تتوارث المجتمعات العربية منذ مئات السنين عادة إطلاق المدفع للإعلان عن حلول وقت الإفطار خلال شهر رمضان على اختلاف الدول العربية. فما قصة "مدفع رمضان" في القدس ومصيره؟ وما هي أسراره. "أنباء موسكو"
بدأت الحكاية من مصر وبالتحديد من مدينة القاهرة حيث ولد "مدفع رمضان" بعد قرون من محاولات المسلمين بأن يبتكروا وسيلة إلى جانب الآذان للإشارة إلى موعد الإفطار، بعد زيادة الرقعة المكانية والتطور العمراني خلال قرون شهدت انتشار تاريخية للإسلام، حتى شهر حزيران/يونيو في عام 1461 الذي توافق مع رمضان عام 865 هجري.
ولد هذا العرف بالصدفة عندما أراد السلطان المملوكي خشقدم أن يجرب مدفعًا جديدًا وصل إليه. وقد صادف إطلاق المدفع وقت المغرب بالضبط، ظن الناس أن السلطان تعمد إطلاق المدفع لتنبيه الصائمين إلى أن موعد الإفطار قد حان، فخرجت جموع الأهالي إلى مقر الحكم تشكر السلطان على هذه البدعة الحسنة التي استحدثها، وعندما رأى السلطان سرورهم قرر المضي في إطلاق المدفع كل يوم إيذانًا بالإفطار.
انتقلت الفكرة إلى القدس ومنها إلى بلاد الشام ثم إلى بغداد في أواخر القرن التاسع عشر، وبعدها انتقل إلى مدينة الكويت حيث جاء أول مدفع للكويت في عهد الشيخ مبارك الصباح، وذلك عام 1907، ثم انتقل إلى كافة أقطار الخليج قبل بزوغ عصر النفط وكذلك اليمن والسودان وحتى دول غرب أفريقيا مثل تشاد والنيجر ومالي ودول شرق آسيا حيث بدأ مدفع الإفطار عمله في إندونيسيا سنة 1944 .
أما القدس فارتبط مدفع رمضان بعائلة صندوقة المسؤولة عن إعلان الإفطار منذ 120 عاما أبا عن جد، ويقع المدفع التاريخي في مقبرة باب الساهرة وسط مدينة القدس، ويعود استخدامه خلال شهر الصيام إلى الفترة العثمانية، بعد أن تم تثبيته داخل المقبرة في القدس القديمة بجوار المسجد الأقصى، ومنذ ذلك الحين يتولى أبناء عائلة صندوقة مهمة إطلاق المدفع، وفي عام 1945 نصب البريطانيون مدفعًا جديدًا مكان المدفع التركي الموجود حاليًّا في المتحف الإسلامي بالقدس.
ورث السيد رجائي صندوقة مهمة إطلاق المدفع عن والده في عام 1992، وما يزال المدفع حاضرا، لكنه ليس إلا شاهد تاريخي أصم، بعد أن أمرت السلطات الإسرائيلية المسؤول عن ضرب المدفع في رمضان منذ سنوات بالتوقف عن استعماله، واستخدام مفرقعات وألعاب نارية، وعلق رجائي صندوقة لمراسل وكالة "الأناضول" للأنباء بهذا الشأن قائلا: "إن المقدسيين يظنون حتى اليوم أن ما يسمعونه قبيل الإفطار وقبيل السحور هو صوت مدفع رمضان التقليدي، ولا يعرفون ما وراء الكواليس.
يصر رجائي على أن يصحب أبناءه معه، وان لم يعد الأمر بهدف تعليمهم "أصول المصلحة" المؤتمنة منذ ما يقارب 120 عاما (كتنظيف المدفع، ودك البارود وتوجيه السبطانة شاقوليا وإشعال الفتيل القماشي في الوقت المناسب لتزامن الإطلاق مع الأذان) ، إذ أن دوره يتلخص الآن بالضغط على زر جهاز التحكم عن بعد ليفجّر المفرقعات الموجودة في الصندوق الأسود لحظة موعد الإفطار، فتحدث صوتًا مدويًا أشبه بصوت المدفع.