علي طريقة الحرب الباردة تسير مصر إلي الانقسام الطائفي بين المسلمين والمسيحيين وذلك بالإعلان عن تأسيس جماعة الإخوان المسيحيين علي غرار الإخوان المسلمين. ومما لا شك فيه أن الإعلان عن تدشين هذه الجماعة أثار جدلا وردود أفعال متباينة في الرأي العام المصري ما بين مؤيد ومعارض، لكن السؤال الذي يطرق أذني وأذن الجميع هل لو تأسست هذه الجماعة ستنجح بالفعل في سياستها مع المسلمين أم يحدث العكس وتنقلب الدولة عليهم؟ .
و العجيب أنه تزامن مع عقد جماعة الإخوان المسيحيين مؤتمر للإعلان عن تدشينها تحت شعار (حال أقباط مصر في ظل الحكم الديني) ، ترحيب الجبهة السلفية بتأسيس تلك الجماعة، وهو ما دل علي وجود علامات استفهام تحتاج إلي تفسيرات عاجلة.
ويقول الدكتور خالد سعيد المتحدث الرسمي باسم الجبهة السلفية انه لا مانع من ان يؤسس الأخوة المسيحيين جماعة مثل الإخوان المسلمين، ما داموا سيعملون في إطار قانوني يتفق مع الشريعة والعقيد المسيحية !!.
بينما اعتبر الدكتور طارق الزمر المتحدث باسم الجماعة الإسلامية ان تأسيس جماعة الإخوان المسحيين لا يمثل الا رد فعل سلبي من بعض الأقباط لوضع العراقيل أمام الرئيس الدكتور محمد مرسي.
ويتوقع الزمر ان هذه الجماعة لن يكتب لها النجاح لان الداعين لها هم الرافضين للثورة، مشددا في الوقت ذاته علي انه لو تم تأسيسها يجب ان يكون في إطار القانون والدستور ليصب في مصلحة الوطن.
ويقول حزب الجبهة الديمقراطية ان تشدين جماعة الإخوان المسيحيين علي غرار الإخوان المسلمين هو بداية لتقسم مصر علي أساس عقائدي وتحويلها الي نموذج آخر مثلما يحدث في السودان ولبنان.
ويضيف رئيس الحزب السعيد كامل ان تأسيس هذه الجماعة يعطي فرصة للدول الأجنبية الحاقدة للتدخل في شئوننا الداخلية لتدعيم هذه الفصيل وبالتالي سوف يؤدي الي ظهور طوائف أخري كالبهائية وهذا ما نرفضه جملة وتفصيلا .
ويكشف كامل أيضا ان هناك أطراف أجنبية تسعي الي الطائفية التي تهدد مصر لتدخلها في انشقاق داخلي لتوقف النهضة التي تسعي إليها وننشغل بتلك النزعة الطائفية.
في المقابل، يرفض المفكر القبطي مدحت بشاي تدشين جماعة الإخوان المسيحيين علي غرار المسلمين، قائلا (انه خطأ كبير) حيث يسعي الي تشجيع فكرة الدولة الدينية وبالتالي تقسيمها طائفيا.
ويقول بشاي ان الشباب القبطي خرج من أسوار الكنيسة وتحرر بعد ثورة 25 يناير وأصبح يتحدث في السياسة مثل شباب ائتلاف شباب ماسبيرو وموقع أقباط متحدون الذي يستحق الدعم لأنه يسعي الي الحوار وتقبل الرأي الآخر، علي حد قوله.
لم يكتفي بعض الشخصيات البارزة بذلك بل رفض أيضا المفكر القبطي جمال أسعد لكن الرفض جاء من اجل مصلحة المسيحيين، حيث استنكر أسعد فكرة تأسيس الإخوان المسيحيين لأنها ستعطي فرصة للمسلمين لترسيخ الدولة الدينية وبالتالي تعطي الفرصة الكبيرة للإخوان المسلمين بحجة إقامة الدولة الدينية وبالتالي يصبح التيار الإسلامي هو الأغلبية والتيار المسيحي هو الأقلية.
وقرأت مؤخرا عن افتتاح هذه الجماعة أول مكتب دولي لها خارج مصر نهاية الشهر الجاري في النمسا وتعين فريد بخيت رئيس منظمة "كيمي" القبطية العالمية منسقا عاما للجماعة بالمهجر استعدادا لتأسيس حزب سياسي "لأقباط المهجر" في الوقت الذي تضاربت فيه الأنباء بشأن موافقة البرلمان الهولندي علي منح حق اللجوء السياسي للأقباط .
وكشفت جماعة الإخوان المسيحيين انها بصدد افتتاح 6 مكاتب كمرحلة أولي في ألمانيا واليونان وبلجيكا وفرنسا وبريطانيا وعلي رأسهم بلا شك أمريكا التي تسعي دائما للتدخل في شئون مصر، بهدف خدمة الجماعة دوليا ومواجهة الإخوان المسلمين لشق الصف الوطني.
وبعد دراسة ونقاش في وزارتي الداخلية والخارجية بهولندا استمر لمدة 10 أشهر أعلنت الهيئة القبطية الهولندية موافقة البرلمان الهولندي علي منح حق اللجوء السياسي للأقباط وهو الطلب الذي تقدمت به عقب أحداث ماسبيرو .
وفي الشأن المصري، رحبت هيئة منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان برئاسة نجيب جبرائيل بقرار هولندا لمنحهم حق اللجوء، ووصفت القرار بأنه جاء بعد جهد عظيم للهيئة القبطية الهولندية.
وينفي عماد عبد المسيح الباحث في الفلسفة السياسية بجامعة "أمستردام" صدور قرار موافقة هولندا بحق اللجوء، مؤكدا انه نقل ذلك عن موظفين في وزارة الهجرة الداخلية الهولندية، الذين أكدوا له ان البرلمان الهولندي ناقش الأوضاع السياسية في مصر فقط ووضع الأقباط دون منحهم حق اللجوء .
بينما هاجم فادي يوسف مؤسس ائتلاف أقباط مصر القرار الهولندي موجها رسالته للمسئولين الهولنديين قائلا " نشكركم لكن مصر أولي بشعبها مسلمين ومسيحيين".
ويؤكد ان موافقة هولندا علي حق اللجوء للأقباط هو محاولة شق الصف الوطني المصري الذي لم ولن نسمح به علي الإطلاق ما دام هناك رجال وطنيين يحبون وطنهم مصر .
ونحن هنا إذ نتمنى ألا تسير مصر علي هذا النهج في التقسيم الطائفي بين المسلمين والمسيحيين حتي لا تصبح مصر في ظل دولة طائفية عقائدية تؤدي إلي الانشقاق الداخلي الذي يسمح لأعدائنا بالتدخل في شؤوننا والذي لم ولن نقبله علي الإطلاق في ظل مصر الثورة، مصر الديمقراطية، مصر الحرية، مصر القوية مصر الشعب، مصر الجيش، مصر الحضارة والتاريخ.