ندوة مصرية : المتاحف الحديثة يمولها رجال الأعمال محيط – رهام محمود القاهرة : عقدت جمعية محبي الفنون الجميلة أمس ندوة حول "التربية المتحفية وأثرها على المجتمع" شارك بها كل من الفنانين والنقاد مكرم حنين، صلاح بيصار، د. ياسر منجي، وأدارها الناقد محمد حمزة. أشار مدير الندوة إلى أن هناك الكثير من المواقع التاريخية المهملة في مصر، منها سبيل ام عباس أهم الأعمال التركية في مصر عن الفن، ويضم كتابات بالذهب وخطوط وعمارة مميزة، ولكنا نشاهد أمام هذا الصرح الجميل حاليا مكان لجمع القمامة خصصته إدارة النظافة وتجميل القاهرة، بالرغم من من إهتمام الوزير بترميم هذه الأماكن إلا أن الحكومة لا تتكاتف للحفاظ على هذا العمل . من جهته أكد مكرم حنين أن المتاحف هي مدارس الشعوب ومزارع الخيال التي تنمو فيها المواهب الإنسانية، والمتاحف العالمية نجد دائما أن المسئولين عنها رجال أعمال وصلوا لدرجة من الثقافة ليرعوا هذا النشاط الهام لبلادهم، وتقوم المتاحف في الدول المتقدمة على أكتاف الممولين والمانحين والزوار والباحثين، وتمتليء قاعاتها بالمحاضرات والأنشطة الثقافية والمدارس التي تعمل ليل نهار في مجال العمارة والنحت والرسم . وأضاف: متحف المتروبوليكان بنيويورك يفتح 12 ساعة ولذلك عدد زواره المحليين فقط 35 ألف يوميا، وتضطر رحلات المدارس لتأجيل مواعيدها كثيرا، وهذا العدد من الزوار موجود في المتحف المصري يوميا أيضا ولكنه من السائحين الذين يجيئون لمشاهدة الحضارة الفرعونية التي علمت العالم في حينها. هناك أفكار مبتكرة للمتاحف حول العالم مثل ذلك الذي أقامه نيوبرنجون في أمريكا في الهواء الطلق، وصاحبه رجل أعمال ومحب للنحت، أخذ مساحة 250 فدانا وجمع مشاهير النحاتين لمتحفه، وأقام حديقة حول المتحف ليتعلم فيها الأشخاص هذا الفن بلا أي مقابل . كذلك هناك هلشهولم الذي أقام متحفا كبيرا ونفذ فيه أعمال ماتيس، وهناك رجل إنجليزي وجد أن المصريين يبيعون لمواطنيه وجوه المومياوات فنبه الحكومة لهذا وأخذ عشرين مومياء بمتحفه ولم يعودوا لمصر منذ 1888 . يضيف حنين : هناك متحف عائلة جوجنهاين والتي أقامت متحف جلباو بأسبانيا، ومتحفا جديدا باسم العائلة أقيم بنيويورك على البحر، وأقاموا فيه مدرسة لتعليم العمارة باعتبارها جزء من النحت ، وهناك متحف الأرميتاج الذي يحوي أربعة ملايين قطعة فنية ومتحف اللوفر والأمثلة لا تنتهي على اهتمام العالم بالمتاحف . وفي حديثه ركز الناقد صلاح بيصار على سرقة لوحة "زهرة الخشخاش" التي نبهت إلى أشياء هامة منها قلة زوار هذا المتحف الهام رغم أهمية المواد المعروضة فيه، وهذا يدلنا على نقص التربية المتحفية في مصر رغم أنها تمتلك ثلث آثار العالم. متحف الاثار بالاسكندرية ولدينا أربعة متاحف تحوي أهم آثار مصر منها المتحف المصري المنشأ منذ 110 عام ، والمتحف القبطي الذي نحتفل هذا العام بمرور مائة عام على إنشائه، ويضم 16 ألف قطعة فنية، والمتحف الإسلامي الذي أنشأ بعد المتحف المصري القديم بثلاثة سنوات، ومتحف الفن المصري المعاصر الذي يضم الرواد الأوائل السبعة، واتجاهات الفن الحديث، إضافة لوجود عدد كبير من المتاحف بمصر بعضها مرتبط بالآثار وآخر مرتبط بالاعمال الفنية . وأشار بيصار إلى بروتوكول حديث للتعاون بين وزير الثقافة المصري ووزير التربية والتعليم حول التنسيق الحضاري والتوعية الفنية للطفل والإهتمام بالكتاب المدرسي ، ولكن يجب أن يتضمن أيضا وجود مادة للتربية المتحفية ، وتعتمد على الزيارات الحية للمتاحف وليس الكتب ، وهؤلاء الأطفال سيكونون أمناء للمتاحف وزوارها في المستقبل . من جانبه أكد د. ياسر منجي أن كبار الفنانين تلقوا المباديء الأولى للفن من زيارة المتاحف كآدم حنين، وحسن سليمان وديلاجروا الفنان الفرنسي المعروف بزيارته لمتحف اللوفر باستمرار. والمتحف فكرة عرفها الإنسان منذ القدم؛ فقد كان الإنسان يميل لإقتناء الأشياء القيمة والنادرة وهي عادة كانت موجودة خاصة عند كبار الحكام والآثرياء، ثم تحول المتحف للملكية العامة بدلا من الخاصة ، وتحول من مخزن للآثار إلى مؤسسة ثقافية يجتمع فيها الفنانون والأدباء وغيرهم . ولكي ندرك حجم التطور في علاقة المتحف بالمجتمع نشاهد ما فعلته مؤسسة "ساتشي آند ساتشي" التي يمتلكها الملياردير المعروف ريتشارد ساتشي من أصول عراقية، والذي يهوى اقتناء الأعمال الفنية، وقد استطاع أن يغير في بورصة الفن الحديث من خلال تبنية لمجموعة من الفنانين الذين توجهوا لأنماط معينة، كما أنه يمول عدد كبير من الكتاب والمنظرين والنقاد بما يعود بالنفع على مجموعته. والمشكلة في المتاحف بمصر أنها ينظر لها نظرة تقليدية، أي باعتبارها مؤسسة حكومية لها مواعيد الموظفين ، وهو شكل لم يعد موجود بمتاحف العالم المتقدم، ونحن بحاجة كذلك للمربي المتحفي الذين يشرحوا للطلبة والجمهور محتويات المتاحف وكيفية التعامل معها، ولابد أن تنطبق عليه عدد كبير من الشروط منها العمل تحت ضغط ومنها التصرف في حالة الأزمات بدون أن يشعر الجمهور ومنها التعامل مع فئات وأعمار مختلفة من زوار المتحف بلباقة ومرونة وحب . ولهذا – يواصل منجي – نحن بحاجة للإعتناء بالفن والآثار في مصر ، ويؤسفنا مثلا أن بيت "الفن والحياة" للفنان حامد سعيد الذي بناه المعماري الفذ حسن فتحي بسور مشهور بأعواد البوص تم الإستيلاء على جانبه الأيمن وفنائه من قبل الميكانيكية ولم يسأل عنه أحد .