بعد جدل واسع شهده لبنان وما أثير في الإعلام اللبناني حول قضية "فحوصات العار" ، أعلن وزير العدل اللبناني شكيب قرطباوي، أنه أمر بإلغاء الفحوص الطبية للأعضاء الجنسية التي كانت تحصل خلال التحقيق مع أشخاص يشتبه بأنهم "مثليون". ففي أعقاب توقيف مكتب حماية الآداب في قوى الأمن الداخلي 36 رجلا في يوليو / تموزالماضي أثناء مداهمتها لدار سينما مشتبهة بعرض أفلام إباحية تمت إحالة الرجال إلى أحد مخافر الشرطة حيث تعرضوا لفحوصات شرجية من قبل أطباء شرعيين بناء على أمر من المدعي العام ل"إثبات" إن كانوا قد تورطوا في أعمال مثلية جنسية.
قرار عن قناعة
وقال قرطباوي في الكتاب الذي نشرته "المفكرة القانونية" وهي جمعية غير حكومية في لبنان، أنه اتخذ قراره هذا بناء على تأكيد نقيب الأطباء "عدم الجدوى الطبية من فحوصات الشرج التي يمكن اجراؤها لمثليي الجنس، وقيام الأخير "بالتعميم على الأطباء الشرعيين بعدم إجراء مثل هذا الفحص تحت طائلة إحالة الطبيب المخالف إلى المجلس التأديبي لنقابة الأطباء".
وأكد وزير العدل أن قراره نابع من قناعته بأن الفحص مخالف لحقوق الإنسان، مشيرا إلى أن النيابة العامة التمييزية ليست ملزمة بكتابه و"لديهم استقلاليتهم، ولكنهم يستمعون لنا".
وعبر قرطباوي عن اعتقاده بأنه "لن يصار في لبنان بعد اليوم إلى إجراء فحوص الشرج التي يمكن إجراؤها لمثليي الجنس".
وكانت النيابة العامة في لبنان قد أصدرت تعميماً بضرورة التقيد بالقوانين المتعلقة بإجراء الفحوص الشرجية للموقوفين بتهمة المثلية الجنسية لمنع سوء تطبيقها.
مطالبات حقوقية
ويأتي هذا بعد أن نفذ ناشطون في منظمات المجتمع المدني احتجاجات تطالب بوقف ما اسموه "فحوصات العار".
وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قالت إن على وزارة العدل اللبنانية أن تصدر فورا أمرا بإنهاء "الفحوصات الشرجية التي تتم ضمن إجراءات تحقيق الشرطة لتحديد طبيعة السلوك الجنسي للمشتبه بهم".
وطالبت المنظمة بأن على الحكومة أن تتخذ خطوات لإلغاء المادة 534 من قانون العقوبات اللبناني، التي تجرم "كل مجامعة على خلاف الطبيعة" والمستخدمة في ملاحقة الرجال قضائياً بتهمة المثلية.
وفي هذا الصدد وجه وزير العدل إلى النيابة العامة التمييزية كتابا يقترح عليها من خلاله "إصدار تعميم جديد يمنع بصورة جازمة إجراء مثل هذه الفحوص، وتعميمه على جميع النيابات العامة بأقصى سرعة ممكنة."
ووصف النشطاء اللبنانيون هذه الفحوصات والتي تتم رهن الاحتجاز، تعتبر معاملة مهينة وحاطة بالكرامة، ويجب أن تتوقف فوراً، فلا شأن للدولة بمعاقبة وإهانة مواطنيها على ما يدخلون من علاقات جنسية تتم بالرضا المتبادل بين الأطراف.
أحد اشكال التعذيب
من جانبه قام الدكتور شرف أبو شرف نقيب الأطباء اللبنانيين بإصدار أمراً في 8 أغسطس/آب يدعو فيه إلى إنهاء الفحوصات الشرجية، إذ قال إن هذه الفحوصات طبياً وعلمياً لا نفع لها في تحديد وقوع الجنس الشرجي بالتراضي من عدمه، وأن هذه الفحوصات تعتبر من أشكال التعذيب. وأضاف أنها أيضاً تخرق المادة 30 من قانون الآداب الطبية اللبناني، التي تحظر على الأطباء التورط في ممارسات ضارة.
كما أن الفحوصات تخرق المعايير الدولية الخاصة بحظر التعذيب، بما في ذلك اتفاقية مناهضة التعذيب والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وقد صدقت لبنان عليهما. أثناء مراجعة لجنة مناهضة التعذيب لملف مصر في عام 2002، حققت في قضية فحوصات الطب الشرعي الشرجية ودعت الحكومة المصرية إلى "وقف أشكال المعاملة المهينة أثناء تفتيش الأفراد".
كما تم تنفيذ الفحوصات في خرق لمبادئ الطب المهنية، بما في ذلك تلك الخاصة بالاتحاد الطبي العالمي ومبادئ الأممالمتحدة للآداب الطبية المتعلقة بدور الأخصائيين الصحيين، لا سيما الأطباء، في حماية السجناء والمحتجزين من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، فضلاً عن ذلك، لا تضيف هذه الفحوصات قيمة للتحقيق كأدلة ويجب ألا يؤخذ بنتائجها كدليل في المحاكم. وتستخدم الفحوصات الشرجية والمهبلية في دول عديدة كشكل من أشكال التعذيب والإهانة والحط من الكرامة.