«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بشار .. لا تحسب أنك ستنجو من الحرائق التي هددت بإشعالها في المنطقة
نشر في محيط يوم 04 - 06 - 2012

نذكر جميعاً تهديدات بشار حول عزمه إشعال المنطقة كلها إذا ما حاول الغرب التدخل عسكرياً في سوريا؟، ونذكر أن الأهداف التي حددها- إلى جانب قصف إسرائيل بالصواريخ- تقع جميعها في دائرة الانتقام من الدول العربية التي يعتبرها مناصرة للثورة السورية وبخاصة دول الخليج العربية.

ومن أبرز ما استهدفه هذا التهديد إيقاط الخلايا الشيعية النائمة التي يدعي بشار وجودها في بلدان الخليج العربية، بهدف نشر الفوضى والاضطراب ضد أنظمة تلك البلدان وحكامها. كما استهدف إشعال الحروب الطائفية والعرقية والمذهبية في كل بلدان المنطقة بهدف تقسيمها إذا ما تعرضت سوريا- على حد قوله- للتقسيم .. في الوقت الذي تشي كل الجرائم التي ارتكبها ويرتكبها نظامه بحق الشعب السوري، بأنه عاقد العزم على إعلان كيان علوي في الساحل السوري الذي تقطنه أغلبية علوية إذا ما تأكد له حتمية سقوط نظامه.

أضف إلى ذلك أنه هدد بقيام إيران بقصف القواعد الأجنبية وأبار النفط في الدول الخليجية إذا ما تعرضت سوريا لغزو عسكري، الأمر الذي ينطوي على عدوان إيراني صريح على دول الخليج العربية. كما أشار إلى أنه سيطلب من حزب الله اللبناني قصف إسرائيل بصواريخ وصفها بأنها غاية في التطور، ولا تعرف الدوائر الاستخبارية الغربية مدى قوتها التدميرية الهائلة!!.

إلى هنا نستطيع أن نتفهم المبررات التي دفعت ببشار لإطلاق مثل هذه التهديدات .. لكن أن يبادر هو نفسه بتنفيذها (دون أن نرى أي مؤشرات على قرب تدخل أجنبي في سوريا)، فهذا أمر لا نستطيع أن "نمنطقه" سوى أنه بات يشعر أن نظامه بدأ يتهاوى وأن مصيره إلى زوال.

ما يدفعنا لطرق هذا الموضوع، ما رأيناه في الأيام القليلة الماضية وما زلنا، من اشتباكات مسلحة بين سكان جبل محسن الذي تسكنه أغلبية علوية، وبين حي التبانة الذي تسكنه أغلبية سنية في مدينة طرابلس اللبنانية, والتي أدت لوقوع عدد من القتلى والجرحى بين الطرفين، إضافة لإشاعة أجواء القلق بين سكان المدينة.

زد على ذلك، التوتر الذي أشعله اغتيال شيخ سني في منطقة "عكار المجاورة" لطرابلس، حيث يُعتقد على نطاق واسع بأن النظام في سوريا يقف وراء ذلك الاغتيال. والمعروف أن مدينة طرابلس الشرق التي تقطنها أغلبية سنية، ذاقت الأمرين من رجال المخابرات السورية أثناء الوجود العسكري السوري في لبنان الذي دام نحو ثلاثة عقود، الأمر الذي يمكن اعتباره البداية المثالية لإشعال حرائق في لبنان تقوم (شئنا أم أبينا) على أساس طائفي.

التفسيرات التي ذكرها المراقبون للوضع في طرابلس من وجهة نظر النظام السوري، تتلخص في أن أهل طرابلس يؤيدون الثورة في سوريا، ويقدمون لعناصرها التسهيلات التي تعينهم في الحصول على السلاح عن طريق تهريبه عبر الحدود. كما يقومون باستقبال الثوار والمدنيين الذين يضطرون لمغادرة مدنهم وقراهم التي تتعرض لقصف الدبابات والمدفعية والصواريخ التابعة لجيش بشار وشبيحته، وتقديم المساعدات الممكنة لهم من إيواء وطعام وعلاج.

