«مدرسة الأشرف برسباي» التي تقع بقصبة شارع المعز لدين الله الفاطمي في قلب القاهرة وتجاورت فيه مع العديد من المدارس الاسلامية الأخرى مثل المدرسة المنصورية ومجموعة النحاسين ومجموعة الغوري واتخذت مدرسة «الأشرف برسباي» موقعاً متوسطاً ومتميزاً بينها، بالإضافة لذلك فإن الموقع شاهد على شق شارع جوهر القائد الموسكي في نهايات القرن التاسع عشر والذي مر على أنقاض جزء منها. كان الملك الأشرف أبوالنصر برسباى أحد مماليك الظاهر برقوق قدم اليه صغيرا فأعتقه وتدرج فى الوظائف حتى صار دويدارا كبيرا فى عهد الملك الظاهر ططر الذى لم يبق فى الحكم سوى أربعة وتسعين يوما ثم خلفه محمد بن طرطر الذى قضى بضعة أشهر فى الحكم تحت وصاية الأمير برسباى الذي انتزع الحكم لنفسه 825 ه / 1422 م وحكم ما يزيد عن ستة عشر عاما امتازت بالاستقرار وقلة الاضطرابات وتوفى سنة 841 ه / 1438 م .
وقد بدأ إنشاء هذه المدرسة سنة 826 ه / 1424 م ، على نظام المدراس ذات التخطيط المتعامد تتكون من صحن مكشوف تحيط به أربعة أيونات متقابلة وتقع القبة ملاصقة لإيوان القبلة الذى يعتبر أكثرها زخرفة وأرضيته الرخامية الجميلة وشبابيكه الجصية دقيقة الصنع ، يبلغ عرض المدرسة حوالي 60 م، وطولها 85م.
وتسمى المدرسة «الأشرفية» نسبة الى السلطان الملك الأشرف برسباي الدقماتي الظاهري، الذي أمر بانشائها في شارع المعز لدين الله الفاطمي، بالقرب من حي الصاغة، على أنقاض بعض الحوانيت التي كانت تعلوها الرباع ومن ورائها ساحات وقياسر هدمت لانشاء هذه المدرسة.
والمدرسة منذ أنشائها عبارة عن منشأة خيرية عظيمة، فهي أنشئت لتضم العديد من الوظائف بين طياتها فيها السبيل لسقاية المارة وابن السبيل، يعلوها الكتاب لتعليم الأيتام من الأطفال ليتعلموا القراءة والكتابة وحفظ كتاب الله، هذا بالإضافة إلى كسوتهم واعطائهم منحة مالية تكفيهم السؤال، وتحثهم على دوام الحضور، بالاضافة للمدرسة التي تعلم الدين الاسلامي. وكان يؤمن للدارسين والمدرسين الاقامة والطعام مع اعطائهم مرتبا ماليا شهريا، وهذا كله يقع ضمن اطار كفالة نظام الوقف الذي وفده الواقف من خلال أراض زراعية ومنشآت خيرية للصرف على هذه المنشأة.
ولتاريخ المدرسة قيمة كبيرة فلقد تزامن انشاؤها مع فتح جزيرة قبرص على يد منشئها «الأشرف برسباي»، وتم قراءة كتاب النصر والفتح بها. وأراد «الأشرف برسباي» وضع علامة بارزة من علامات العمارة الاسلامية تخليدا لفتح الجزيرة، فأقام منشأة عظيمة لم يبخل عليها من جمع كلاسيكيات الفن المملوكي بها.
ويتبع تخطيط «المدرسة الأشرفية» التخطيط السائد بالعصر المملوكي الجركسي، الذي يتكون من صحن أوسط مكشوف تحيط به أربعة إيوانات أكبرها ايوان القبلة، كما تضم قبة ضريحية، وسبيلاً وكتاباً، وسكنا لشيخ المدرسة بالاضافة للخدمات والمرافق والخلاوي (سكن الطلاب بالطابق العلوي).
