أستبعد وزير المالية الفلسطيني الدكتور نبيل قسيس حدوث انهيار للسلطة تحت تاثير الازمة المالية الصعبة التي تعصف بها منذ أشهر. وقال قسيس، في مقابلة صحفية نشرتها صحيفة "القدس المحلية" الاثنين "أن الأزمة المالية التي تعصف بالسلطة الوطنية ومؤسساتها لن تقود إلى انهيار السلطة، كونها كيان سياسي ونواة للدولة الفلسطينية، حيث نعمل بمجهود إضافي للخروج هذه الأزمة والإيفاء بالتزاماتنا تجاه الموظفين وأبناء الشعب الفلسطيني.
وحول ما تقره السلطة من وسائل لدعم المواطن في ظل موجة الغلاء العالمي والتي طالت الأرض الفلسطينية، قال قسيس "نحن كسلطة وطنية نعمل من أجل الاستمرار والنهوض ودعم المواطن في كافة أماكن توجده، ونحن نرى إن الأزمة التي نعيشها برزت بسبب تأخر المساعدات الخارجية لدول لا تفعل الشيء الكبير للضغط لإنهاء الاحتلال ودعم قيام الدولة المستقلة.
واشار قسيس في المقابلة التي نشرت مقتطفات منها امس الى أن الجمود السياسي واستمرار الاحتلال هو السبب الرئيسي للأزمة التي تعاني منها السلطة الوطنية ، ولو اننا نرى مظاهر جدية لقرب اانهاء الاحتلال لكان تحمل الصعوبات اكبر كون النهاية ستكون هي التحرر والاستقلال.
وأضاف "نعمل في ظل وضع الاحتلال والاعتماد على الدعم الخارجي، بكل طاقاتنا من أجل الخروج من أزماتنا الراهنة، وندعم كافة المواطنين وصمودهم على أراضيهم.
توفير الرواتب
وحول كيفية تدبير السلطة للرواتب قال قسيس" السلطة تدفع الرواتب رغم كل الصعاب، والأزمة صعبة لا أقلل من حدتها، وهنا أؤكد أننا قمنا بالايفاء بكافة التزاماتنا تجاه العاملين رغم الأزمة الراهنة".
وأضاف "نحن ندفع الرواتب وما يحدث من تأخير ناتج عن تأخر تسليمنا أموال المقاصة التي تدفعها إسرائيل، بالإضافة إلى ما نجبيه من إيرادات داخلية ومنح ومساعدات خارجية، كلها تنصب من أجل توفير صرف الراتب في موعده، تخفيفاً من الأعباء الملقاة على عاتق المواطنين والتزاماتهم المتعددة في ظل موجة الغلاء".
وتابع " نحن لدينا التزاماً تجاه الموظفين وتجاه الموردين والقطاع الاهلي بشكل كامل، موضحاً "المهم لدينا أن يعي المواطن أننا نقوم بدفع الرواتب بشكل دوري، ونحن لا نتأخر في الدفع وإنما ما يحدث هو إزاحة للراتب والمطلوب من الجميع أن يتأقلم مع ذلك ".
موجة الغلاء
وحول ما نشهده من ارتفاعات متتالية لأسعار بعض المواد الأساسية ومشتقات البترول قال قسيس "موجة الغلاء والأسعار التي نشهدها في أرضنا الفلسطينية لها علاقة بالغلاء العالمي الذي ينعكس علينا، ولدينا في السلطة بعض الإجراءات الخاصة والتي تُخضعنا لما يتم من ارتفاعات في إسرائيل، فمثلاً "ارتفاع سعر البترول ليس خاصا بنا كوننا نشتريه من إسرائيل، ومهمتنا هنا أن نخفف العبء على المواطن الفلسطيني بأن لا نرفع الأسعار كما هي مباعة في إسرائيل".
وأضاف "هنا أقول أن "ارتفاع أسعار الوقود له علاقة بالقيمة المضافة وسعر البترول على السوق العالمي، وهذا ناتج عن الوضع العربي والعالمي بشكل عام".
وتابع " هناك شق متعلق في إسرائيل، وذلك ضمن اتفاقية أوسلو وشقها الاقتصادي، نعم هي مجحفة كوننا تحت احتلال، والفريق المفاوض في حينه حاول أن يتوصل لأفضل صيغة ممكنه للشعب الفلسطيني، ولكن عدم التزام اسرائيل بها انعكس سلباً علينا، و بكل تأكيد نحن نلتزم بما علينا ونطلب من الطرف الآخر أن يلتزم".