غير أن ثمة تفسيراً آخر لاشتعال الموقف في تلك المدينة- بحسب رأي المراقبين- وهو ذلك العداء الذي يكنه أهلها لنظام الأسدين، حيث ذاقت على يد رجال المخابرات السورية الأمرَّين. فكان من الطبيعي- والحال هذه- أن يؤيد أهل طرابلس الثوار السوريين الذين ينتمون للمذهب السني، شأنهم شأن الأغلبية العظمى من أهل هذه المدينة كما ذكرنا.

لكن هذه التفسيرات لا يمكن أن تكون السبب في إشعال الحرائق في طرابلس وفي هذه الوقت بالذات، وبعد مضى أكثر من ثلاثة عشر شهراً على ثورة الشعب السوري. ذلك أن ما تشهده المدينة بين الحين والأخر من اشتباكات بين أهل التبانة وسكان جبل محسن، كان يُعدًّ- قبل ثورة الشعب السوري- أمراً عاديا ودائما ما يمر بسلام؟.

لكن الاشتباكات التي جرت وما زالت تجري بين الفريقين في الفترة الأخيرة، لا يمكن تقويمها بمعزل عما يجري في سوريا. فبرغم الهدوء الحذر الذي عادة ما يسود المدينة بعد تدخل الجيش اللبناني، وتوقف الحكومة عن القيام باعتقالات يفسرها أهل طرابلس بأنها مشايعة للنظام في سوريا .. غير أن المدينة ما زالت تعيش على صفيح ساخن يهدد بامتداد لهيب الفتنة الطائفية لمناطق أخرى من لبنان، وما يتبع ذلك من احتمال إشعال حرب أهلية قوامها الطائفية البغيضة.

ففي حادث تزامن وقوعه مع أحداث طرابلس، اتهم النظام في دمشق الجيش السوري الحر باعتقال خمسة عشر لبنانيا من أبناء الضاحية الجنوبية في بيرون كانوا عائدين من زيارة دينية في إيران، ما أثار موجة من الغضب الشديد بين سكانها التي تقطنها أغلبية شيعية، والذين قاموا بإحراق إطارات السيارات وإغلاق الطرق. ولم يهدأ الموقف إلا بعد مداخلة من السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله الذي طالب الغاضبين بالكف عن إغلاق الطرقات، وتعهد لهم بأن الدولة ستبذل أقصى ما تستطيع لإطلاق سراح المختطفين وعودتهم سالمين.

وكالعادة رأينا نظام بشار والثوار السوريين يتبادلان الاتهام حول عملية الاختطاف هذه، كما رأينا كيف أن المحادثات التي كانت تجري حول إطلاق سراحهم قد توقفت فجأة، بسبب مداخلة السيد حسن نصر الله، بعد أن كان نجاحها قاب قوسين أو أدنى بحسب الوسطاء، كما طالب الخاطفون السيد حسن نصر الله بتقديم اعتذار عن التصريحات التي أدلى بها حول هذه العملية.

والسؤال الآن : إلى أي مدى يمكن وصف ما جرى ويجري من اشتباكات بين سكان جبل محسن وسكان حي التبانة في مدينة طرابلس اللبنانية، بأنه مجرد اشتباكات عادة ما كانت تقع بين الفريقين لسبب أو لآخر .. سرعان ما تنتهي وتعود المياه لمجاريها؟، أم أن الأمر- هذه المرة- يختلف على أساس الاعتقاد بأن بشار قرر البدء في تنفيذ تهديداته بإشعال المنطقة (إذا ما تعرضت سوريا لتدخل عسكري غربي) بادئاً بالجارة "لبنان"؟!!.

أغلب الظن أن بشار قرر البدء في تنفيذ تهديداته، حيث يُعتقد على نطاق واسع، أنه بات يشعر أن الخناق بدأ يضيق من حوله، وأنه آخذ في التصاعد بمعدلات عالية تهدد جدياً بانهيار نظامه.

