انتخابات مجلس النواب 2025.. محافظ أسوان يقود مظاهرة في حب الوطن خلال جولة الانتخابات    انتخابات النواب 2025.. رئيس مدينة مرسى علم يتفقد سير عملية التصويت    بث فيديو الاحتفال بالعيد القومي وذكرى المعركة الجوية بالمنصورة في جميع مدارس الدقهلية    وزير الخارجية: الدول الخليجية شريكة لمصر في تحقيق التنمية الشاملة    بعد الزيادة الأخيرة.. كم يسجل سعر الذهب اليوم الاثنين 10 نوفمبر 2025 وعيار 21 الآن؟    بعد زيادة أسعار المحروقات.. ارتفاع أسعار النقل والمواصلات ب20.5% خلال أكتوبر الماضي    كامل الوزير: النقل والصناعة وجهان لعملة واحدة.. والسياسة تعتمد على بنية تحتية قوية    سعر الجنيه السوداني أمام الدولار بمنتصف تعاملات اليوم الإثنين    صحة غزة: دفن 182 جثمانا لمجهولين من الجثامين المستلمة من الاحتلال    مقتل 32 سجينا بعد اندلاع أعمال شغب في سجن في الإكوادور    ترامب يعفو عن جولياني وآخرين متورطين في محاولة إبطال نتائج انتخابات 2020    رويترز نقلا عن مصدرين مطلعين: سوريا أحبطت مؤامرتين من تنظيم داعش لاغتيال الرئيس أحمد الشرع    روني ينتقد محمد صلاح بعد الخسارة أمام مانشستر سيتي    ضبط شخصين يعلنان عن نفسهما عبر تطبيق هاتفي لممارسة أعمال الفجور بالإسكندرية    الداخلية تنقذ 17 طفلا جديدا من التسول بالجيزة.. وضبط 11 شخصا    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل تاجر الذهب لجلسة 16 ديسمبر المقبل    تأجيل قضية مقتل تاجر مصوغات رشيد إلى منتصف ديسمبر لسماع المرافعة    سحب 837 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    مصرع صياد وإنقاذ اثنين إثر حادث غرق مركب أمام سواحل بورسعيد    تطورات الحالة الصحية للفنان محمد صبحي بعد دخوله الرعاية المركزة    فيديو.. ياسر جلال يعتذر عن تصريحه بشأن إرسال صاعقة جزائرية لمصر بعد حرب 1967    الأوبرا تشارك فى احتفالات اليوم العالمى للطفولة    انطلاق فرق التأمين الطبي لانتخابات مجلس النواب بالوادي الجديد    مسيرة لدعم المشاركة في انتخابات مجلس النواب بقنا | صور    واشنطن تتفادى الأزمة.. رويترز: مجلس الشيوخ الأمريكي يقر مشروع قانون لإنهاء الإغلاق الحكومي    نفذوا جولات استفزازية.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى    وزير النقل: ربط مصر بالدول العربية والأفريقية والأوروبية يحقق تكاملا اقتصاديا حقيقيا    راحة 5 أيام لفريق الأهلي بعد التتويج بالسوبر.. وتوروب يغادر إلى الدنمارك    حالة الطقس اليوم الاثنين 10-11-2025 وتوقعات درجات الحرارة في القاهرة والمحافظات    خبر في الجول - سيراميكا كليوباترا يبدأ مفاوضات تمديد عقد مروان عثمان    ماذا يحتاج منتخب مصر للناشئين للتأهل إلى الدور القادم من كأس العالم    الزمالك يترقب القرار الرسمي من فيفا لإيقاف القيد بسبب قضية ساسي    «القوس» هيقع في الحب وتحذير ل«السرطان» من قرارات مالية.. توقعات الأبراج لهذا الأسبوع    «توت عنخ آمون» تواصل خطف الأضواء من باقي قاعات المتحف المصري الكبير    معلومات الوزراء: المهارات المطلوبة لسوق العمل تتغير بوتيرة غير مسبوقة    الرعاية الصحية: لدينا فرصة للاستفادة من 11 مليون وافد في توسيع التأمين الطبي الخاص    وزارة الصحة: تدريبات لتعزيز خدمات برنامج الشباك الواحد لمرضى الإدمان والفيروسات    اليوم.. العرض الخاص لفيلم "السلم والثعبان - لعب عيال" بحضور صناع العمل    تنوع الإقبال بين لجان الهرم والعمرانية والطالبية.. والسيدات يتصدرن المشهد الانتخابي    مشاركة نسائية ب«لجان 6 أكتوبر» مع انطلاق انتخابات مجلس النواب 2025    لماذا استعان محمد رمضان بكرفان في عزاء والده؟ اعرف التفاصيل .. فيديو وصور    إطلاق منصات رقمية لتطوير مديرية الشباب والرياضة في دمياط    «الله أعلم باللي جواه».. شوبير يعلق على رفض زيزو مصافحة نائب رئيس الزمالك    تعزيز الشراكة الاستراتيجية تتصدر المباحثات المصرية الروسية اليوم بالقاهرة    هالاند يحكم سيطرته، ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي بعد الجولة ال11    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    رئيس الوزراء يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب 2025 بالمدرسة اليابانية بالجيزة    خطوات وموعد تسجيل استمارة التقدم لامتحانات الشهادة الإعدادية 2025    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ونظيره المالي    «الصحة»: التحول الرقمي محور النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان    بدء تصويت المصريين بالداخل فى اليوم الأول لانتخابات النواب 2025    أمريكا: اختبارات تكشف الجرثومة المسببة لتسمم حليب باي هارت    «أنا مش بخاف ومش هسكت على الغلط».. رسائل نارية من مصطفى يونس بعد انتهاء إيقافه    وزير المالية: نسعى لتنفيذ صفقة حكوميه للتخارج قبل نهاية العام    هل يجوز أن تكتب الأم ذهبها كله لابنتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    هل يذهب من مسه السحر للمعالجين بالقرآن؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بشار .. لا تحسب أنك ستنجو من الحرائق التي هددت بإشعالها في المنطقة
نشر في محيط يوم 04 - 06 - 2012

