قالت الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار: إن نشاط الاندماج والاستحواذ في الوطن العربي شهد خلال الربع الثاني من عام 2012 نشاطًا ملحوظًا مقارنة بالربع الأول من نفس العام، حيث بلغ عدد الصفقات 43 صفقة، منها 10 صفقات مازالت في طور انتظار موافقة الهيئات والجهات المختصة. موضحة أن القيمة الإجمالية للصفقات التي تم الإعلان عن قيمتها تصل لنحو 16.73 مليار دولار، مقابل 1.6 مليار دولار حصيلة صفقات الربع الأول من العام الحالي، والتي كان عددها 34 صفقة، وذلك وفقاً لأحدث تقرير صادر عن مؤسسة كابيتال لينك جلوب، المتخصصة في مجال الاستحواذات والاندماجات.
وكشفت الجمعية، فى بيان لها اليوم الأربعاءعن حصول مصر على المرتبة الأولي بعدد 8 صفقات، تأتي فى مقدمتها صفقة استحواذ "فرانس تيليكوم" للاتصالات علي "موبينيل" بنسبة 100% بقيمة تقارب 2.96 مليار دولار.
ثم جاءت الإمارات فى المرتبة الثانية بعدد 6 صفقات أشهرها استحواذ "استثمار العالمية" علي "اتلانتس" بقيمة 250 مليون دولار، ثم الكويت بعدد 5 صفقات كقيام "بيان للاستثمار" بالاستحواذ علي ما يقرب من 62 % من "المشاريع المتحدة للخدمات الجوية" بقيمة تقرب من 92 مليون دولار، ثم السعودية بعدد صفقتين، و يأتي فى المرتبة الأخيرة البحرين وعمان بعدد صفقة واحدة لكل منهما.
وأوضحت أن قطاع "الخدمات المالية" جاء في المرتبة الأولي من حيث عدد الصفقات بواقع 5 صفقات، حيث يحتوي هذا القطاع علي العديد من اللاعبين مثل البنوك وشركات التأمين وغيرها، ويحقق أرباح مرتفعة مقارنةً بقطاعات أخري.
وجاء في المرتبة الثانية قطاع "الخدمات" بعدد 3 صفقات مما يعكس أن هذا القطاع لدية فرص واعدة في المنطقة، ثم فى المرتبة الثالثة يأتي كل من قطاعات "الصحة" و"السياحة" و"الترفيه" و"الإعلام" بواقع صفقتين لكل منهم، ومن نماذج الصفقات التي تمت في تلك القطاعات قيام صندوق "يورمينا 2" بشراء حصة تمثل 51% من مستشفى "العيون الدولي" بمصر، وشراء مستثمرين حصة تمثل 40% من "العمانية للمشاريع الطبية" بقيمة 10.75 مليون دولار.
وكذلك قيام "نيوز كورب" الأمريكية بشراء 4.50% من "روتانا" بقيمة 35 مليون، وفي المرتبة الأخيرة تأتي قطاعات "المرافق" و"مواد البناء" و"الطاقة" و"تكنولوجيا المعلومات" بواقع صفقة لكل منهم.
أما على مستوى الدول المشترية، فاستحوذت قطر علي المركز الأول من حيث عمليات الشراء بعدد 6 صفقات يتصدرها "صندوق الثروة السيادية القطري" وتعكس تلك الصفقات الاهتمام الذي توليه قطر لتوسيع نطاق استثماراتها الخارجية في أمريكا وأوروبا، ويرجع ذلك إلى توافر السيولة الملائمة لصفقات الاستحواذ.
بينما جاءت الإمارات العربية المتحدة في المركز الثاني بعدد 5 صفقات، يليها الكويت بعدد 3 صفقات، ثم السعودية بعدد 2 صفقة، وفي المرتبة الأخيرة تأتي مصر حيث أن الأوضاع فيها لا تساعد الشركات علي توفير السيولة اللازمة للقيام بالصفقات، فهي تصارع في الأساس من اجل البقاء في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلد.
ورأت الجمعية أن تراجع البورصة المصرية خلال العام الماضي كشف عن وجود فرص للاستحواذ علي العديد من الشركات المهمة والاستراتيجية بأسعار رخيصة نتيجة التأثيرات السياسية والأمنية فرغم الضوابط المشددة في القانون في مثل هذه الحالات إلا أن هذه العمليات عادة ما تتم في إطار قانوني يتيح تنفيذها خصوصا في ظل تفتت هياكل ملكية العديد من الشركات والمخاوف لدي المستثمرين الأفراد بشأن طول فترة الاحتفاظ نتيجة عدم استقرار الأوضاع .
