تشهد الصومال اليوم أول انتخابات منذ عشرات السنين، حيث يصوت أعضاء مجلس الشعب الصومالي المنتخب لاختيار رئيس جديد. ومن المقرر أن يجتمع البرلمان في أكاديمية الشرطة في مقديشو، للإدلاء بأصواتهم في اقتراع سري لانتخاب الرئيس المقبل.
ويتنافس 24 مرشحا على هذا المنصب منهم الرئيس الحالي ورئيس الوزراء، إضافة لصوماليين بارزين عادوا من الخارج.
ويشترط لفوز المرشح في الجولة الأولى حصوله على أغلبية الثلثين في الجولة الأولى، وإذا لم يحصل أحدهم عليها تقام الجولة الثانية، وان لم يحصل أحدهم على أغلبية بسيطة بها، تبدأ الجولة الثالثة.
وإذا لم يحصل أي مرشح على أغلبية الثلثين في الجولة الأولى، وعلى أغلبية بسيطة في الجولة الثانية ستجري جولة ثالثة.
وتجرى الدعاية الانتخابية للمرشحين على قدم وساق، حيث بدأ مؤيدو المرشحين في تعليق صور مرشحهم على الجدران، كما تجول سيارات أنصار المرشحين العاصمة وتصدح بالأغاني التي تمدح مرشحهم، في أجواء انتخابية غير مألوفة يعيشها الصوماليون بشغف لانتخاب رئيسهم الجديد.
ويتكون البرلمان من 275 نائبًا، تسيطر عليهم النزعة القبلية رغم وجود أحزاب تشارك في الانتخابات الرئاسية، ولكن لا تأثير لها.
وانطلاقًا من المحاصصة القبلية، يتفاوض المرشحون مع القبائل في البرلمان لاستمالة أصواتهم، والمرشح الذي يحظى بدعم أغلبية القبائل في البرلمان سيفوز بالانتخابات.
وتفيد مصادر برلمانية أن عددًا كبيرًا من المرشحين وعدوا القبائل الكبرى بالمناصب في حال التصويت لهم، وسط تحذيرات من أن بعضهم يضخون أموالاً طائلة مقابل الحصول على أصوات تلك القبائل.
ورجَّح خبراء ومحللون احتفاظ شريف شيخ أحمد بمنصبه رئيسًا للصومال خلال الانتخابات التي يبلغ عدد المتنافسين فيها نحو 24 مرشحا ، من بينهم رئيس الوزراء السابق عبدولي محمد علي غاس، وسلفه محمد عبد الله فرماجو، إضافة إلى شخصيات جديدة لم تشارك في الحكومات السابقة مثل عبد الله أحمد عدو الذي فشل مرتين في الفوز بمنصب الرئاسة في الصومال.
وتقول مصادر إن الشيخ شريف شيخ أحمد تمكن من استمالة شريف حسن شيخ آدم، الذي يحظى بنفوذ قبلي وتأييد عدد كبير من النواب، لإقناعه بضم مؤيديه للحملة الداعمة للشيخ شريف في خطوة تقرِّب الأخير من البقاء في السلطة.
حرب أهلية
و تعيش الصومال منذ أكثر من عشرين عاما على وقع حرب أهلية وعدم استقرار سياسي؛ حيث أنها مقسمة منذ سقوط نظام الرئيس سياد بري في 1991، بين زعماء القبائل، وزعماء الحرب، والمجموعات الإسلامية، وعصابات أخرى.
ولا توجد حكومة مركزية فعالة تسيطر على معظم الصومال منذ تفجر حرب أهلية عام 1991، ويعتبر تصويت الاثنين ذروة خارطة طريق توسطت فيها قوى إقليمية والأمم المتحدة لإنهاء هذا الصراع الذي قتل خلاله عشرات الآلاف، كما فر عدد أكبر.
وانتقد بعض المرشحين للرئاسة العملية الانتخابية قائلين إنها لن تؤدي إلا إلى تولي حكومة جديدة ستكون شبيهة إلى حد كبير بالحكومات السابقة.
