نقاد: المعرض العام للفنون ليس"دكان شحاتة" محمد حازم فتح الله محيط - رهام محمود اختتم مؤخرا "المعرض العام" في دورته الثانية والثلاثين الذي افتتحه الفنان محسن شعلان رئيس قطاع الفنون التشكيلية في قصر الفنون بالأوبرا، وقاعتي "ايزيس ونهضة مصر" في متحف محمود مختار، ضمن فعاليات مهرجان الإبداع التشكيلي الثالث الذي ضم "صالون الشباب، وصالون مصر". وقد عقد الفنان محسن شعلان المؤتمر الصحفي بقصر الفنون بالجزيرة، الذي تناول من خلاله آليات تشجيع الحراك الفكري على الساحة التشكيلية، وذلك بحضور الفنان ثروت البحر قوميسير عام المعرض، وأعضاء لجنة الفرز. ضم المعرض هذا العام أكثر من 660 عملا فنيا لأكثر من 460 فنانا، حيث تنوعت الأعمال بين مجالات الفنون المختلفة كالتصوير، التصوير الضوئي، النحت، الرسم ،الحفر، الخزف، الكمبيوتر جرافيك، الفيديو آرت، التجهيز في الفراغ، ولأول مرة في هذه الدورة يتم عرض أعمال في فنون الخط العربي والفن الفطري بالإضافة إلى العمارة. تميز هذا المعرض في هذه الدورة بتباين واضح في مستوى الأعمال التي عرضت بداخل صالات العرض، وهذا على الرغم من رفض حوالي 400 عملا ل169 فنانا ، مما أثار الجدل بين فناني الحركة التشكيلية، فمنهم من أشاد بتنظيم العرض وإلقاء الضوء على الفن الفطري والخط العربي والعمارة التي لم تعرض في المعرض العام من قبل، وكذلك استضافة أعمال فنانين كبار لم نشهد أعمالهم من فترات طويلة. بينما ألقى أخرون اللوم على نوعية الأعمال المعروضة بقصر الفنون والتي عرضت بقاعتي محمود مختار "نهضة مصر وإيزيس"، بينما لم يتم افتتاح هاتين القاعتين، كما لم يرتادهما سوى الفنانين الذين عرضت أعمالهم ، على عكس الجمهور المتكدس الذي تواجد في قصر الفنون في يوم الافتتاح. أيمن السمري سوبر ماركت تباين مستوى الأعمال انعكس بدوره على رأي النقاد وبرز لصفحات الجرائد التي شهدت معارك حوارية بين فناني ونقاد الحركة التشكيلية، فاعترضت الناقدة فاطمة علي في جريدة "القاهرة" على تنسيق المعرض ووصفته بأنه اهتم بالحشد الكمي والنوعي على حساب القيمة، وبأنه صورة مشوشة للحركة التشكيلية المصرية مع بداية القرن الحادي والعشرين، كما أضافت بأن المعرض يضم أعمالا ممتازة تصل إلى أكثر من ربع الأعمال المعروضة تقريبا، لكنها ضائعة بسبب سوء تنسيق العرض وسط التداخل والمزج اللامدروس بين كل المجالات معا، وبين عدم تصنيف الفنانين الأكاديميين والفطريين والخطاطين والفنانين الحروفيين، فبدا المعرض سوبر ماركت كبيرا. دكان شحاتة الفنان ثروت البحر قوميسير عام المعرض قال في صحيفة "القاهرة" أن " المعرض العام لا يكذب ولا يتجمل وظهر هذا العام بالصدفة موازيا لعرض فيلم "دكان شحاتة" وصادقا وصادما مثله، وكان واجب النقد أن يحيل هذه الفوضى إلى أصولها، ويتحرى أسبابها، فمصر اليوم ليست أوبرا عايدة، بل هي "دكان شحاتة" وعلينا أن نعثر في هذا الزخم على نص مصري والقيمة التي طالعنا