مابين يوم وآخر تتبدل أحوال الساحة السياسية في الكويت، ويتغير المشهد من حالة الارتياح الى التوجس والخيفة ، وسط اجواء من عدم اتضاح الرؤية وارتفاع حدة الاشاعات والتكهنات من إقدام الحكومة على تغيير نظام الدوائر الانتخابية وآلية التصويت ، رغم سريان قانون الانتخاب الحالي . وأكدت مصادر نيابية مطلعة لصحيفة "الأنباء" الكويتية أن عددا من نواب مجلس 2012 - المبطل - ممن ينتمون لكتلة الأغلبية يجرون مشاورات فيما بينهم للقاء رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك خلال الأيام القليلة المقبلة لبحث قضية ما يشاع عن نية الحكومة تعديل قانون الانتخابات ، وقالت إن اللقاء المرتقب سيكون للوقوف على حقيقة الموضوع وهل بالفعل لدى الحكومة نية او توجه لإصدار مرسوم ضرورة بتعديل قانون الانتخابات لجهة تعديل الدوائر او تغيير عدد الأصوات المتاحة للناخبين.
وأشارت المصادر إلى أن تصريحات بعض الخبراء الدستوريين حول إمكانية الطعن في المجلس المقبل في حال إجراء الانتخابات وفق النظام الحالي شجعت أعضاء الكتلة للتوسع في بحث الموضوع من كل جوانبه ، وأن من يسعى لترتيب اللقاء هم نواب من كتلة الأغلبية، مشيرة إلى أن ثمة اتصالات أجريت لعقد اللقاء الذي سيضم عددا كبيرا من النواب لاستيضاح الرؤية خلال المرحلة المقبلة.
وأكدت مصادر أخرى أن تصريح وزير الإعلام الشيخ محمد العبدالله أتى اجتهادا شخصيا، مشيرة إلى أنه لم يؤكد او ينف، وإنما قال ما يعتقده بأن التعديل لن يأتي بتلك المرحلة على الدوائر الانتخابية ، مؤكدة ان ما اعلنه العبدالله ينسحب على الحكومة المستقيلة ، ولا يمتد الى الحكومة الجديدة التي يبقى لها الحق في طرح تعديل قانون الانتخاب او اي قانون آخر باعتباره ضمن صلاحياتها الدستورية.
وتضيف الأوساط أن من حق الحكومة أن تحيل إلى مجلس الأمة إذا كان قائما مشروع قانون بتعديل الدوائر ، او ان تحيله بمرسوم ضرورة علما بأن صدور مراسيم الضرورة تنظمه المادة 71 من الدستور ، وهي اختصاص اصيل لامير الكويت الذي له من الجميع واجب السمع والطاعة .
وأكد عدد من النواب ضرورة أن تتخذ الحكومة الترتيبات المعلنة لمنع الاستخدام السياسي في الانتخابات ، وانه في حال اصدار مرسوم ضرورة فليكن في انشاء مفوضية مستقلة يقوم عليها رجال مشهود لهم بالنزاهة والحيادية والامانة للاشراف على الانتخابات المقبلة ، ويكون للمفوضية سلطة ضبط المال السياسي ورصد اي تدخل من الاجهزة الحكومية خلال عملية الانتخابات خاصة ان هذه الاجهزة كان لها دور في انجاح عناصر شاذة في انتخابات 2012 الماضية ، وأن اي تعديل للدوائر الانتخابية يجب ان يصدر بقانون يوافق عليه مجلس الامة ، خاصة مع رفض كتلة الاغلبية النيابية العبث في قانون الدوائر الانتخابية ، وأن اقدام الحكومة على اصدار مرسوم ضرورة بتعديل الدوائر او تغيير آلية التصويت يعد اعتداء على الدستور.
واشار النواب الى ان الحكومة لها تجارب سابقة في هذا الشأن ، ومنها نظام ال25 دائرة الذي صدر بمرسوم ضرورة ، وكان هدف الحكومة من هذه المراسيم هو تغيير ارادة الناخبين بعدما افرزت الانتخابات الاخيرة تشكيلة نيابية ليست في صالحها.
وفي هذا السياق تتردد أنباء عن تكليف عدد من الخبراء الدستوريين ورجال القانون بتقديم تقرير كامل ومفصل حول تعديلات محتملة على قانون الانتخاب وآلية التصويت على ان يقدم لرئيس الوزراء خلال الاسبوع الجاري ، وان فكرة تعديل آلية التصويت واردة ولكن التباين في كيفية اقرارها قبل الانتخابات عبر مرسوم ضرورة او الانتظار لحين انعقاد المجلس.
وفرضت تداولات تعديل قانون الانتخابات نفسها على الساحة السياسية التي انشغلت بقراءة النتائج المحتملة لأي تعديل يطال صيغة الدوائر الخمس او عدد اصوات المرشحين الذين يحق لكل ناخب ان يقترع لهم ، وهو الامر الذي يمهد لقيام مجالس نيابية تتسم بصحة التمثيل الشعبي لكل اطياف المجتمع وفئاته بعيدا عن نفوذ المصالح الخاصة التي تتحكم بمسار التشريع وتحرفه عن جادة المصلحة الوطنية العليا.
وتزامنت قضية قانون الانتخابات مع تأكيد أوساط عليمة أن تعديل الدوائر قادم لا محالة مع الحكومة المقبلة وخلال القريب العاجل انسجاما مع انتقادات دستورية وقانونية لصيغة الدوائر الحالية، حيث أكد الخبير الدستوري محمد المقاطع أن نظام الدوائر الخمس خطأ افرز الكثير من السلبيات ومنها عدم المشاركة الفعلية لأكثر من 60 في المائة من الناخبين نتيجة التوزيعة غير العادلة بين الدوائر، الأمر الذي من شأنه تعريض المجالس المقبلة للحل بأحكام قضائية ، وهو ما اتفق مع اعلان النائب السابق الدكتور ناصر الدويلة قبل يومين عزمه تقديم طعن امام المحكمة الدستورية بنتائج الانتخابات المقبلة في حال أجريت وفق نظام " الدوائر الخمس مع أربعة أصوات للناخب".
وفي هذا الاتجاه قالت مصادر من الأغلبية أن أعضاء الكتلة بدأوا بإجراء الترتيبات اللازمة للعملية الانتخابية من خلال تجهيز القوائم او التنسيق اللازم لخوض الانتخابات، موضحة أن المشاورات تجري بوتيرة واسعة وسريعة يقودها عدد محدد من أعضاء الأغلبية لضمان نتائج مرجوة للكتلة.
وفي الاتجاه المقابل أوضحت مصادر من كتلة الأقلية في مجلس 2012 المبطل أن مشاورات تجري لإمكانية التنسيق في الانتخابات المقبلة لضمان زيادة عدد ممثلي الأقلية في المجلس من خلال التحالفات او الترشيحات الجديدة لمرشحين كانت فرص فوزهم في الانتخابات السابقة كبيرة.