وقال مصدر دبلوماسي في مقديشو إن ملايين الدولارات استخدمت لرشوة أعضاء البرلمان للتصويت للرئيس الحالي شريف شيخ أحمد.
وقال المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه "يقدر أن 7 ملايين دولار جاءت من مصادر خليجية وإن هذه الأموال تهدف إلى ضمان إعادة انتخاب الرئيس أحمد".
وفي يوليو وجد تقرير لمجموعة بالأمم المتحدة لمراقبة الصومال أن من بين كل 10 دولارات تلقتها الحكومة الانتقالية الاتحادية فيما بين عامي 2009 و2010 لم تصل 7 دولارات أبدا إلى خزينة الدولة، ورفض أحمد هذه الادعاءات.
ارتباطات خارجية
و رأى بعض المحللين أن فرص نجاج الإسلاميين ضئيلة بالانتخابات بعد عدة تجارب "فاشلة" أثرت بالسلب على التأييد الشعبي والتفاعل الإقليمي معهم، رأى آخرون أن الانطباعات الإيجابية تجاه بعض المرشحين الإسلاميين كأفراد، بالإضافة إلى عامل القبلية قد يرجح كفة مرشح إسلامي وخاصة الرئيس الحالي شيخ شريف شيخ أحمد.
وتتنوع انتماءات المرشحين الإسلاميين بين الصوفية والسلفية وجماعة التبليغ والإخوان المسلمين، وهو ما استند إليه سالم سعيد، المتخصص في شئون الحركات الإسلامية، للتقليل من فرص نجاح الإسلاميين، نظراً لانقسامهم وبالتالي تفتيت أصوات مؤيديهم.
الوضع الأمني
وتشهد العاصمة مقدشيو تحسنًا في الأوضاع الأمنية بعد انسحاب حركة الشباب الصومالية منها، وتقوم القوات الأمنية الصومالية بعمليات واسعة في أحياء مقديشيو، حيث اعتقلت عددًا كبيرًا من الأشخاص المشتبه بهم، بهدف تهيئة أجواء ملائمة مع إجراء الانتخابات، كما وصلت شرطة إفريقية ضمن قوة حفظ السلام الإفريقية إلى مقديشيو، من أجل تأمين الانتخابات الرئاسية في الصومال التي ستجرى داخل مطار مقديشيو الدولي المحصن أمنيًا.
كان من المفترض إنهاء العملية الانتقالية في الصومال في 20 من أغسطس/ آب الماضي وفقًا لتوقيت وضعه المجتمع الدولي لإحياء المؤسسات الدستورية في البلاد، إلا أن تأخيرًا حصل بسبب خلافات بين فصائل صومالية حول تقاسم السلطة وسط مخاوف من تدهور الوضع الأمني.
والعملية الجارية حالياً حتى بعد انتخاب رئيس جديد خلال الأيام المقبلة تحتاج إلى مضاعفة المساعدات وأعداد الجنود الأفارقة للتغلب على التحديات الأمنية التي يعيشها الصومال، فمعظم جنوب البلاد ووسطها لا يزال خارج سلطة الحكومة الانتقالية وتسيطر عليه حركة الشباب وحلفاؤها.
أما الشمال فمنفصل منذ أعوام، ما يعني أن الحكم الانتقالي الجديد ينتظره عمل أكثر صعوبة وصولاً إلى الهدف المنشود، وبجانب التحدي الأمني يبقى التحدي الرئيسي وهو مدى تمكن الحكومة الجديدة من محاولة كسر نمط الحكومات المؤقتة عديمة الفاعلية في السنوات الأخيرة. مواد متعلقة: 1. مجهولون يطلقون النار على مروحية إيطالية قبالة ساحل الصومال 2. "أرض الصومال" تأمل بالإعتراف الدولي بها 3. برلمان الصومال يختار رئيسا جديدا للبلاد