نذكر جميعاً تهديدات بشار حول عزمه إشعال المنطقة كلها إذا ما حاول الغرب التدخل عسكرياً في سوريا؟، ونذكر أن الأهداف التي حددها- إلى جانب قصف إسرائيل بالصواريخ- تقع جميعها في دائرة الانتقام من الدول العربية التي يعتبرها مناصرة للثورة السورية وبخاصة دول الخليج العربية.

ومن أبرز ما استهدفه هذا التهديد إيقاط الخلايا الشيعية النائمة التي يدعي بشار وجودها في بلدان الخليج العربية، بهدف نشر الفوضى والاضطراب ضد أنظمة تلك البلدان وحكامها. كما استهدف إشعال الحروب الطائفية والعرقية والمذهبية في كل بلدان المنطقة بهدف تقسيمها إذا ما تعرضت سوريا- على حد قوله- للتقسيم .. في الوقت الذي تشي كل الجرائم التي ارتكبها ويرتكبها نظامه بحق الشعب السوري، بأنه عاقد العزم على إعلان كيان علوي في الساحل السوري الذي تقطنه أغلبية علوية إذا ما تأكد له حتمية سقوط نظامه.

أضف إلى ذلك أنه هدد بقيام إيران بقصف القواعد الأجنبية وأبار النفط في الدول الخليجية إذا ما تعرضت سوريا لغزو عسكري، الأمر الذي ينطوي على عدوان إيراني صريح على دول الخليج العربية. كما أشار إلى أنه سيطلب من حزب الله اللبناني قصف إسرائيل بصواريخ وصفها بأنها غاية في التطور، ولا تعرف الدوائر الاستخبارية الغربية مدى قوتها التدميرية الهائلة!!.

إلى هنا نستطيع أن نتفهم المبررات التي دفعت ببشار لإطلاق مثل هذه التهديدات .. لكن أن يبادر هو نفسه بتنفيذها (دون أن نرى أي مؤشرات على قرب تدخل أجنبي في سوريا)، فهذا أمر لا نستطيع أن "نمنطقه" سوى أنه بات يشعر أن نظامه بدأ يتهاوى وأن مصيره إلى زوال.