أضافت أن الفترة الأخيرة تظهر أن ميول المستثمرين تتجه نحو اقتناص الفرص والصفقات الرخيصة، وفقا لقاعدة (حال وجود عدد محدود من المستثمرين في السوق، والكثير من الأصول المعروضة للبيع، ينفذ المستثمرون أقوى الصفقات الاستثمارية الرخيصة). وخاصة في قطاعات مثل الاسكان الذي يمتاز بارتفاع مخزون الأراضي لدي شركاته في وقت تشهد فيه مصر بعد الثورة سياسات متشددة لبيع الاراضي وفي وقت يوجد فيه فجوة سكنية كبيرة محليا يتوقع استمرارها طالما زاد عدد السكان وذلك إلى جانب القطاعات الصناعية مثل الحديد، والتي تمتاز بنمو الطلب علي منتجاتها محليا وعالميا مع ارتفاع في طاقتها الإنتاجية بصورة واضحة.
أكدت أن قطاعات مثل الأغذية والزراعة والدواء والبتروكيماويات والموارد الأساسية المصرية قد تكون خلال الفترة القادمة هدفًا قويًا لعمليات استحواذ مما يستدعي ضرورة تشديد الرقابة علي التعاملات خلال هذه الفترة مع وضع آلية قانونية جديدة لتخارج كبار المساهمين.
كما أكدت أن عودة الثقة إلى قطاع الملكية الخاصة في مصر في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية تدعم التفاؤل بشأن الاستثمارات لقطاعات أكثر قدره علي النمو مثل الرعاية الصحية والتعليم والسلع الاستهلاكية والنفط والغاز، ومن المرجح أن تستفيد هذه القطاعات من خطط الإنفاق الحكومي والتغييرات التشريعية. وتعتبر قطاعات النقل، الطرق ذات التعرفة المرورية، الموانئ والطاقة قطاعات جذابة للمستثمرين لأنها تجلب مليارات الدولارات في الإنفاق الرأسمالي.
أوضحت أنه من خلال تحليل التدفقات الاستثمارية عالميا فقد تلاحظ أن الشركات الأوروبية والأمريكية بدأت تبحث عن موارد جديدة لها والدخول في نشاطات لها القدرة على تحقيق أرباح، خاصة بعد أن بدأت تواجه منافسة شرسة مع الشركات الصينية والهندية والكورية التي بدأت تغزو إفريقيا بشكل كبير مستحوذة على ما يقرب من 60% من هذه الاستثمارات في إفريقيا.
كما أن أغلب الشركات العالمية بدأت تبحث عن بدائل من أجل خلق كيانات جديدة ناشئة لها القدرة على تحقيق أرباح كبيرة من أجل تعويض خسائرها التي منيت بها إثر الأزمة المالية العالمية بحيث تكون نقطة انطلاق لها في أسواق أخرى وفي مقدمتها إفريقيا التي أصبحت الملاذ الآمن لهذه الشركات نظرًا لما تتمتع به هذه المناطق من ثروات معدنية وسوق استهلاكي كبير.
وأشارت الى أنه نتيجة الكشف عن هياكل ملكية الشركات خلال الفترة الماضية فقد تم رصد العديد من حالات الاستحواذ علي حصص من أسهم الشركات المتداولة بنسب تتراوح ما بين 5% و30% ومن المتوقع استمرار هذه الصفقات خلال عام 2012 في ضوء تطورات الأوضاع الاقتصادية والسياسية .
قالت إنه من الضروري أن يتم تحفيز الاستثمار المؤسسي متوسط و طويل الأجل في السوق المصري خلال عام 2012 لضمان الحفاظ علي الاستقرار السوقي، خاصة و نؤكد أن مستقبل البورصة المصرية خاصة خلال الأشهر القليلة القادمة سوف يظل مرهونًا بأداء المستثمرين المحليين من أفراد وبنوك وصناديق ورغبة هذه الأطراف في مساندة السوق ودعمها حتى تجتاز هذه الفترة، ونشير إلى أن دعم الأطراف المحلية للسوق يعطي رسالة ثقة للمستثمرين الأجانب بأن الأمور تمضي إلى الأفضل وبالتالي لا داعي للخروج من هذه السوق الواعدة.