على أنغام فلكورية، وأشعار صوفية ل ابن الفارض «سلطان العاشقين»، يشدوا بها المنشدين، تتحول قصور الثقافة، والبيوت التراثية، والحدائق العامة في القاهرة، وباقي المحافظات المصرية، إلى مسارح كرنفالية، احتفالا بشهر رمضان، وتنطلق بها كل يوم بعد الإفطار، حفلات رقصة التنورة الصوفية، وتنشد المدائح النبوية، والإشعار الصوفية، والسيرة الهلالية والاراجوز، وسط حضور كثيف من المتفرجين السائحين منهم والمصريين، الذين اعتادوا هذه الفاعليات كأحد المظاهر المميزة للشهر الكريم، والتي تتبناها الدولة على مستوي أكبر الهيئات الثقافية في مصر. التنورة تمثل حفلات التنورة التي تقدم في قصر الغوري الذي يرجع بناؤه للقرون الوسطى بحي الحسين الشعبي الشهيرة، واحد من أشهر الحفلات الفلكلورية التي يتوافد إليها الزور من المصريين ومن الجنسيات الأخرى في رمضان، حيث يخلب لبهم راقص التنورة "اللفيف" الراقص الأساسي بحركاته الدائرية المستمرة حول نفسه على إنشادات صوفية، ويلتف حوله الراقصون "الحناتية"، وتنورة "اللفيف" ذات الألوان الزاهية، تخطف العين، وتكون لوحة بديعة الألوان قوس قزح من خلال الرقص والموسيقي، تجذب جمهورها، بعد أن كانت بدايتها في التكايا الخاصة بالصوفيين فقط في بدايتها، لتمتلئ عروضها بعشاقها ومريديها، خاصة من السائحين، الذي يتمتعوا بجوها الفلكلوري، وتقدم الفرقة عروضها بمصاحبة الآلات الموسيقية الشعبية مثل الربابة - السلامية - المزمار الصاجات الطبلة، كما يقوم بالغناء بمصاحبتها الرقص، منشد شعبي يعتمد على التلقائية والإنشاد الديني.
الأراجوز وفي أهم المواقع الأثرية والتاريخية، مثل محكي القلعة وبيت القاضي بشارع المعز الأثري الشهير، تدور عروض "الأراجوز"، و"ملاعيب شيحة"، والذي تدور أحداثه حول الصراعات الدائرة بين "شيحة" وخصومه، ويتناول العرض أيضا سيرة الظاهر بيبرس، في محاولةٍ لتقديم أشكال البطولة الشعبية في السيرة، وتمتاز هذه العروض بأنها تجذب جمهور من الصغار والكبار، وتقدم كذلك في العديد من الحدائق المفتوحة، كما تقدم عروض خيال الضل، ويمثل "الأراجوز" فن شعبي ازدهر في مصر في أواخر العصر المملوكي، وكان وسيلة لتسلية الناس، واندثر في الفترة الأخيرة بشكل كبير حتى أصبح عدد الفنانين الذين يقدمون عروضه قليل جدا، ولهذا تجد هذه العروض جمهور كبير ينتظر عرضها في شهر رمضان.
الإنشاد والسيرة الشعبية تعقد حلقات الإنشاد الديني والمدائح والسير الشعبية، للأبطال مثل، ابوزيد الهلالي، والظاهر بيبرس، في المسارح، والبيوت التراثية التي تفتح أبوابها لتقديم العروض في رمضان، ويتنافس منشدي تلك الفرق في جذب المستمعين، بأسلوب الإلقاء الشيق الجذاب، ويتوافد عليها إليها العديد من السائحين، للتمتع بالإنشاد الديني، والموسيقى الروحية، التي تلائم الأجواء الدينية الخاشعة التي ترافق هذا الشهر الكريم.
البيوت التراثية في رمضان أهم ما يميز هذه الحفلات الفلكلورية، هي الأماكن التي تقام فيها، حيث يحتضنها مجموعة من المباني الأثرية الإسلامية، من أهمها قصر الأمير طاز، بجوار قلعة صلاح الدين الأيوبي، والذي يستضيف حفلات الإنشاد الديني، والفنون الشعبية، ويمثل المقصر واحد من أهم قصور العصر المملوكي الباقية في مصر، وشهد القصر حين بناؤه منذ أكثر من 7 قرون، حادثة فريدة من نوعها لم تحدث من قبل وهى نزول "السلطان" من مقر حكمه ليفتتح هذا القصر، وكانت هذه سابقة لم تحدث من قبل، كما أنه شاهد تدبير الأحداث التي توالت لإزاحة وتولية السلاطين أبناء الناصر محمد بن قلاوون، ثم أصبح مقرا للولاة المخلوعين من الحكم.
وكالة الغوري، واحد من أهم البيوت الأثرية التي تقام فيها العروض الفنية، ويمثل مجموعة معمارية بنيت في آخر العصر المملوكي على مملوك شركسي هو الاشرف أبو النصر قنصوة الغوري الذي تولى حكم مصر، وكان آخر السلاطين المماليك، فمع نهاية عصره جاء الغزو العثماني، ويوجد في منطقة الأزهر، وتعقد به حفلات "التنورة" بشكل خاصة.
وهناك عدة بيوت أثرية تقام بها حفلات الإنشاد الديني، والاراجوز، والسيرة الشعبية واهم هذه البيوت الهرواي ، الذي اشتهر ببيت العود، بعد أن أقامت به وزارة الثقافة المصرية مدرسة لتعليم العودة، يديرها عازف العود العالمي العراقي الجنسية نصير شمة، وهناك بيوت "السيحمي" و"القاضي" و" زينب خاتون".