صوت مجلس النواب العراقي في جلسته اليوم على قرار أعدته لجنة النفط والطاقة النيابية يقضي بفتح باب الاستثمار في مجال الكهرباء لتحسين قدراته وتوفيره للطاقة الكهربائية المطلوبة التي فشلت السلطات في توفيرها خلال السنوات التسع الماضية على التغيير في العراق والتي تم إنفاق حوالي 20 مليار دولار خلالها من دون طائل بسبب الفساد وسوء الإدارة. فلم تحقق الزيادة في توفير الطاقة الكهربائية منذ عام 2003 سوى الف ميغا واط على الناتج المحلي البالغ ستة ألاف ميغا واط فيما يصل الاحتياج الوطني حاليا إلى أكثر من 15 الف ميغاواط. ويقضي القرار بفتح باب الاستثمار في قطاع الكهرباء والزام الحكومة بتشكيل هيئة استثمار وطنية في مجال الكهرباء لتناط بها مسؤولية تنظيم هذا القطاع المهم وفتح الباب أمام المستثمرين المحليين أو الأجانب. وقد اعتبر مقرر مجلس النواب محمد ألخالدي تشكيل هيئة خاصة لاستثمار الكهرباء ضربة قاصمة لمافيات الفساد ونهاية لمعاناة المواطنين من مشاكل المولدات الأهلية.
وقال في تصريح صحافي وزعه على الصحافة أن"مجلس النواب نجح في التصويت على تشكيل هيئة لاستثمار الطاقة الكهربائية لحل أزمة نقص الطاقة وان تشكيلها سيوجه ضربة قاصمة لظهر مافيات الفساد المسئولة عن استمرار أزمة الطاقة الكهربائية وتعتاش عليها منذ سنوات طويلة حرم منها العراقيون".
وأشار الخالد الى أن "هذه الهيئة ستفتح الباب أمام المستثمرين الأجانب من اجل الدخول في استثمار الكهرباء وإنتاجها وسد العجز في الطلب على الكهرباء وان المشاريع الاستثمارية في الكهرباء ستكون مشاريع بديلة جيدة للمولدات التي تزود المواطنين بالكهرباء وتؤدي الى خسارة العراق لمليارات الدولارات نتيجة الوقود المستورد والمنتج بالإضافة الى ما تخلفه هذه المولدات من تلوث بيئي واضرار ومشاكل".
يذكر أن العراق يعاني نقصاً في الطاقة الكهربائية منذ بداية عام 1990، وازدادت ساعات تقنين التيار الكهربائي بعد عام 2003 في بغداد والمحافظات، بسبب قدم الكثير من المحطات بالإضافة إلى عمليات التخريب التي تعرضت لها المنشآت خلال السنوات الماضية، حيث ازدادت ساعات انقطاع الكهرباء عن المواطنين إلى نحو عشرين ساعة في اليوم الواحد، ما زاد من اعتماد السكان على مولدات الطاقة.
وخلال الصيف الماضي أقال رئيس الوزراء نوري المالكي وزير الكهرباء السابق رعد شلال على خلفية توقيعه عقودًا قيل أنها وهمية وصلت قيمتها إلى مليار و700 مليون دولار. وقالت مصادر حكومية أن قرار الإقالة صدر بعد التأكد من انه قد وقع عقودًا تجارية وهمية باسم الوزارة بقيمة تصل إلى مليار و700 مليون دولار، موضحة أن المالكي قد أمر بفتح تحقيق في الأمر.
وقد اتهم النائب المستقل حاليًا رئيس لجنة النزاهة سابقًا صباح الساعدي في حينها نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني بالتورط في العقود الوهمية التي أبرمتها وزارة الكهرباء، وقال ان وزير الكهرباء رعد شلال هو كبش فداء لمفسدين كبار كان لهم اطلاع على عقود هذه الشركات باعتبارها وهمية.
