الأناضول: بدت قوات الأمن المصرية أكثر قدرة على "ضبط النفس" خلال المواجهات التي جرت في محيط السفارة الأمريكية في الأيام الماضية وهو ما انعكس على انخفاض عدد الضحايا مقارنة بالمواجهات المتعددة خلال المرحلة الانتقالية عقب ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، بحسب خبراء تحدثوا لمراسلة وكالة الأناضول. ورغم تشابه أحداث الكر والفر بين الأمن والمتظاهرين في احتجاجات السفارة التي اندلعت للتنديد بالفيلم المسيء للرسول، مع مواجهات ما يعرف إعلاميا بأحداث "محمد محمود"، التي وقعت عقب استخدام الشرطة القوة المفرطة لفض اعتصام أسر الشهداء بميدان التحرير، إلا أن المحصلة النهائية للضحايا جاءت مختلفة تماما.
فمواجهات السفارة الأمريكية أسفرت عن قتيل واحد، فيما بلغت أعداد قتلى أحداث محمد محمود، التي جرت في نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي، 41 متظاهرا، فضلا عن إصابة المئات بعضهم في العينين والوجه.
وخلال أربعة أيام، عمر الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الشرطة أمام السفارة، تراجعت قوات الأمن عن استخدام القوة المفرطة التي اعتادت عليها من قبل، وإن ظلت متمسكة باستخدام القنابل المسيلة للدموع، مع ورود تقارير – غير مؤكدة - عن استخدام الخرطوش في اليوم الثاني.
وفي أحداث محمد محمود كانت وزارة الصحة وأهالي المتظاهرين يستعدون في كل يوم جديد من التظاهر لاستقبال مزيد من القتلى حتى وصلت الحصيلة في نهاية الأحداث التي استمرت 6 أيام مقتل حوالي 41 شخصا، وحينها تعرضت قوات الأمن لاتهامات بالاستخدام المفرط للقوة وعدم التخلي عن نهجها في عهد النظام السابق الذي يعتمد على القمع.
وتجلت سياسة "القمع" في لقطات فيديو تم تداولها لبعض الجنود وهم يسحبون جثة أحد المتظاهرين ويلقونها إلى جوار القمامة.
لكن المشهد في أحداث محيط السفارة الأمريكية تبدل إذ غاب استخدام الرصاص المطاطي والحي، واقتصر على تكثيف القنابل المسيلة للدموع لتفرقة المتظاهرين والتراشق بالحجارة أمام مسجد عمر مكرم، وتقارير عن استخدام الخرطوش، واتهمت وزارة الداخلية بعض العناصر في صفوف المتظاهرين باستخدامه.
خطة التعامل مع المتظاهرين اختلفت كذلك حيث كان سبيل قوات الأمن في التعامل مع متظاهري محمد محمود تركيز الاشتباكات في الشارع القريب من ميدان التحرير، ومداهمة الميدان فجر كل ليلة لإنهاك المتظاهرين.
أما في أحداث السفارة الأمريكية فقد شهدت تكتيكا مختلفا في التعامل بدءاً من الغياب الكامل في اليوم الأول للمظاهرات وظهور طفيف في اليوم الثاني امتد إلى تمركز قوات الأمن في محيط السفارة الأمريكية وبامتداد مسجد عمر مكرم ثم الإسراع ببناء الجدار الخراساني العازل قبل حلول اليوم الثالث.
كما جرى تدعيم قوات الأمن المتمركزة بمزيد من الجنود فضلا عن 4 مدرعات تابعة للجيش أمام السفارة لحمايتها، ثم مباغتة المحتجين من الشوارع الجانبية ومن كورنيش النيل والقبض على عناصر منهم ترشد عن الباقين.
الجدار الخراساني العازل تم بناءه بسرعة لافتة في محيط السفارة الأمريكية، حيث أقامته قوات الشرطة بالتعاون مع الجيش في اليوم الثالث، بينما انتظرت قوات الأمن ما يقرب من 6 أيام لبناء الحاجز في أحداث محمد محمود.
من جانبه، قال الخبير الأمني سامح سيف اليزل، لمراسلة وكالة الأناضول للأنباء إن الاختلاف بين أحداث محمد محمود وأحداث السفارة الأمريكية لا يقتصر على تعامل قوات الأمن مع المتظاهرين، لكن كذلك قوات الأمن شعرت بأن هناك غطاء سياسيا من الدولة باستخدامهم كافة الوسائل لتنفيذ مهمتهم بالحفاظ على مقر البعثات الدبلوماسية.
ولفت اليزل إلى أن الاحتجاجات خلال المرحلة الانتقالية كانت في ظل حكومات مؤقتة "وأيادي مرتعشة" وكان هناك تخوف من ردود الأفعال لذلك كانت طريقة التعامل يشوبها العنف واستخدام الرصاص لكن هذه المرة بدت قوات الأمن وكأنها "تعرف جيدا ماذا عليها أن تفعل".
وأضاف أن "سرعة التعامل مع الموقف كان له دوره في عدم اضطرار الشرطة للجوء إلى الرصاص هذه المرة لأنه كلما طالت المدة وزاد نسبة العنف في الاشتباكات كان متوقعاً رد فعل أعنف".
وقال العقيد محمود قطري، الخبير الأمني، إن قوات الأمن نجحت هذه المرة في التعامل مع المحتجين بوسائل "قانونية" من هراوات وقنابل مسيلة للدموع عند الضرورة، على عكس ما جرى في أحداث محمد محمود الذي كان فيه "العنف سيد الموقف".
غير أنه أشار في الوقت نفسه إلى أن هناك "خللا واضحا في العملية الأمنية خلال أحداث السفارة الأمريكية حيث كان من المفترض أن يكون هناك تفريق على نطاق أوسع بين المشاغبين والمتظاهرين السلميين حتى لا يظلم أحد"، بحسب قوله. مواد متعلقة: 1. نيابة جنوبالقاهرة تأمر بحبس 45 متهما لمدة 4 أيام في أحداث السفارة الأمريكية 2. قنديل: متظاهرون تلقوا أموالا للاحتجاج أمام السفارة الأمريكيةبالقاهرة 3. السفيرة «باترسون» وطاقم السفارة الامريكية يعاودون عملهم الاعتيادي اليوم