مديونية السلطة
وحول المديونية التي تعاني منها السلطة الوطنية قال د. قسيس : " المديونية تتوزع على المديونية للبنوك المحلية وذلك نتيجة العجز المالي الذي لم نقدر أن نغطيه فقمنا بالاستدانة من البنوك، وأيضاً مديونية خارجية لدول وصناديق بمبلغ حوالي مليار دولار وهي قروض ثنائية، ولدينا مديونية لصندوق المعاشات والتأمين بمليار دولار ، ولدينا دين للموردين بحوالي 450 مليون دولار ، وهذه الديون لو قمنا بجمعها نخرج بنتيجة أنها أقل بنحو 40٪ من ناتج الدخل المحلي ، وأرى ان تلك المديونية ليست ضخمة في المقاييس العالمية، إلا أنها ضخمة بالنسبة لنا كوننا تحت الاحتلال .
وبالنسبة لصندوق المعاشات، قال قسيس : "نعمل كل ما في وسعنا لدعمه، ونحن لم نقترض من صندوق الاستثمار ، ولكن ما يحدث هو أن الربح الناتج منه يجب أن يعود للسلطة الوطنية، وقال : "فيما يتعلق بالبنوك هي مديونية ذات فائدة وهي ذات عبء كبير علينا، وأرى أن مواجهة ذلك يتطلب أن يكون لدينا اقتصاد حر، وذلك يكون من خلال إنهاء الاحتلال وإقامة دولتنا ذات السيادة".
وتابع " فيما يتعلق بما تقدمه الدول المانحة ، فإن جزءا منها يلتزم بالكامل بتعهداته، حيث أرى أنها غير كافية، والجزء الآخر تعهداته قائمة إلا أنه لم يلتزم بها بعد" .
وأضاف "الدول المانحة تغطي حوالي 78٪ من العجز، وحى الآن غطت ما يقارب نصف الالتزام، ونحن شاكرين لكل الدول التي تقدم المساعدات، ونقوم بمخاطبتهم على عدة مستويات، لاسيما من خلال الرئيس، وكافة المنابر التي يقوم بها ورئاسة الوزراء ووزارة المالية ووزارة التخطيط، خاصة من خلال تمويل المشاريع التطويرية،مشيراً الى أن السلطة بحاجة الآن الى مساعدات للخزينة أكثر من المساعدات للمشاريع التطويرية .
إجراءات تقشفية
وأضاف قسيس خلال المقابلة : "العمل تحت ظروف الاحتلال، أولاً يتطلب تقليل النفقات، زيادة الإيرادات وإنعاش الاقتصاد .. وعندما ننعش الاقتصاد نصبح نجبي ضريبة اكثر ، وهذا خاص بالتجار والمستثمرين عندما ينتعش الاقتصاد ويصبح الإنتاج أكبر، كما يجب ن يتم جباية الضريبة من خلال توسيع القاعدة الضريبية، وهذا لا يعني زيادة الضريبة على الفرد أو المستهلك.. وهنا الفرد لا يتأثر بهذه الضريبة".
وأشار إلى أن وزارة المالية تقوم باطلاع الكتل البرلمانية على الأوضاع المالية للسلطة، وأضاف "مؤخراً عقدنا اجتماعاً موسعاً مع كتل برلمانية ، قدمنا خلاله وصفاً للأزمة المالية التي تعاني منها السلطة ونحن نقوم بذلك على الدوام.
وفيما يتعلق بقطاع غزة، أكد وزير المالية انها ضمن التزام السلطة بحيث ينفق عليها حوالي 45٪ من الميزانية وقال "نحن ننفق على غزة كوننا نقوم بالتزاماتنا، وإيراداتنا شبه كاملة في الضفة فقط، وما يجبى من قطاع غزة يتم بواسطة سلطة حكومة غزة".
وأوضح " جزء من إستراتيجيتنا ضبط نفقاتنا، وانتعاش القطاع الاقتصادي في كل أراضي السلطة الفلسطينية، وهذا جزء من التزامنا لكل المواطنين".
سفريات الوزراء والممثليات الخارجية
وفيما يتعلق بتكلفة ممثليات السلطة الوطنية وسفاراتها في الخارج إضافة إلى سفريات بعض الوزراء الخارجية ، فقال "إنها تكون غالباً ذات علاقة بالعمل،رغم أنها مظهر غير مرغوب، في ظل الأزمة المالية الراهنة وهذا يأتي ضمن ضبط النفقات، كما أن الوقت ليس وقت تنظيم احتفالات بتكاليف باهظة، وهنا يجب أن نقلل من كافة المظاهر التي تؤدي إلى خفض النفقات ودعم المواطنين".
وفيما يتعلق بتهديد الشركة الكهرباء القطرية الإسرائيلية بقطع الكهرباء عن أراضي السلطة الوطنية، قال نحن قمنا بدفع 20 مليون شيكل كديون، وهنا أدعو الجميع سواء من هم في المخيمات وخارجها إلى الالتزام بتسديد ما عليهم من ديون استهلاك لتجنب هذه الأزمة.