فثمة ظواهر لا يستطيع بشار تجاهلها تؤكد جميعها أن الأحداث في سوريا لا تسير لصالح النظام، ما قد يكون السبب في دفعه للبدء في تنفيذ تلك التهديدات أو بعض منها، حتى يتمكن من إقامة كيان علوي مستقل على النحو الذي أشرنا إليه.

ولعل من أبرز تلك المظاهر:

1- بات العديد من المدن والمناطق السورية- بحسب تصريحات المراقبين الدوليين- تحت سيطرة رجال المقاومة السورية، ما يعني أن الإرهاق والوهن بدأ يظهر على جيش بشار وشبيحته، مقابل تصاعد قوة فصائل المقاومة السورية التي بدأت تنفذ عمليات نوعية ضد قوات النظام.

2- أصبح المجتمع الدولي على قناعة بأن من الصعب عليه السكوت على ما يرتكبة جيش النظام وشبيحته يومياً من مجازر مروعة بحق السكان المدنيين، وبخاصة بعد أن شاهد حجم البشاعة التي اتصفت بها المجزرة الرهيبة التي ارتكبها جيشه وشبيحته بحق سكان بلدة "الحولة"، والتي راح ضحيتها نحو 135 شهيداً من بينهم ما لا يقل عن خمسة وثلاثين طفلاً جرى ذبح الكثير منهم بالأسلحة البيضاء.

3- عدم تنفيذ أي من بنود مهمة كوفي عنان الستة، وبخاصة البند الاول الذي ينص على وقف إطلاق النار. فقد بات عنان مقتنعا أن النظام السوري غير مستعد لتنفيذ هذا البند، وبخاصة أنه يعتبر المقاومة السورية ليست أكثر من جماعات إرهابية يجب القضاء عليها أولاً، حتى يتسنى وقف إطلاق النار. وهذا يعني- في النهاية- أن بشار ما زال يصر على الاستمرار في استخدام الخيار العسكري في مواجهة كل أشكال المقاومة، سواء التظاهرات منها أو التشكيلات العسكرية وبخاصة ما يسمى بالجيش السوري الحر.

4- المطالبة بتنفيذ بعض بنود الباب السابع(باستثناء استخدام القوة) بحق النظام السوري بسبب عدم الوفاء بالتزامه نحو مهمة عنان.

5- اتهام السعودية للنظام السوري بأنه يعمل على إشعال حرب اهلية في سوريا ولبنان على أساس طائفي.

6- التحول المتوقع في موقف روسيا والصين نحو الوضع في سوريا. فقد ترددت تعليقات وتحليلات صحفيه حول موقف هذين البلدين الذي كان وما زال مؤيداً بشدة لبشار، عن أنهما باتا قريبين من قبول النموذج اليمني لحل المسألة السورية، ما يعني قبولها بتنحي بشار الأسد كأساس لإيجاد حل سلمي للمسألة.

7- الإشارات التي بدأ النظام الإيراني يبثها (على استحياء) للعالم أولاً ولبشار ثانياً، بأنه سيكثف جهوده نحو تثبيب وجود نفوذه في لبنان، الأمر الذي ينطوي على تلميح بتخفيض سقف دعمة لبشار أو التخلي عنه إذا ما اقتضى الأمر.

ومما قد يؤيد هذا القول تلك الدعوة التي وجهها السيد حسن نصر الله لمختلف التيارات السياسية في لبنان، حول إقامة جبهة لبنانية تتصدى للتحديات التي تواجهه، والتي ترتبط دون أدنى شك بالوضع في سوريا واحتمالات التدخل العسكري الغربي فيها.

8- وإذا دل ذلك على شيء فإنما يدل على أن إيران وحزب الله بدءا يدركان أن زوال نظام بشار هي مسألة وقت وأن سقوطه بات أمراً حتمياً، ما يدعوهما للعمل سريعاً لاحتواء النتائج السلبية التي ستعود على وضع إيران وحزب الله في لبنان بخاصة والمنطقة العربية بعامة.

