قال المؤرخ خالد فهمي، أستاذ التاريخ بالجامعة الأمريكية، إن سلطات الرقابة علي المطبوعات بمصر، قد منعت استيراد كتاب "تاريخ الشرق الأوسط الحديث للمؤرخين الأمريكيين ويليام كليفلاند ومارتين بنتون، الذي كان من المقرر تدريسه لطلاب مادة التاريخ العربي الحديث بالجامعة الأمريكية الفصل الدراسي المقبل، دون إبداء الأسباب. وأوضح فهمي في مقال نشره علي صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" وجريدة "أخبار الأدب" أن الكتاب لا يحوي أي إساءة للتاريخ العربي من قريب أو من بعيد، وأن الجامعة الأمريكية قد أبلغته في رسالة إلكترونية مقتضبة أن الكتاب الذي طلب استيراده لتدريسه للطلاب قد تم منع استيراده من قبل سلطات الرقابة علي المطبوعات التابعة لوزارة الإعلام دون إبداء أي أسباب.
وقال فهمي: بالطبع ليس هناك أسباب معلنة أو غير معلنة فالكتاب لا يحوي أي إساءة لتاريخنا، فهو أحد أفضل الكتب التي تقدم تاريخ المنطقة العربية بشكل سلس وسهل للطالب المبتدئ، وهو ما حدا به لاستخدامه لمدة عشر سنوات في الفصول الدراسية التي يلقيها.
وبغض النظر عن تفاصيل الكتاب وما يحتويه، يقول فهمي: لم أتمالك نفسي من عقد مقارنة بين وضعنا عام 1851 وبين وضعنا عام 2012. في منتصف القرن التاسع عشر كنا أصحاب حضارة وعلم، ذلك عندما انكببنا على العلم ولم نسأل من أين أتى هذا العلم ومن كتبه، وأخذنا نترجمه ونزيد عليه دون هواجس تتعلق بالهوية والتراث والأمن القومي. أما الآن فبعدما فشلت جامعاتنا ومكتباتنا في الاحتفاظ بها وبعد أن ضيعنا حتى انجازاتنا الماضية في الإقبال على هذا العلم، الأمر الذي حتم علينا الذهاب لجامعات ومكتبات الغرب للعثور على تلك الإنجازات. ثم نزيد الطين بلة بأن نعطي القط مفتاح القرار ونخول كمجتمع، مسئولية الحفاظ على الأمن القومي لموظفين متخلفين في مكتب الرقابة على المطبوعات الذين يثبتون في كل يوم مدى جهلهم بأولويات البحث العلمي بل أيضا استهتارهم بالأمن القومي. وللمرة الألف أقول إن الأمن القومي يا سادة لا يتحقق بمنع الكتب بل بإتاحتها.
وأشار فهمي إلي أن الهاجس الأمني لا يزال يسيطر علي مؤسساتنا المعرفية التي نخول لها كمجتمع سلطة ومهمة الحفاظ علي الأمن القومي المصري، بينما يقوم عليها موظفون يفتقرون للمعرفة الأساسية والضرورية بأولويات البحث العلمي ويثبتون استهتارهم بالأمن القومي.