مركز "محيط" للدراسات السياسية والإستراتيجية دراسة من إعداد : فريق العمل المعني برصد الثغرات في تنفيذ الأهداف الإنمائية للألفية
حذرت دراسة للأمم المتحدة اليوم من مخاطر تباطؤ إنجاز الاهداف الانمائية للالفية بسبب تراجع المساعدة الإنمائية مشيرا إلى أنه رغم إنجاز العديد من الأهداف الهامة في خطة التنمية للألفية قبل الموعد النهائي لسنة 2015، فقد برز و للمرة الأولى منذ سنوات انخفاض المساعدة والذي يهدد بتباطؤ نسق المكاسب الإنمائية الهامة.
ويأتي التحذير الذي أطلقه فريق العمل المعني برصد الثغرات في تنفيذ الأهداف الإنمائية للألفية قبيل إنعقاد الإجتماع السنوي رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع القادم بنيويورك.
وتشير الدراسة التي صدرت تحت عنوان " الشراكة العالمية من أجل التنمية: تحويل الكلام إلى واقع" إلى أنه من غير المستبعد أن لا يتم التوصل إلا لإنجاز القليل من الأهداف الإنمائية للألفية المتعلقة بالحد من الفقر، وفي عدد أقل من البلدان بحلول الموعد النهائي عام 2015 وذلك في غياب التزام واضح من قبل الحكومات المانحة
و أشار الخبراء المشاركون في التقرير من مختلف هيئات منظومة الأممالمتحدة إلى صعوبة تحديد مجالات تقدم جديدة هامة في الشراكة العالمية لتحقيق الأهداف، بل أشاروا الى أنه لأول مرة هناك علامات تراجع. فبعد أن وصل حجم المساعدة الإنمائية الرسمية ذروته في عام 2010، انخفض سنة 2011 بنسبة تناهز 3% إعتمادا على حساب الأسعار و أسعار الصرف. و بموازاة ذلك ذكر التقرير أن البلدان الفقيرة عانت أيضا نكسات في الوصول إلى الأسواق بصادراتها.
وقد كانت دراسة او تقرير إنجازالاهداف الانمائية للالفيةلسنة 2012 الصادر في شهريوليو الماضي ذكر أنه تم إنجاز الأهداف التنموية المتعلقة بالفقر و المياه و السكن العشوائي و المساواة بين الجنسين في التعليم الإبتدائي رغم تحديات التمويل الكبيرة . كما تم تحقيق تقدم في النفاذ للتعليم الإبتدائي و لعلاج مرض الإيدز. و ذكر تقرير الفريق المعني برصد الثغرات في تنفيذ الأهداف الإنمائية للألفية أنه لا يزال من الممكن تحقيق بقية الأهداف إذا لم تتراجع الحكومات عن الإلتزامات التي تعهدت بها قبل عشر سنوات و إذا توفر دعم دولي ملائم. و يقدم التقرير الذي صدر اليوم توصيات للمجموعة الدولية للمحافظة على زخم المكاسب الهامة في إنجاز أهداف الألفية.
الثغرات في مساعدات التنمية:
وحسب التقرير هناك فجوة بين المساعدة المقدمة فعلا و بين ما تم التعهد بتقديمه بقيمة 167 مليار. و يحذر التقرير من أن تأخير الإنعكاس الناتج عن الأزمة الاقتصادية على ميزانيات الدول المانحة بين عامي 2013 و 2015 يهدد بتوسيع الفجوة.
و قد كانت الدول المانحة إلتزمت في قمة مجموعة الثمانية في غلين إيغلز في 2005 بزيادة المساعدات لافريقيا بمقدار 25 مليار دولار سنويا بحلول عام 2010 دون ن يتم تحقيق هذا الهدف و تراجعت المساعدات من لجنة المساعدة الإنمائية ب 18.2 بليون دولار (باسعار2010) فيما انخفضت دفوعات المساعدة نحو أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى فعليا بنسبة 1% تقريبا سنة 2011.
وفي مقدمته للدراسة ( التقرير ) قال الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، لقد تم خلال مؤتمر ريو +20 تقديم تعهدات لأجندة طموحة للتنمية المستدامة .لكن للحفاظ على مصداقية تلك التعهدات يجب علينا الوفاء بالالتزامات السابقة. و قال بان كي مون " علينا كمجموعة عالمية أن نجعل الخطاب حقيقة واقعة ونفي بوعودنا لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية ".
و تشير الدراسة إلي أن 16 من المانحين ال 23 الأعضاء في لجنة المساعدة الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، خفضو مساعداتهم في عام 2011، وذلك نتيجة للقيود المالية المتصلة بالأزمة الاقتصادية، والتي أثرت سلبيا على ميزانيات المساعدة الإنمائية الرسمية.
وقد لوحظت أكبر إنخفاضات في اليونان وإسبانيا كنتيجة مباشرة للأزمة. وتلتها النمسا وبلجيكا، وذلك بسبب انخفاض الإعفاءات من الديون. و شهدت المساعدة الإنمائية الرسمية اليابانية أيضا انخفاضا كبيرا بعد الزيادة الكبيرة التي سجلتها سنة 2010. و لاتزال السويد و النرويج ولوكسمبورغ والدنمارك وهولندا فقط، هي التي تقدم المساعدات بما يتجاوز الهدف الذي حددته الأممالمتحدة وهو 0.7 في المائة من الدخل القومي الإجمالي للبلدان المانحة في عام 2011 (انظر الشكل 1).