ما يدفعنا لطرق هذا الموضوع، ما رأيناه في الأيام القليلة الماضية وما زلنا، من اشتباكات مسلحة بين سكان جبل محسن الذي تسكنه أغلبية علوية، وبين حي التبانة الذي تسكنه أغلبية سنية في مدينة طرابلس اللبنانية, والتي أدت لوقوع عدد من القتلى والجرحى بين الطرفين، إضافة لإشاعة أجواء القلق بين سكان المدينة.

زد على ذلك، التوتر الذي أشعله اغتيال شيخ سني في منطقة "عكار المجاورة" لطرابلس، حيث يُعتقد على نطاق واسع بأن النظام في سوريا يقف وراء ذلك الاغتيال. والمعروف أن مدينة طرابلس الشرق التي تقطنها أغلبية سنية، ذاقت الأمرين من رجال المخابرات السورية أثناء الوجود العسكري السوري في لبنان الذي دام نحو ثلاثة عقود، الأمر الذي يمكن اعتباره البداية المثالية لإشعال حرائق في لبنان تقوم (شئنا أم أبينا) على أساس طائفي.

التفسيرات التي ذكرها المراقبون للوضع في طرابلس من وجهة نظر النظام السوري، تتلخص في أن أهل طرابلس يؤيدون الثورة في سوريا، ويقدمون لعناصرها التسهيلات التي تعينهم في الحصول على السلاح عن طريق تهريبه عبر الحدود. كما يقومون باستقبال الثوار والمدنيين الذين يضطرون لمغادرة مدنهم وقراهم التي تتعرض لقصف الدبابات والمدفعية والصواريخ التابعة لجيش بشار وشبيحته، وتقديم المساعدات الممكنة لهم من إيواء وطعام وعلاج.

غير أن ثمة تفسيراً آخر لاشتعال الموقف في تلك المدينة- بحسب رأي المراقبين- وهو ذلك العداء الذي يكنه أهلها لنظام الأسدين، حيث ذاقت على يد رجال المخابرات السورية الأمرَّين. فكان من الطبيعي- والحال هذه- أن يؤيد أهل طرابلس الثوار السوريين الذين ينتمون للمذهب السني، شأنهم شأن الأغلبية العظمى من أهل هذه المدينة كما ذكرنا.

لكن هذه التفسيرات لا يمكن أن تكون السبب في إشعال الحرائق في طرابلس وفي هذه الوقت بالذات، وبعد مضى أكثر من ثلاثة عشر شهراً على ثورة الشعب السوري. ذلك أن ما تشهده المدينة بين الحين والأخر من اشتباكات بين أهل التبانة وسكان جبل محسن، كان يُعدًّ- قبل ثورة الشعب السوري- أمراً عاديا ودائما ما يمر بسلام؟.

لكن الاشتباكات التي جرت وما زالت تجري بين الفريقين في الفترة الأخيرة، لا يمكن تقويمها بمعزل عما يجري في سوريا. فبرغم الهدوء الحذر الذي عادة ما يسود المدينة بعد تدخل الجيش اللبناني، وتوقف الحكومة عن القيام باعتقالات يفسرها أهل طرابلس بأنها مشايعة للنظام في سوريا .. غير أن المدينة ما زالت تعيش على صفيح ساخن يهدد بامتداد لهيب الفتنة الطائفية لمناطق أخرى من لبنان، وما يتبع ذلك من احتمال إشعال حرب أهلية قوامها الطائفية البغيضة.

ففي حادث تزامن وقوعه مع أحداث طرابلس، اتهم النظام في دمشق الجيش السوري الحر باعتقال خمسة عشر لبنانيا من أبناء الضاحية الجنوبية في بيرون كانوا عائدين من زيارة دينية في إيران، ما أثار موجة من الغضب الشديد بين سكانها التي تقطنها أغلبية شيعية، والذين قاموا بإحراق إطارات السيارات وإغلاق الطرق. ولم يهدأ الموقف إلا بعد مداخلة من السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله الذي طالب الغاضبين بالكف عن إغلاق الطرقات، وتعهد لهم بأن الدولة ستبذل أقصى ما تستطيع لإطلاق سراح المختطفين وعودتهم سالمين.

