يحتل مسجد الحسين لدى المصريين مكانة خاصة ومنزلة طيبة وبمجرد نطق لفظ سيدنا يتدارك للأذهان ان المقصود هو الحسين رضى الله عنه .. واذا قيل الحسين تتدارك السيرة العطرة التى توارثتها الناس عن مكانة الحسين واستشهاده من أجل الحق والعدل وتقديم أروع نماذج للفداء فهو سيد شباب أهل الجنة . هذه المكانة الرفيعة جعلت الناس تروى سيرته وتسعد بزيارة مسجده.
يقع مسجد الحسين بشارع الازهر بالقاهرة وفى مواجهة الجامع الازهر وبجواره أشهر الشوارع التجارية السياحية مثل خان الخليلى والموسكى والغورية والتى استمدت شهرتها من وجودها بجوار مسجد الحسين ومكان المسجد تاريخيا يقع فوق الركن الجنوبى والشرقى للقصر الكبير الفاطمى الذى اندثر بعد انتهاء الدولة الفاطمية .
اما عن الرأس الشريفة للامام الحسين فقد نقلت من مدينة عسقلان بفلسطين الى القاهرة وفقا لما رواه المؤرخ المعروف المقريزى قال الفاضل محمد بن على بن يوسف انه فى شعبان سنة 491هجرية خرج الافضل بن امير الجيوش بعساكر جمة الى بيت المقدس حتى تسلمها ودخل عسقلان وكان بها مكان به رأس الحسين بن على بن ابى طالب رضى الله عنهما فأخرجه وعطره وقدوجد دمه لم يجف وريحة كالمسك وحمله الى اجل دار بها ثم حمل الرأس على صدره ووصل بالرأس من عسقلان الامير سيف المملكة تميم والقاضى المؤتمن ووصل الى القاهرة يوم الاحد 8مارس سنة 548هجرية / 31اغسطس سنة 1153م ودفنت بقصر الزمرد الفاطمى بسرداب .
وروى المقرزى ان الصالح طلائع بنى المسجد المعروف باسمه وأبدع فى بنيانه ليدفن فيه الرأس الشريف الا ان الخليفة الفاطمى لم يمكنه من ذلك وقال لايكون الا داخل القصور الزاهرة وبنى المشهد الموجود الان والذى انشئ خصيصا لذلك ونقلت اليه عام 549هجرية _1154م.
هذا وقد وصف الرحالة ابن جبر المشهد عندما زاره عام 578هجرية / 1182م وصفا طيبا وقال : انه مدفون فى تابوت من الفضة تحت الارض قد بنى عليه بنيان حفيل يقصر الوصف عنه ولايحيط الادراك به محلل بانواع الديباج محفوف بامثال العهد الكبار شمعا ابيض وقد وضع اكثره فى اقدار فضة خالصة ومنها مذهبة وعلقت عليه قناديل فضة وحف اعلاه كله بامثال التفافيح ذهبا فى مصنع شبيه الروضة يقيد الابصار صنعا وجمالا فيه انواع الرخام المجذع القريب الصنعة البديع المرصع بمالايتخيله المتخيلون ..
وقد تسابق السلاطين والامراء فى العصور المختلفة بالاهتمام بالمسجد لما له من مكانة خاصة .. هذا ولم يتبق من المشهد الايوبى الا البوابة الخضراء والمعروفة باسم الباب الاخضر .
اما المنارة او المأذنة فهى فن عمل ابى القاسم يحى السكرى المعروف بالزرزور واتمها ابنه محمد سنة 634هجرية _1236 م وقد تعرض المشهد لحريق سنة 640هجرية _1242 م فى عهد الملك الصالح نجم الدين ايوب ثم قام بترميمه القاضى عبد الرحيم البيسانى ووسعه والحق به ساقية ثم تم توسيع المسجد فى زمن الظاهر بيبرس 658هجرية _1260 م لدولة المماليك البحرية .