وأكد الساعدي ان المالكي مطلع على تلك العقود قبل توقيعها، كما هاجم السياسيين، وقال أنهم يحمون الفاسدين، وخاصة في الأحزاب المشاركة في السلطة.
واشار الى ان وزارة الكهرباء معروفة بأنها أكثر الوزارات فسادًا، موضحًا أن المتورط في العقود الوهمية وقيمتها 1.7 مليار دولار ليس فقط وزير الكهرباء رعد شلال وإنما الشهرستاني ايضا الذي نفى بشدة هذه الاتهامات.
وأوضح الى ان اللجنة الوزارية لشؤون الطاقة برئاسة الشهرستاني وافقت على عقد توريد محطات الديزل من شركة ألمانية بمبلغ مليار و250 مليون دولار، وعلى العقد الآخر بمليار و175 مليون ليكون المجموع مليارين و475 مليون دولار.
واضاف الساعدي أن المبلغ الذي أُنفق على الكهرباء بلغ 27 مليار دولار، وبعدما طلب المالكي في برنامجه الحكومي للسنوات الأربع المقبلة 30 مليار دولار، مما يوصل المبلغ الإجمالي الى 57 مليار دولار، لكنه يتم إصلاح المنظومة الكهربائية حتى الآن.
وإزاء هذه التطورات، فقد هدد وزير الكهرباء رعد شلال بالكشف عن الكثير من "العقود المريبة" التي أبرمتها وزارة الكهرباء خلال السنوات السابقة، في إشارة إلى عقود تتعلق باستيراد توربينات ضخمة من شركتي "جنرال اليكتريك" الأميركية و"سيمنس" الألمانية، ولم يتم نصبها حتى الآن.
وكان وزير الكهرباء العراقي الأسبق كريم وحيد قد استقال من منصبه عام 2010على خلفية تظاهرات الاحتجاج عمّت العراق ضد فقدان الكهرباء، والتي أدت الى اشتباكات في بعض المحافظات مع رجال الأمن وخلفت قتيلين و20 مصابًا.
ويعاني العراقيون منذ الحرب الأميركية في بلادهم، والتي أسقطت النظام السابق، انقطاعًا في التيار الكهربائي وعدم القدرة على استخدام أجهزة التكييف والمراوح لفترات طويلة. لكن في هذا العام تضافر ارتفاع الحرارة مع نقص المياه لتصبح الحياة غير محتملة تقريبًا للكثيرين في شهر رمضان الحالي. ويتعرض العراقيون لانقطاع الكهرباء ما يتراوح بين ست و20 ساعة يوميًا، ومما زاد الأمور سوءًا ان بعض المحافظات العراقية تعرضت لموجة من الحر الشديد على مدار الأسبوع الماضي، حيث وصلت درجات الحرارة الى 56 مئوية.
ويزيد الحر القائظ من الضغط على شبكة الكهرباء المتهالكة في العراق، ونظرًا إلى تراجع إمدادات الكهرباء من الشبكة الوطنية يضطر العراقيون للاعتماد بدرجة اكبر على مولدات خاصة لتشغيل أجهزة تكييف الهواء والثلاجات. وفي إجراء استهدف تخفيف حدة الغضب الشعبي المتزايد بسبب استمرار انقطاع الكهرباء، قررت الحكومة العراقية أخيرًا توفير الوقود بالمجان لمولدات الكهرباء في أحياء المدن في أنحاء البلاد، على أن تتولى هذه الأحياء تزويد السكان بالكهرباء فترة لا تقل عن 12 ساعة يوميًا بأسعار معقولة.
وكان مستشار وزير الاقتصاد الأميركي جون دسروشر قال العام الماضي ان أزمة الكهرباء في العراق لن تحل قبل عام 2015، وان قطاع الكهرباء العراقي سيواكب نظرائه في الدول المتقدمة بحلول عام 2030 وفق خطة إستراتيجية موضوعة لتأهيله.