يواجه لبنان تحديات صعبة في تنفيذ برنامج وزارة الصحة الوطني لمكافحة التدخين وفي مقدمة تلك التحديات كان إقرار القوانين اللازمة لتطبيق الحظر، والذي نفذ على ثلاثة مراحل. وقضت المرحلة الأولى من القانون في منع التدخين في الأماكن والإدارات العامة، أما المرحلة الثانية فتمثلت في وقف الإعلان عن أنواع السجائر، والمرحلة الثالة والتي بدأ تطبيقها اليوم الاثنين، فتمثلت في منع التدخين في الأماكن العامة المغلقة، وذلك في ظل اعتراضات أصحاب المؤسسات السياحية.
أصحاب المطاعم
وواجه منع التدخين في الأماكن المغلقة اعتراضات من أصحاب المؤسسات السياحية والمقاهي والمطاعم الذين طالبوا بتعديل القانون بحيث تخصص أماكن لمدخني السجائر والنراجيل داخل مطاعمهم ومقاهيهم معلنين رفضهم للمنع المطلق وقالوا: "إنه يؤدي الى تقلص مواردهم المادية من نحو 735 مليون دولار الى 282 مليون دولار سنويا".
وقد احتج عدد من أصحاب المطاعم اللبنانية، وتجمعوا اليوم الاثنين، فى منطقة انطلياس فى لبنان رافعين شعارات "ارحموا السياحة"، معربين عن أملهم فى أن تكون هذه الوقفة سبيلا لايجاد حل لمشاكل السياحة خاصة أصحاب المطاعم ومنع تحرير محاضر لهم.
وكان بيار الأشقر نقيب الفنادق فى لبنان قد حذر من تطبيق هذا القانون، مشيرا إلى أن حوالى 10 الاف مواطن من الممكن أن يفقدوا وظائفهم بسبب وجود حوالى ألف مطعم لبنانى مخصصة لتدخين النرجيلة.
ودعا الأشقر الحكومة اللبنانية إلى إعادة النظر فى قانون منع التدخين فى الأماكن العامة والسماح بتخصيص مكان في كل مطعم للمدخنين، لافتا إلى أن المشكلة الكبرى في هذا القرار أنه سيطبق فقط في بيروت وجبل لبنان أما في بقية المناطق فلن يراقبهم أحد.
وأشار الأشقر إلى أن عددا كبيرا من الدول سبق واتخذت هذا القرار ثم عادت وتراجعت عنه لإرفاقه بتعديلات تجعله أكثر منطقية وقابل للتنفيذ بطرق أفضل مثل توفير صالة في كل فندف للتدخين، موضحا أن توقيت التطبيق غير مناسب.
المسئولون.. لا تراجع
ورداً على تلك الاحتجاجات شدد مروان شربل وزير الداخلية اللبنانى على وجوب تطبيق قانون منع التدخين فى الاماكن العامة، إلا أنه أكد أن الأمن لن يحمل العصا لتطبيقه من اليوم الأول.
ورأى النائب "عاطف مجدلاني" أن الاصوات المعترضة على قانون منع التدخين في الاماكن العامة "غير مبررة" ، معتبرا أن اقتراح إنشاء قسم للمدخنين معزول داخل المطاعم فيه ضرر على أغلبية المطاعم والمقاهى التى لا تسمح مساحتها بالفصل التام بين المدخنين وغير المدخنين.
وشدد مجدلانى على أن القطاع السياحى لن يتأثر سلبا جراء هذا القانون، لأن مناخ لبنان يسمح بالتدخين فى الأماكن غير المغلقة، وقال: "إن المدخنين يستطيعون التدخين في الأماكن غير المغلقة في المقاهي والمطاعم".
وأكد أن هذا القانون ليس موجها ضد أي شريحة أو فئة إنما هو لمنع أى إنسان من إلحاق الضرر بغيره، وأنه نفذ على ثلاثة مراحل: "أولها منع التدخين في المؤسسات والجامعات والمدارس ومن ثم منع الاعلانات والدعايات المتعلقة بالدخان، وصولا الى المرحلة الثالثة والتي دخلت اليوم حي التنفيذ في الاماكن العامة المغلقة".
القانون وعقوباته
وكان رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاطف مجدلاني قد حذّر من أنه ستكون هناك متابعة ولن يتم السكوت عن أي تقصير، وليتحمل كلٌ مسئوليته، وبالأخص المواطن، و"ما حدا يقول شو وقفت عليّ؟".
وقد أعلن مجدلاني عن إطلاق وزارة الصحة للخط الساخن 1214، للتبليغ عن أي مخالفة، وقال: "إن وزارة الصحة تعمل على اصدار المراسيم التطبيقية".
ومراقبة تطبيق القانون بحسب مجدلاني، بواسطة الضابطة العدلية "قوى الأمن الداخلي"، ومراقبة وزارة الصحة، ومفتشي مديرية حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد والشرطة السياحية.