وفى عصر السلطان الناصر محمد بن قلاوون اتسع نطاق المسجد وزاد رونقا وبنى ابواب وبيوت للفقهاء العلوية (684هجرية _1285 م )وفى العصر العثمانى تعددت التوسعات والاصلاحات حيث تمت توسعة المسجد بأمر السلطان سليمان ثم عنى الوالى العثمانى محمد باشا الشريف 1004هجرية _ 1006م بترميم المسجد واصلاح زخارفه وزاد الامير حسن فى مساحته وصنع له تابوتا من الابنوس المطعم بالصدف والعاج اما الامير عبد الرحمن كتمدا وهو من اشهر من اهتموا بعمارة المسجد فقد اعاد بناء المسجد سنة 1175هجرية -1761م وعمل صهريجا وحنفية وأضاف له ايوانين .
وفى عصر اسرة محمد على زار السلطان عبد العزيز خان (الوالى العثمانى )مصر سنة 1879هجرية-1862م وقصد المسجد وأمر الخديو اسماعيل بعمارته وتشييده على اتم وأبهى شكل ونهض على باشا مبارك (مهندس الخديو اسماعيل )بعملية الرسم اللائق واتم الاصلاح سنة 1290هجرية- 1873م ولكنه لاحظ ان المنفذين لم يراعوا الدقة فى محاذاة الحوائط مماجعل بعض الجوانب مشطورة .
وفى عهد الرئيس جمال عبد الناصر زاد الاهتمام بالمسجد خاصة ان الرئيس عبد الناصر عاش وتربى فترة بمنطقة الجمالية الواقع بها مسجد الحسين كما انه كان يحرص على صلاة العيدين بمسجد الحسين وبدأ مشروع توسعة المسجد سنة 1379هجرية- 1959 م واستمرت اربع سنوات وافتتح عام 1383هجرية – 1963 م وتضاعفت مساحة المسجد من 1500متر مربع الى 3340متر مربع وعدلت الجوانب المشطورة المطلة على الميدان وعلى الوجهة القبلية لتجعله على استقامة واحدة وقد روعى فى التجديدات ان تكون مشابهة تماما للقديم حتى من يرى المسجد الان لايمكنه التفرقة بين الجزئين القديم والمضاف .. وأضيف للمسجد مبنى مؤلف من طابقين خاصا بادارة المسجد..كما انشئت مكتبة خاصة بالمسجد ومساحتها 144متر مربع بالجهة الشرقية على امتداد القبة والمصلى الخاص بالسيدات وافتتحت المكتبة سنة 1385هجرية-1965م كما ازيلت المبانى القديمة التى حجبت المسجد واصبح المسجد فى ابهى اشكاله ويرجع المشهد الحسينى الحالى الى عام 549هجرية – 1154 م فى عهد الخليفة الظافر بأمر الله والمسجد الحالى الى 1290هجرية -1873 م اما عن عمارة المسجد فان المسجد يحتوى على 44عمود ا عليهما البوائك التى تحمل السقف الخشبى ووسط السقف ثلاث مناور مرتفعة ومسقوفة .
وبجدران المسجد ثلاثون شباكا من النحاس المطلى بالذهب ويعلوها شبابيك أخرى صغيرة دوائرها من الرخام .
وللمسجد مئذنتان احدهما قصيرة قديمة والتى شيدها ابو القاسم بن يحى سنة 634هجرية – 1236 م فوق القبة والثانية فى مؤخرة المسجد وهى عالية ورشيقة على الطراز العثمانى والذى يتخذ شكل مخروطى اشبه بالقلم الرصاص فى الجزء العلوى من المأذنة عليها لوحان بخط السلطان عبد الحميد كتبهما سنة 1266 هجرية .
أما القبة فقد طرأت عليها عدة تغييرات والقبة الحالية أقيمت فى اوائل الثمانينات من القرن الميلادى الماضى وأشرف على تركيبها الدكتور احمد قدرى رئيس هيئة الاثار المصرية "وقتذاك" .
اما المنبر فهو يحتوى على اشكال زخرفية رائعة وهو منبر اثرى كان من قبل بجامع ازبك والمحراب مكسو بالقشانى .. اما المقصورة فهى من الفضة الخالصة اهدتها طائفة البهرة للمسجد.
ويجاور القبة حجرة المخلفات النبوية التى شيدت خصيصا سنة 1311هجرية_1893 م وتحتوى على خزانة خشبية مطعمة بالالوان البديعة وجمعت قطعة من القميص الشريف ومكحلة ومرودين وقطعة من العصا وشعرات من لحية الرسول صلى الله عليه وسلم وبها مصحفان كريمان بالخط الكوفى .