قالت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية: "أن أكبر تحديين يرهقان دول الربيع العربي، هو تأسيس الديمقراطية الوليدة والبدء في النمو الاقتصادي الذي تحتاجه تلك الدول بشكل متواز، وهي التحديات التي تواجهها ليبيا ومصر على وجه الخصوص في الوقت الحالي، تحت قيادة الرئيس المصري محمد مرسي والقائد السياسي للثوار في ليبيا محمد جبريل". وأضافت المجلة في تقرير بثته عبر موقعها الالكتروني: "انه من المفترض إن يدعم الاقتصاد والديمقراطية بعضهما البعض في الظروف المثالية ، إلا إن الواقع اثبت إن الوضع أكثر تعقيدا، وان السؤال الذي سيطرح نفسه بقوة في العالم العربي في الأشهر القادمة, هو ما إذا كان العالم العربي يستطيع الحصول على الديمقراطية والرخاء معا أم لا؟؟".
واستعرضت المجلة إحصائيات حول أراء شعوب العالم العربي في هذا الموضوع، وبشكل خاص في مصر ولبنان والأردن وتونس، حيث شهدت الآراء توافقا على إن الديمقراطية هي أفضل أنماط الحكم لهم، وذلك حسب دراسة حديثة أجراها مركز "بيو" للأبحاث، فيما أظهرت الإحصائيات تباينا بين آراء هذه الشعوب حول المفاضلة بين الرخاء الاقتصادي والديمقراطية .
وأضافت: "أن معظم الأردنيين والتونسيين يعتقدون أن دعم النمو الاقتصادي أهم من دعم الديمقراطية، بينما رأى اللبنانيون أن الديمقراطية أكثر أهمية، في حين اختلفت آراء المصريين حول هذا الأمر". وقالت مجلة "فورين بوليسي": "أن الدراسة كشفت فيما يتعلق بتأثير الربيع العربي على مستقبل الديمقراطية عن اعتقاد أغلبية كبيرة من شعوب العالم العربي بأن الثورات الشعبية الأخيرة ستؤدي بالضرورة إلى المزيد من الديمقراطية، وأن الانتخابات الأخيرة في مصر وتونس، أظهرت أن هذه الشعوب تريد شكلا معينا من الديمقراطية، يلعب فيه الإسلام السياسي دورا رئيسيا ويكون له بعض التأثير على قوانين هذه البلاد".
وأشارت إلى أن الأغلبية في الأردن ومصر، ترى أن القوانين يجب أن تتبع أحكام الشريعة الإسلامية، في حين يرى التونسيون أن القوانين يجب أن تحمل قيم ومبادئ الشريعة وليس أحكامها. وأضافت المجلة: "أن الآراء حول الوضع الاقتصادي خلال العام المقبل كانت مختلطة، حيث رأى أكثر من نصف من أجريت عليهم الدراسة في دول الثورات كتونس ومصر أن الوضع الاقتصادي سيتحسن، بينما يرى أقل من ثلث الأردنيين واللبنانيين ذلك، ولكن في الوقت نفسه، يرى الكثيرون في هذه البلدان أن الجيل القادم سيعاني لرفع مستوى معيشته، وهو الرأي الذي تنظر إليه المجلة بوصفه محبطا. واختتمت المجلة تقريرها بالقول: "إن الثورات العربية كان لها هدفان رئيسيان هما، الديمقراطية وتحسين الظروف الاقتصادية، ولكن بالرغم من احتضان الشعوب العربية للديمقراطية إلا أن الحكومات تباطأت في ذلك ، كما أن الوضع الاقتصادي في المنطقة مازال يعاني من التراجع، وإذا ما فشلت الحكومتان التونسية والمصرية في تحسين هذا الوضع، فإن إيمان الشعوب بالسوق الحر والديمقراطية سيتداعى، وهو ما حدث في السنوات الأخيرة مع دول الكتلة الشرقية في أوروبا حيث حل الإحباط محل التفاؤل الذي تبع سقوط حائط برلين.