عنوان النقد بها، أن ما حدث جاء على حسابها، وهي افتراضات تكرس الاستبداد بالرأي كحل مسبق. إن المعرض العام يقدم تعبيرا عن مشاكلنا، وعلى النقاد أن يتحملوا مسئولياتهم، وعلى الأجيال الجديدة أن تتعلم مسئوليتها المستقبلية، فنعم عرضنا "دكان شحاتة" التشكيلي". صبحي جرجس سمك.. لبن.. الناقد كمال الجويلي رئيس الجمعية المصرية للنقاد رأى أن تنسيق هذا المعرض الكبير خانه النجاح هذه المرة، بحيث أصبح يذكرنا بعبارة عامية شهيرة وهي "سمك.. لبن.. تمر هندي"، لا تعرف له رأسا من قدمين، وكما يقال في مثل هذا التشبيه بأنه أشبه ب "طبق سلطة روسي"، ضاعت في زحامه وخلطه أسماء كبيرة لعارضين في مقدمتهم لوحة الفنان صبري منصور وعدد قليل آخر من الفنانين المعروفين. يواصل: أما اختيار القوميسير لتسمية هذا المعرض التاريخي بفيلم "دكان شحاتة" فهو في رأيي اعتراف مباشر بفشل هذا العرض في أن ينسب للحركة التشكيلية في مصر. ومع حسن النية الوافر لقطاع الفنون التشكيلية في إتاحة الفرصة للعديد من الفنانين في أن يقوموا بقوميسيرية معارض المواسم الأخيرة الكبرى، فإن النتيجة كما نرى ليس في هذا المعرض فقط بل في معارض سابقة قريبة جاءت سلبية بدرجات متفاوتة. واعتقد كما نديت كثيرا في الماضي أن مثل هذا المجال لا يجب أن يقوم به إلا متخصصون في متابعة الحركة التشكيلية ورؤيتها بوضوح وتقييمها وهم النقاد. ولا شك فيما أرى أن قطاع الفنون سيتدارك كل ذلك في المستقبل القريب حتى يحدث التوازن والموضوعية، التي تزيل كل الشوائب التي أحاطت بتلك المعارض. يتابع: من حق هؤلاء الفنانين الذين وضعوا في مواقف حرجة أن ينالوا حقهم في التقدير في مجالات إبداعهم، بترشيحهم لتمثيل مصر في بيناليات عالمية مثل سان بولو في البرازيل، وترينالي الهند، وكما يحدث غالبا في بينالي فينسيا الذي توازى زمنيا مع المعرض العام، فلم يحدث في هذه المناسبات العالمية أن ترك للفنانين المبدعين الإشراف على تنظيم تلك المعارض الكبرى، أو التحكيم فيها لاختيار الفائزين. حسين الجبالي بانوراما الحركة الفنان محسن شعلان أشار إلى أن هذا المعرض أقيم ليعبر عن نبض الحركة التشكيلية المعاصرة بمختلف اتجاهاتها وأنواعها وتياراتها، فهو الذي يقدم سنويا للساحة الفنية أساليب وتوجهات وتقنيات مختلفة ليكشف عن الثراء الإبداعي في الفن المصري المعاصر، حيث تتوالى دورات هذا المعرض كل عام لتأتي استجابة لحاجات ملحة في حركة الفن التشكيلي المصري فتستنهض المستوى وتحافظ على البعد الجمالي، فالتعددية الفكرية وتباين التجارب الإبداعية يجسد معنى وفكرة تتابع الأجيال. وقال أن دورات المعرض العام تشهد باستمرار ذلك التلاقي الحميم، حيث نجد عملا فنيا لشاب يعرض بجوار عملا آخر لأحد رموز الحركة الفنية، فهو في مجمله يقدم صورة بانورامية كبيرة للمشهد التشكيلي، وأحيانا يعلن عن ميلاد أحد مجالات الإبداع الجديدة والمبتكرة، فهو مد حقيقي لمسيرة فنية جاوزت المائة عام.