أقامت هيئة الكتاب برئاسة أمسية خاصة بمناسبة مرور أربعين يوما على رحيل الشاعر الكبير حلمى سالم، بحضور عدد من الشعراء والنقاد، وتحدث عن الراحل الناقد والكاتب شعبان يوسف والشاعرة ميسون صقر، كما ألقى الشاعر حسن طلب قصيدة مهداة الى حلمى سالم "هل كان فى الإمكان " كما ألقى الشاعران أمجد ريان، وعبد المقصود عبد الكريم قصائد مهداة إلى الراحل. قدم الأمسية الشاعر السماح عبد الله الذي قال أن الشاعر لا يموت لكنه ينتقل من حال إلى حال، يظل طوال حياته فى حال كتابة القصيدة فإذا ما انتقل إلى حال أخرى تحول هو نفسه إلى جزء أصيل من قصيدته وتصبح حروفه دالة على حركاته وسكناته وتقلباته لأنه حين يضع نقطة آخر سطره الشعري نستطيع أن نعرفه أكثر، ونعاين جماله دونما أية ضغوط، فنحن لم نجلس إلى المتنبي أو المعرى أو شوقي لكننا نستدعيهم كلما ألجأتنا الحاجة.
يواصل: هكذا بانتقال حلمى سالم من حال إلى حال يكون قد حجز لنفسه مقعداً دائماً في قلوبنا وأصبح مشاركاً وفعالاً في كل ما نمر به من منعطفات وتحولات وكأنه يمارس معنا نوعا من ألاعيبه الشعرية التي اشتهر بها.
نعى د .أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة للكتاب سالم قائلاً: لم يكن الرحيل المفاجئ للشاعر حلمى سالم صادما لنا فقط وإنما كان مؤلما وقاسيا وعبثياً، فبعد أن أسعدنا خبر اجتيازه للجراحة الصعبة بنجاح، هيأنا أنفسنا لمتابعة مشواره الحياتى والشعرى، وقد كان يملأنا الأمل أن يعود حلمى سالم كما كان حيويا يملأ منتدياتنا الشعرية شعراً وفرحاً وإثارة للأسئلة، لكن القدر كان له رأى آخر وأبى إلا أن يفجعنا برحيله فى وقت تمر به البلاد بمرحلة عصيبة من التقلبات والتغيرات، هو الذى كان أحد دلائل الثورة وأحد الذين مهدوا لها بشعره ومقالاته بل ونشاطه السياسى المباشر.
وأضاف مجاهد: هيئة الكتاب التي منحته آخر جائزة يحصل عليها وطبعت له آخر دواوينه، لن يقف دورها عند هذا الحد بل ستعمل بكل ما فى وسع مثقفيها الذين يعملون بها من أجل إتاحة أعماله الشعرية والنثرية للقارئ قبيل رحيله بأيام، حتى يتاح للشعراء والباحثين والمثقفين والأجيال الجديدة معاينة تراثه كاملاً. من جانبه قال الشاعر والناقد شعبان يوسف أن التفتيش فى سيرة حلمى سالم الأدبية والشعرية والفكرية التي تمتد إلى أكثر من 40 عام، متعددة الأوجه، فهو الأكثر قدرة على خلق الأفكار واختراق تابوهات كثيرة أدت لإشكالات، وحلمي كان يريد التعريف بالجيل، وفى الفترة التي كان حلمى ورفاقه يجاهدون للحركة الجديدة كان جابر عصفور يكتب عن الوخم الشعرى وينعى الشعر فى هذا الوقت ولم يعد هناك جديداً، وكان حلمي سالم يكتب الأفكار الجديدة التي يتبناها الجيل.
تابع يوسف: بدأت اجتماعات مجلة "إضاءة" وكان حلمي سالم هو الأكثر حراكاً في المناقشات، كان التجهيز للمجلة يقوده حلمى من ناحية وحسن طلب من ناحية أخرى، صدر العدد الأول في يونيو 77 والمقدمة كانت من صياغة حلمى سالم ووجه انتقادات لتجارب سالفة واعتبرها بيان للحركة الشعرية فى هذا الوقت، وكتب في مقاله الثاني "أدونيسيون ودنقليون" ويكتب عنهم بصفتهم شعراء يميلون للمباشرة، كتب كتاباً فريداً فى ثقافة المقاومة هو"الثقافة تحت الحصار"، وكتب عن أشخاص لا تعرفهم الحياة الثقافية ويصفهم وصفا دقيقا وكتب أخرى مثل "هيا إلى الأب" و"الوتر والعازفون" و"ثقافة كاتم الصوت"، كتب كذلك عن فرج فودة ومحمود العالم، وانتج 23 ديواناً من الشعر ويستطيع الكتابة عن الآخر بأشكال متعددة . وتحدثت الشاعرة ميسون صقر القاسمى عن الراحل حلمى سالم: أربعون يوما مرت منذ وفاة حلمى سالم لا أظنه قد مات لأنه ترك شعرا ينبض بالحياة جميعنا نقول ما لا نعيشه نكتبه وما لانكمله فى الحياة نكتبه فى الشعر إلا حلمي سالم، فكان يكتب وكان يقول أنا أكتب حياتي وعيني باستمرار على الشعر والميزة الكبرى أنى أحب الشعر والتجريب، وكان متسامحاً في الحياة، وكان يعطى لكل قصيدة من روحه ووجدانه.
تواصل: تاثر حلمى سالم فى شعره بالفن التشكيلى والموسيقى وكان يتذوقه ويكتبه بطريقة مختلفة، قصائده يكتبها من القلب والعقل مباشرة، ورغم تطلعاته لإنتاج قصيدة تستطيع أن تسرد الحياة بتفاصيلها الدقيقة ليركز على هذا المنجز وكلنا نبدأ بالمحاولة ثم الخلاصة وهو يكتب الخلاصة كأنها الكتابة الأخيرة، أما الشاعر فلا تخلقه إلا قصائده، وحلمي عرف سريعا أن الحياة كأى حياة أخرى يجب أن نعيشها وإلا ستصبح نسياً منسياً ولم يتخل عن أحلامه وأحلام جيله.