وكالعادة رأينا نظام بشار والثوار السوريين يتبادلان الاتهام حول عملية الاختطاف هذه، كما رأينا كيف أن المحادثات التي كانت تجري حول إطلاق سراحهم قد توقفت فجأة، بسبب مداخلة السيد حسن نصر الله، بعد أن كان نجاحها قاب قوسين أو أدنى بحسب الوسطاء، كما طالب الخاطفون السيد حسن نصر الله بتقديم اعتذار عن التصريحات التي أدلى بها حول هذه العملية.

والسؤال الآن : إلى أي مدى يمكن وصف ما جرى ويجري من اشتباكات بين سكان جبل محسن وسكان حي التبانة في مدينة طرابلس اللبنانية، بأنه مجرد اشتباكات عادة ما كانت تقع بين الفريقين لسبب أو لآخر .. سرعان ما تنتهي وتعود المياه لمجاريها؟، أم أن الأمر- هذه المرة- يختلف على أساس الاعتقاد بأن بشار قرر البدء في تنفيذ تهديداته بإشعال المنطقة (إذا ما تعرضت سوريا لتدخل عسكري غربي) بادئاً بالجارة "لبنان"؟!!.

أغلب الظن أن بشار قرر البدء في تنفيذ تهديداته، حيث يُعتقد على نطاق واسع، أنه بات يشعر أن الخناق بدأ يضيق من حوله، وأنه آخذ في التصاعد بمعدلات عالية تهدد جدياً بانهيار نظامه.

فثمة ظواهر لا يستطيع بشار تجاهلها تؤكد جميعها أن الأحداث في سوريا لا تسير لصالح النظام، ما قد يكون السبب في دفعه للبدء في تنفيذ تلك التهديدات أو بعض منها، حتى يتمكن من إقامة كيان علوي مستقل على النحو الذي أشرنا إليه.

ولعل من أبرز تلك المظاهر:

1- بات العديد من المدن والمناطق السورية- بحسب تصريحات المراقبين الدوليين- تحت سيطرة رجال المقاومة السورية، ما يعني أن الإرهاق والوهن بدأ يظهر على جيش بشار وشبيحته، مقابل تصاعد قوة فصائل المقاومة السورية التي بدأت تنفذ عمليات نوعية ضد قوات النظام.

2- أصبح المجتمع الدولي على قناعة بأن من الصعب عليه السكوت على ما يرتكبة جيش النظام وشبيحته يومياً من مجازر مروعة بحق السكان المدنيين، وبخاصة بعد أن شاهد حجم البشاعة التي اتصفت بها المجزرة الرهيبة التي ارتكبها جيشه وشبيحته بحق سكان بلدة "الحولة"، والتي راح ضحيتها نحو 135 شهيداً من بينهم ما لا يقل عن خمسة وثلاثين طفلاً جرى ذبح الكثير منهم بالأسلحة البيضاء.

3- عدم تنفيذ أي من بنود مهمة كوفي عنان الستة، وبخاصة البند الاول الذي ينص على وقف إطلاق النار. فقد بات عنان مقتنعا أن النظام السوري غير مستعد لتنفيذ هذا البند، وبخاصة أنه يعتبر المقاومة السورية ليست أكثر من جماعات إرهابية يجب القضاء عليها أولاً، حتى يتسنى وقف إطلاق النار. وهذا يعني- في النهاية- أن بشار ما زال يصر على الاستمرار في استخدام الخيار العسكري في مواجهة كل أشكال المقاومة، سواء التظاهرات منها أو التشكيلات العسكرية وبخاصة ما يسمى بالجيش السوري الحر.

4- المطالبة بتنفيذ بعض بنود الباب السابع(باستثناء استخدام القوة) بحق النظام السوري بسبب عدم الوفاء بالتزامه نحو مهمة عنان.

5- اتهام السعودية للنظام السوري بأنه يعمل على إشعال حرب اهلية في سوريا ولبنان على أساس طائفي.

6- التحول المتوقع في موقف روسيا والصين نحو الوضع في سوريا. فقد ترددت تعليقات وتحليلات صحفيه حول موقف هذين البلدين الذي كان وما زال مؤيداً بشدة لبشار، عن أنهما باتا قريبين من قبول النموذج اليمني لحل المسألة السورية، ما يعني قبولها بتنحي بشار الأسد كأساس لإيجاد حل سلمي للمسألة.