ووفقا للدراسة يتطلب بلوغ هدف الأممالمتحدة مضاعفة مجموع المساعدة الإنمائية الرسمية أكثر لتصل لحوالي 300 مليار دولار (بأسعار 2011) لجسر فجوة ب 167 مليار دولار.
وينبغي للبلدان الأقل نموا تلقي حوالي ربع هذا المبلغ (انظر الشكل 2). و أعرب معدوا التقرير عن قلقهم لأن تدفقات المعونة تبقى شديدة التقلب من وجهة نظر البلدان المتلقية لأن الجهات المانحة لم تحرز تقدما يذكر في صرف المساعدات بطرق أكثر قابلية للتنبؤ. وهذا التقلب يؤثر على تنفيذ برامج التنمية. ويحث التقرير الجهات المانحة والمنظمات المتعددة الأطراف على تطوير خطط انفاق علنية على سنوات متعددة لزيادة الشفافية والمساعدة على الحد من التقلبات.
تخفيف عبء الديون:
أشاد التقرير بنجاح المجتمع الدولي في تخفيف عبء الديون على البلدان الفقيرة المثقلة بالديون. كما تم الحد من الدين الخارجي لعدد من البلدان المتوسطة الدخل في إطار إعادة هيكلة دولية منسقة للديون. و رغم ذلك يضع التقرير قائمة ب 20 دولة منخفضة وضعيفة الدخل في وضعية ديون صعبة أو معرضة لمخاطر عالية. و في ظل إقتراب نهاية المبادرات الدولية لتخفيف عبء الديون يشدد على الحاجة الملحة لوضع ترتيبات جديدة في هذا المجال.
تنامي النزعة الحمائية:
ويرى واضعو الدراسة (التقرير) أن الوضع الاقتصادي الحالي قد أغرى الحكومات مرة أخرى بسلوك سياسات تجارية حمائية. فعلى الرغم من تعهدات أعضاء مجموعة العشرين بمقاومة الإجراءات الحمائية التي بدأت نتيجة للأزمة المالية العالمية، تم التخلي فقط عن 1818% من القيود التجارية التي أدخلت منذ نهاية عام 2008 كما تم إدخال إجرءات جديدة مقيدة للتجارة مؤخرا.
و يبرز التقرير(الدراسة ) ان الإجراءات الحمائية المتخذة حتى الآن قد أثرت بنسبة 3% من التجارة العالمية.
و لا تزال المفاوضات من أجل نظام تجاري متعدد الأطراف أكثر إنصافا ،والتي تجري في إطار جولة الدوحة ، في طريق مسدود بعد 11 عاما من إنطلاقها. وستعد خاتمة ناجحة لجولة الدوحة بفرص أكبر للبلدان النامية للاستفادة من التجارة العالمية. وبدلا من السعي إلى اتفاق شامل، يقترح التقرير تحقيق اتفاقات جزئية يمكن أن تساعد في قطع خطوات للأمام واستعادة الزخم في المفاوضات الرامية إلى القضاء على عدم المساواة في النظام التجاري.
و بشكل عام تري دراسة الأممالمتحدة أنه حصل تحسن طفيف في السنوات الأخيرة في توفير و إتاحة الأدوية الأساسية في البلدان النامية. و يبدو أن هذه الأدوية متوفرة فقط في 51.8% من المرافق الصحية العمومية و بنسبة 68.5% فقط من المرافق الصحية الخاصة.و تصل أسعار الأدوية في البلدان النامية نحو خمسة أضعاف الأسعار المرجعية الدولية. ونتيجة لذلك لا يزال الحصول على الأدوية الأساسية، وخاصة لعلاج الأمراض المزمنة، باهض جدا بالنسبة للأسر ذات الدخل المنخفض في البلدان النامية.
توصيات
لمعالجة الوضع الحالي يوصي فريق العمل المعني برصد الثغرات في إنجاز أهداف التنمية للألفية أن تفي الحكومات المانحة بالتزاماتها بزيادة المساعدة الإنمائية الرسمية، على الرغم من قيود الميزانية. وفي مواجهة ظاهرة تنامي شكوك دافعي الضرائب في البلدان المانحة إزاء المساعدة الإنمائي، ة يؤكد التقرير أن دعم تنمية عالمية أكثر توازنا يصب في مصلحتهم السياسية والاقتصادية على أحسن وجه. و يقول التقرير " في نهاية المطاف يتوقف أمن ورفاه الناس في أي مكان على توقع مستويات معيشة ملائمة في كل مكان من العالم".
وتضيف الدراسة (التقرير) بانه "قد يحاول الأغنياء العيش في بلدانهم خلف أسوار القلاع ، و قد تحاول الدول الغنية إقامة قلاع حامية ضد الأجانب الفقراء. غير أنهم سيخدعون أنفسهم في عالم شديد الترابط .
و سواءا أدركو أم لم يدركو فكلاهما يعتمد على الآخر" .فعندما تحقق اقتصادات البلدان الشريكة في التنمية نموا قويا فإنه تصبح أسواقا ديناميكية للتجارة والاستثمار العالميين.
وبالتالي تستفيد الدول الغنية عندما تتحسن وضعيات الدول الفقيرة. بالإضافة إلى ذلك تتقلص تدفقات الهجرة لما تتوفر الوظائف وظروف المعيشة اللائقة في البلدان النامية.