ويفرض قانون منع التدخين غرامة على المدخن المخالف وصاحب المطعم أو المقهى تصل الى 90 دولارا أمريكيا.
وشملت العقوبات:
تغريم كل من يدخل أي منتج تبغي في مكان عام مغلق بمبلغ يساوي خمس واحد من الحد الأدنى للأجور، كما يتم تغريم كل من يزود القاصرين بمنتج تبغي، أو يقدم العينات المجانية، وذلك بغرامة تتراوح بين ضعفي الحد الأدنى للأجور إلى ستة أضعاف.
يعاقب كل مستثمر أو مسئول في إدارة في أي مكان عام مغلق، تتم فيه مخالفة منع التدخين عن قصد أو إهمال أو تقصير، بغرامة تتراوح بين ضعفي الحد الأدنى للأجور إلى ستة أضعاف.
ويعاقب بغرامة تتراوح بين عشرين ضعف الحد الأدنى للأجور، إلى ستين ضعفاً، كل من يخالف حظر الاعلانات ووضع التحذيرات الصحية على منتجات التبغ.
تكلفة التدخين
وفي محاولة لإظهار التكلفة الحقيقية للتدخين بلبانان، عقد في الجامعة الأمريكية في بيروت مؤتمراً صحفياً، في مبنى كولدج هول، بحضور حشد كبير من الفعاليات والمهتمين.
وقدم المؤتمر نتائج دراسة معمقة قام بها استاذا الاقتصاد جاد شعبان ونسرين سلطي، والباحثة في العلوم الصحية ناديا نعماني، للآثار الاقتصادية لإستهلاك التبغ، مؤكدا ان نسبة المدخنين عالية وان اللبنانيات يشكلن اعلى نسبة مدخنات في المنطقة.
وبين شعبان أن الكلفة الاجمالية للتدخين على الاقتصاد في لبنان تبلغ 327 مليون دولار سنويا، وأن الاثر الصافي للتدخين على الاقتصاد اللبناني هو خسارة تبلغ 4،55 مليون دولار في السنة.
واشار إلى أن الربح الصافي من المعاملات في ما بين اصحاب المصلحة المباشرة يبلغ نحو 3،271 مليون دولار سنويا".
واوضح شعبان أن آثار التبغ غير المباشرة تشمل التكاليف المرتبطة بالعلاج الطبي من امراض ذات صلة بالتدخين لكل المدخنين والمدخنين غير المباشرين، والتي تتكبدها وزارة الصحة، كما تشمل التكاليف تضاؤل الانتاجية من قبل المدخنين والمدخنين السابقين في العمل والتي يتكبدها اصحاب العمل، وتكلفة البيئة من حيث زيادة خطر حرائق الغابات وازدياد النفايات في الشوارع والتي يتعين جمعها، والتكلفة الاجمالية للاقتصاد الناشئة عن الانتاج الضائع بسبب الوفاة المبكرة للمدخنين.
واوضح أن هذه التقديرات جاءت متحفظة جدا وبحدها الادنى حول تكاليف التدخين، نظرا لندرة البيانات المرتطبة بمصدر اساسي حول التكاليف ذات الصلة بالتدخين، ونظرا لطرق احتسابها الحذرة لمعدلات الاصابة والفواتير الطبية المرتبطة بها".
الصحة والتدخين
ومن جانبه، قال محمد جواد خليفة وزير الصحة: "نحن من أكثر الدول التي فيها تدخين، معدل الفرد في استهلاك السيجار في لبنان هو الاعلى، والضرر المباشر على اللبنانيين من جراء التدخين كما ورد في احدى الدراسات التي جرت مؤخرا في الجامعة الامريكية في بيروت وفريق من الباحثين هو 55 مليون دولار والذي هو بحجم نصف موازنة وزارة الصحة".
وأضاف خليفة: "سجل السرطان عندنا في لبنان يظهر أن المرض الاول من السرطانات هو سرطان المبولة "المثانة" عند الرجال وسرطان المبولة عند الرجال يظهر ان السبب الاساسي له كما في سرطان الرئة هو الدخان، تجمع كميات من النيكوتين في المبولة لفترات طويلة يسبب السرطان".
واشار الوزير إلى انتشار النرجيلة بشكل سريع وخصوصا بين الشبان قائلا: "إن ضررها أعلى بكثير فهي بحجم عشرين سيجارة "فالذي يدخن نرجيلة كأنه يدخن علبة دخان دفعة واحدة".
وكانت الوزارة نظمت حملة اعلامية عبر الاعلانات في الطرقات والتلفزيونات المحلية والصحف والمجلات تدعو المواطنين الى مقاومة التدخين السلبي حيث تقول احدى الدعايات "طالب بقانون يحميك" واخرى تقول "دخان غيرك مميت".