7- الإشارات التي بدأ النظام الإيراني يبثها (على استحياء) للعالم أولاً ولبشار ثانياً، بأنه سيكثف جهوده نحو تثبيب وجود نفوذه في لبنان، الأمر الذي ينطوي على تلميح بتخفيض سقف دعمة لبشار أو التخلي عنه إذا ما اقتضى الأمر.

ومما قد يؤيد هذا القول تلك الدعوة التي وجهها السيد حسن نصر الله لمختلف التيارات السياسية في لبنان، حول إقامة جبهة لبنانية تتصدى للتحديات التي تواجهه، والتي ترتبط دون أدنى شك بالوضع في سوريا واحتمالات التدخل العسكري الغربي فيها.

8- وإذا دل ذلك على شيء فإنما يدل على أن إيران وحزب الله بدءا يدركان أن زوال نظام بشار هي مسألة وقت وأن سقوطه بات أمراً حتمياً، ما يدعوهما للعمل سريعاً لاحتواء النتائج السلبية التي ستعود على وضع إيران وحزب الله في لبنان بخاصة والمنطقة العربية بعامة.

9- ما قاله بشار في خطابه في مجلس الشعب السوري مؤخراً عن أنه لا مهادنة ولا تسامح مع الإرهاب، (ويقصد بالإرهاب فصائل المقاومة السورية المسلحة)، وأن حسم المسألة في سوريا يمكن أن تتم بصورة نهائية حين يجري الاشتباك بالأيدي مع هؤلاء الإرهابيين، ما يعني أنه على وشك القيام بعملية عسكرية شاملة وأخيرة على كل المدن والمناطق التي تظهر مقاومة فاعلة ضد النظام.

10- المواقف غير الفاعلة التي تقفها الجامعة العربية من الجرائم التي يرتكبها جيش بشار وشبيحته بحق المدنيين السوريين، تعني في النهاية رغبتها في إحالة المسألة السورية للهيئة الأممية. بل ذهبت إلى حد طلبها تطبيق بعض بنود الباب السابع من الميثاق الأممي بحق النظام السوري (باستثناء استخدام القوة العسكرية).

وحتى هذا الاستثناء قد تُجبر على التخلي عنه إذا ما قرر المجتمع الدولي التدخل عسكرياً لوقف الجرائم التي يرتكبها النظام. ولا يقلل من وقوع هذا الاحتمال تصريح أمين عام الجامعة العربية محمد العربي، عن رفض دول الجامعة المشاركة في تدخل عسكري يتم بموجب الباب السابع من الميثاق الأممي.

وحيال هذه الظواهر التي لا يُشك فيها، أصبح لزاماً على بشار الأسد أن يستعد لمواجهة سقوط نظامه. فهو يعلم أن المبادئ والمثاليات والعواطف، ليست من مصطلحات القاموس السياسي الدولي وبخاصة في صياغة العلاقات بين الدول التي تقوم على المصالح المتبادلة. فقد قارب الإدراك بأن إيران الحليف الرئيس الذي يمده بالمال والدعم السياسي، لن تضحي بمصالحها إذا ما رأت أن استمرارها في دعم نظامة سيصل بها إلى مواجهة مع الشعوب العربية وأنظمتها أولاً، وإلى مواجهة مع المجتمع الدولي ثانيا.

كما يعلم جيداً أن تجاوزه لسقف الدعم الذي تمنحه روسيا والصين لنظامه، يعني تخليهما عن دعمه إقليميا وأممياً. والتجاوز الذي نعنيه هو إصراره على المضي قدما في استخدام الخيار الأمني المغلط الذي وصل إلى حد التوحش في المذبحة التي ارتكبها نظامه ضد أهالي بلدة الحولة.

فاستمرار هذا الإصرار (الذي ما زال ملتزماً به) يعني إفساداً محققاً للعلاقة بين روسيا والصين من جانب/ وبين الشعوب العربية من جانب آخر. كما يعني إضعافا لمكانتهما في المجتمع الدولي باعتبارهما قوى عالمية يتوجب عليهما القيام بالدور الذي يتناسب مع مكانتهما، في التصدي للجرائم التي ترتكبها الحكومات الدكتاتورية ضد شعوبها.

