صدر مؤخرا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة أحدث عمل شعري للشاعر رفعت سلام "هكذا تكلم الكركدن"، حيث يقدم العمل الشعري الجديد عالمًا فريدًا تمتزج وتتداخل فيه أصوات العالم العميقة التي تمتد جذورها عبر الزمن من الماضي الإنساني السحيق إلى اللحظة الراهنة صارخةً باكيةً هادرةً هامسةً، حالمةً منكسرةً، متحديةً شاكيةً، في حالة سيمفونية شعرية، تقوم على تعدد الأصوات في البناء الشعري، وعلى اكتشاف هذه التعددية في العالم والوجود، في الزمان والمكان. تجريدة تقوم على "تعدد الأصوات" أصوات فردية وأخرى جماعية في محنة وجودية تبحث عن خلاصٍ ما، في لحظة إنسانية تكشف أعماق كل صوت وتضاريسه المرئية والخفية، أحلامها القريبة والبعيدة، راهنها المأزوم منذ أمد غير معروف، أوهامها الأثيرة، انكساراتها وخيباتها الدفينة، عذاباتها السرية، بهجاتها الصغيرة العابرة، والانتظار الوجودي الأليم للانفراج القادم، فى شكل حُلم مؤكد.
خارجًا عن سياق العالم والزمن، يتجلى صوت كائن خرافي يتخذ شكل "كركدن"، هارب من الوقت والتاريخ، صوت يختصر نبرات الحجاج الثقفي وهولاكو وهتلر، ويعيش أوهامه الأخيرة، بين ذكريات ماضٍ ذهبي غابر ودبيب مصير مجهول يقترب وئيدًا. وعى من التوجسات والوساوس والذكريات والهلوسات الوحشية بامتلاك العالم والزمن.
ينقسم النص الشعري الذي يمزج إيقاعيًّا بين التفعيلى والنثري إلى متن وهامش، بامتداد العمل كله؛ يقدم المتن الأصوات المتغايرة، متقطعة متواصلة، فيما يقدم الهامش تأملات من الخارج تتراوح بين التعليق والنقض والتهكم على أقوال المتن.