بعد 500 يوم من الإطاحة بحسني مبارك، سيكون للمصريين أخيرًا رئيس جديد اليوم الأحد، وهو أول زعيم يختارونه بحرية، وقد يكون من جماعة الإخوان المسلمين، الذي ظل مبارك وأعوانه العسكريون يحاربونها طوال فترة رئاسته. ومن المقرر أن تعلن لجنة الانتخابات نتيجة جولة الإعادة، التي جرت السبت والأحد الماضيين في مؤتمر صحفي الساعة الثالثة من بعد ظهر اليوم، في حدث يوصف بالتاريخي لمصر والشرق الأوسط. ويعتقد كثيرون أن الإسلامي محمد مرسي هو الرئيس المقبل لأكبر دولة عربية من حيث عدد السكان ، ليستهل مرحلة يعاد فيها تشكيل المنطقة بعد عقود من الحكم العسكري المدعوم من الغرب حتى إذا لم تتخل القوات المسلحة عن سيطرتها. وقد يتسم رد فعل الإخوان بالغضب إذا أعلن أحمد شفيق القائد السابق لسلاح الطيران وحليف مبارك فائزًا بالرئاسة، وقد يمثل فوز شفيق للعديد من المصريين والملايين عبر المنطقة ضربة معنوية لثورات الربيع العربي رغم تأكيده عن رغبته في تشكيل حكومة ائتلافية. وبعد أسبوع خيَّم عليه القلق واحتجاجات بميدان التحرير بوسط القاهرة واتهامات متبادلة بتقويض الديمقراطية الجديدة، سيظهر الرئيس الجديد بصلاحيات محدودة عن تلك التي توقعها المرشحون الذين خرجوا من السباق في الجولة الأولى التي جرت في مايو ايار. وكان الجيش قد وعد بتسليم السلطة لحاكم مدني في يوليو. ومن شأن صعود رئيس إسلامي لمصر أن يترك أثرا كبيرًا في منطقة الشرق الأوسط، وقد كان أمرا لا يمكن تصوره قبل 18 شهرًا. ولا يمكن تأكيد فوز المرشح الإسلامي.. لكن الجيش وجماعة الإخوان وأطراف أخرى أعطت مؤشرات على هذا الاحتمال. ويحتشد أنصار جماعة الإخوان المسلمين في ميدان التحرير بقلب القاهرة في أجواء أغلبها احتفالي رغم مخاوفهم من التعرض لخيبة الأمل بعد عقود من تزوير الانتخابات. وفي المقابل تظاهر آلاف في حي مدينة نصر بشرق القاهرة تأييدًا للجيش. وأعلن محمد مرسي (60 عامًا)، الذي تلقى تعليما في الولاياتالمتحدة وتعرض للاعتقال في ظل حكم مبارك فوزه بعد ساعات من إغلاق مراكز الاقتراع الأحد الماضي - في خطوة استنكرها الجيش. والتقى مرسي بجماعات أخرى وصاغ اتفاقا لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وأصدر حزبه بيانًا السبت قال فيه إنه دعا "كل شركاء الوطن من مختلف التوجهات إلي المشاركة في هذا الاصطفاف الوطني لضمان إنجاح ما تم التوصل إليه والمشاركة الفاعلة في إعادة بناء الوطن بالشكل الذي يستحقه". ومن بين من شاركوا في هذه المحادثات عبدالجليل مصطفى القيادي بالجمعية الوطنية للتغيير الذي قال لرويترز: إن الاتفاق تم على برنامج عام خاصة في حالة فوز مرسي الذي يبدو مرجحًا. وعلى العكس من ذلك لم يقدم أنصار القائد الأسبق للقوات الجوية الفريق أحمد شفيق (70 عامًا)، والذي كان آخر رئيس وزراء في عهد مبارك على القيام بأنشطة مشابهة رغم إعلان شفيق يوم الخميس ثقته في الفوز. ومن الممكن أن يؤدي فوز شفيق - الذي فاز في جولة الإعادة بتأييد المصريين الذين لا يرغبون في حكم ديني ويفضلون عليه رجلا ينتمي إلى المؤسسة العسكرية التي يعرفونها جيدا - إلى احتجاجات من جانب الحركات الإسلامية المنظمة بشكل جيد وهي احتجاجات من المتوقع ان تواجهها قوات الأمن في الشوارع. وقال السياسي الإصلاحي محمد البرادعي :"إنه على اتصال مع الجيش ومع معسكر مرسي لتفادي تدهور الموقف"، لكنه قال إنه يخشى في حالة فوز شفيق أن تمضي البلاد إلى كثير من عدم الاستقرار والعنف. لكن كانت هناك مؤشرات من جانب شخصيات بارزة في جماعة الإخوان والمجلس العسكري على أنهم استعدوا لرئاسة مرسي من خلال اجتماعات عقدت بين الجانبين منذ الانتخابات. وبينما ينفي المسئولون وجود أي مفاوضات بشأن عملية فرز الأصوات ذاتها إلا أنه قد يكون هناك مجال أكبر لحل وسط لتخفيف حدة التوتر تجاه ما وصفه كثيرون بأنه "انقلاب ناعم" للجيش على البرلمان وسلطات الرئيس إذا أصبح مرسي رئيسًا. وقالت جماعة الإخوان إنها ستواصل احتجاجاتها حتى يلغي المجلس العسكري قرار حل مجلس الشعب والعلان الدستوري المكمل الذي نقل للعسكريين سلطة التشريع. لكن مع صعود مرشحها إلى الحكم فمن الممكن ان يستمر التوتر بين الجماعة والمجلس العسكري لكن بشكل جديد. ويزعج هذا التعاون كثيرًا من الليبراليين والعلمانيين، الذين قادوا الموجة الأولى من الانتفاضة ضد مبارك، لكنهم وجدوا انفسهم منقسمين ومستبعدين خلال الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية، التي جرت الشهر الماضي، وأصبحت خياراتهم محصورة بين الإسلاميين والجيش. واحتشد أنصار جماعة الإخوان المسلمين الذين نفد صبرهم في ميدان التحرير ليل نهار بدعوة من قادتهم منذ منتصف الأسبوع، وتجمع مئات في الميدان صباح اليوم السبت وهم يرددون هتافات مؤيدة لمرسي ويقولون "مرسي .. مرسي .. الله أكبر".