ليس من شك أن هذا الإصرار المريب لبشار على الاستمرار في استخدام العنف المغلظ في محاولة قمع الثورة السورية، ليس ناجماً عن غباء سياسي أو عناد تعسفي. فهذا النظام لم يكن ليستطيع الاستمرار لأربعة عقود ونيف .. ولم يكن ليستطيع الاستمرار في ارتكابه لجرائمه ضد الشعب السوري، لولا أن مؤسسيه أحكموا القواعد التي قام عليها هذا النظام والتي مكنته من مواجهة ثورة عارمة في الربع الأخير من القرن الماضي، حيث قضى على نحو 35 شهيداً من أهالي حماة عام 1982، وحين قضى على أكثر من خمسة عشر ألف شهيداً في المواجهة الراهنة بينه وبين ثورة الشعب السوري الراهنة.

لذلك فإن من الطبيعي أن يتحسب هذا النظام "نظام الأسدين" من احتمالات الفشل التي قد تواجهه، والتي قد تصل به إلى حد التعرض للانهيار .. فيقوم بوضع خيارات تمكنه من الإفلات من تبعات هذا السقوط إذا ما وقع.

وفي ضوء تهديداته التي ذكرنا بتفجير الوضع في المنطقة إذا ما تعرض لتدخل عسكري يستهدف إسقاطه، يبدو أنه عاقد العزم على تنفيذ ما يستطيع من هذه التهديدات. فنحن على يقين من أن بشار يعلم جيداً أنه لا يملك القدرة على تفعيل كل تلك التهديدات، ذلك أن معظمها هي في أيدٍ لا يستطيع التحكم فيها ونعني بها إيران وحزب الله من ناحية، والدعم الروسي الصيني له من ناحية أخرى.

وحتى إشاعة الفوضى في لبنان الذي اعتاد نظام الأسدين النظر إليه على أنه محافظة تابعة لسوريا .. لا يستطيع تفعيل كل مخططاته الإجرامية فيه، بدليل أن حزب الله دعا مؤخراً إلى توافق بين التيارات السياسية في لبنان بهدف إيجاد جبهة قوية تستطيع الوقوف أمام التحديات التي قد تواجه لبنان في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها المنطقة. وهذا يعني أن حزب الله بدأ يتحسب من نتيجة كل خطوة يخطوها حيال الاستمرار في دعم هذا النظام.

لذا فإن الخيار الوحيد الذي يعتقد بشار أنه سينجح في تحقيقه حين يصل نظامه حافة خطر السقوط، هو عقد صفقة مع سيد الكرملين الجديد القديم "فلاديمير بوتين" ..تقضي بسلخ المنطقة الساحلية التي تقطنها أغلبية علوية عن سوريا، وإقامة كيان علوي مستقل فيها، مقابل السماح لروسيا بإقامة قواعد بحرية وبرية وجوية وصاروخية على أرض هذا الكيان.

ومع ذلك نتساءل: هل يسمح الغرب الذي يهيمن على الكثير من بلدان المنطقة، والذي يمتلك مصالح غاية في الأهمية بالنسبة لأمنه القومي .. هل يسمح للروس بإقامة تلك القواعد دون أن تصدر عنه ردود فعل غاضبة من الغرب؟.

أغلب الظن أن الروس- إن صدق حدسنا- بشأن قيام كيان علوي يسمح بوجود قواعد عسكرية لروسيا على أرضه- سوف يدخلون في مفاوضات مع أمريكا والدول الغربية الرافضة لمثل هذا الاحتمال، تؤدي لعقد صفقة ما بين الطرفين لن تكون بالقطع في صالح الكيان العلوي المحتمل.

وهنا على بشار وقادة نظام الأسدين بعامة أن يدركوا، أنهم لن يستطيعوا الحفاظ على كيانهم إذا ما قام لسبب بسيط، وهو أن اللعب مع الكبار لا يُسمَح به إلاَّ للكبار ..

فهل يعي بشار وعائلته ومريدو "نظام الأسدين" هذه الحقيقة؟!!!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.