني ينفي تعرضه لمحاولة اغتيال 2. الرئيس الموريتاني ينفي تعرضه لمحاولة اغتيال 3. سياسي موريتاني يشنق نفسه