ولهذه المدرسة واجهتان، الواجهة الرئيسية الجنوبية الشرقية والفرعية الشمالية الشرقية، ويقع مدخل المدرسة بالطرف الجنوبي من الواجهة الجنوبية الشرقية، في بوابة تتوجها طاقية مخوصة أسفلها حطات من المقرنصات ويتوسط البوابة باب الدخول الرئيسي الذي يفضي إلى دركاه مستطيلة، وعلى جانبيها خزانتان حائطيتان وبابان معقودان يؤدي الأيسر إلى حجرة السبيل، بينما يؤدي الأيمن إلى دهليز مستطيل يوجد بضلعه الجنوبي الغربي باب يؤدي إلى السلم الصاعد للدور العلوي، يليه دخلة المزملة يليها باب آخر يؤدي إلى قاعة خلف السبيل وفي نهايته باب يؤدي إلى المطهرة.
ويسقف كلاً من الدهليز والدركاه سقف خشبي مسطح، وصحن المدرسة عند نهاية هذا الدهليز وهو صحن سماوي مستطيل المساحة تحيط به أربعة إيوانات، أكبرها الايوان الجنوبي الشرقي (إيوان القبلة)، الذي يتصدره محراب ذو طاقية معقودة بعقد مدبب ذي صنجات مزررة، وتتقدمه دخلة معقودة بذات العقد ترتكز على عمودين مثمنين من الرخام، وعن يسار المحراب يوجد منبر مزخرف بالأطباق النجمية، ويوجد على جانبي المحراب أربع دخلات بواقع دخلتين بكل جانب وبصدر كل منها شباك ويسقف الايوان سقف خشبي ذي براطيم.
للمدرسة مئذنة تعلو المدخل تتكون من بدن مربع، بنهايته حطات من المقرنصات تحمل الشرفة الأولى التي تلتف حول البدن المستدير المزخرف بميمات متقاطعة، وبنهاية هذا البدن حطات من المقرنصات تحمل الشرفة الثانية التي تلتف حول الجوسق الذي تعلوه قمة على هيئة القبة البصلية يتوجها هلال.
وتتشابه عناصر من عمارة المدرسة بأخرى مماثلة بمباني معاصرة لزمن الانشاء فنجد المئذنة تتشابه لحد كبير مع مآذن «خانقاه مزج بن برقوق» بالقرافة. وسقف الايوان المقابل لايوان القبلة وزخرفته مع سقف ايوان القبلة بمدرسة الظاهر برقوق بالنحاسين، والذي كان برسباي مملوكاً له، والمدرسة تفتقد للعديد من العناصر المعمارية والزخرفية والتي تتمثل في فراغات المدرسة الشمالية والتي تلي المدفن، والمطلة على شارع الموسكي، كذلك تفتقد إلى الأرضيات الرخامية بالصحن والسدلتين والوزرة الرخامية بالحوائط. ويمكن أن نتصور جمال أعمال الرخام المفقودة من خلال ما تبقى منها والمتمثل في رخام أرضية ايوان القبلة البديع، والوزرة الرخامية لواجهة القبلة والتي أبدع فيها الفنان والذي تبقى لنا فيها نقش بديع لأجزاء من وقفية المبنى التي تعد حالة فريدة من التراث المعماري بمصر.
تتكون مدرسة السلطان الأشرف برسباي من صحن في الوسط تحيط به أربعة إيوانات. ويضم إيوان القبلة: المحراب والمنبر وكرسي المصحف.
وتقع القبة عند الحافة الشمالية للواجهة الرئيسية، ويمكن الوصول إليها من خلال الصحن. وللباب حجاب من خشب مخروط.
وتحيط القبة بمقبرتين في وسطها. وتضم إحدى المقبرتين رفات أم ولده الناصر محمد؛ والأخرى لابنه الناصري محمد.
وتعلو المئذنة الواجهة الرئيسية، وتتكون من ثلاثة مستويات. والمدرسة مشهورة برخام جدرانها، ومحرابها، وعقود نوافذها وأرضيتها؛ والدوائر الذهبية التي تزين أسقفها.