9- ما قاله بشار في خطابه في مجلس الشعب السوري مؤخراً عن أنه لا مهادنة ولا تسامح مع الإرهاب، (ويقصد بالإرهاب فصائل المقاومة السورية المسلحة)، وأن حسم المسألة في سوريا يمكن أن تتم بصورة نهائية حين يجري الاشتباك بالأيدي مع هؤلاء الإرهابيين، ما يعني أنه على وشك القيام بعملية عسكرية شاملة وأخيرة على كل المدن والمناطق التي تظهر مقاومة فاعلة ضد النظام.

10- المواقف غير الفاعلة التي تقفها الجامعة العربية من الجرائم التي يرتكبها جيش بشار وشبيحته بحق المدنيين السوريين، تعني في النهاية رغبتها في إحالة المسألة السورية للهيئة الأممية. بل ذهبت إلى حد طلبها تطبيق بعض بنود الباب السابع من الميثاق الأممي بحق النظام السوري (باستثناء استخدام القوة العسكرية).

وحتى هذا الاستثناء قد تُجبر على التخلي عنه إذا ما قرر المجتمع الدولي التدخل عسكرياً لوقف الجرائم التي يرتكبها النظام. ولا يقلل من وقوع هذا الاحتمال تصريح أمين عام الجامعة العربية محمد العربي، عن رفض دول الجامعة المشاركة في تدخل عسكري يتم بموجب الباب السابع من الميثاق الأممي.

وحيال هذه الظواهر التي لا يُشك فيها، أصبح لزاماً على بشار الأسد أن يستعد لمواجهة سقوط نظامه. فهو يعلم أن المبادئ والمثاليات والعواطف، ليست من مصطلحات القاموس السياسي الدولي وبخاصة في صياغة العلاقات بين الدول التي تقوم على المصالح المتبادلة. فقد قارب الإدراك بأن إيران الحليف الرئيس الذي يمده بالمال والدعم السياسي، لن تضحي بمصالحها إذا ما رأت أن استمرارها في دعم نظامة سيصل بها إلى مواجهة مع الشعوب العربية وأنظمتها أولاً، وإلى مواجهة مع المجتمع الدولي ثانيا.

كما يعلم جيداً أن تجاوزه لسقف الدعم الذي تمنحه روسيا والصين لنظامه، يعني تخليهما عن دعمه إقليميا وأممياً. والتجاوز الذي نعنيه هو إصراره على المضي قدما في استخدام الخيار الأمني المغلط الذي وصل إلى حد التوحش في المذبحة التي ارتكبها نظامه ضد أهالي بلدة الحولة.

فاستمرار هذا الإصرار (الذي ما زال ملتزماً به) يعني إفساداً محققاً للعلاقة بين روسيا والصين من جانب/ وبين الشعوب العربية من جانب آخر. كما يعني إضعافا لمكانتهما في المجتمع الدولي باعتبارهما قوى عالمية يتوجب عليهما القيام بالدور الذي يتناسب مع مكانتهما، في التصدي للجرائم التي ترتكبها الحكومات الدكتاتورية ضد شعوبها.

ليس من شك أن هذا الإصرار المريب لبشار على الاستمرار في استخدام العنف المغلظ في محاولة قمع الثورة السورية، ليس ناجماً عن غباء سياسي أو عناد تعسفي. فهذا النظام لم يكن ليستطيع الاستمرار لأربعة عقود ونيف .. ولم يكن ليستطيع الاستمرار في ارتكابه لجرائمه ضد الشعب السوري، لولا أن مؤسسيه أحكموا القواعد التي قام عليها هذا النظام والتي مكنته من مواجهة ثورة عارمة في الربع الأخير من القرن الماضي، حيث قضى على نحو 35 شهيداً من أهالي حماة عام 1982، وحين قضى على أكثر من خمسة عشر ألف شهيداً في المواجهة الراهنة بينه وبين ثورة الشعب السوري الراهنة.

لذلك فإن من الطبيعي أن يتحسب هذا النظام "نظام الأسدين" من احتمالات الفشل التي قد تواجهه، والتي قد تصل به إلى حد التعرض للانهيار .. فيقوم بوضع خيارات تمكنه من الإفلات من تبعات هذا السقوط إذا ما وقع.

وفي ضوء تهديداته التي ذكرنا بتفجير الوضع في المنطقة إذا ما تعرض لتدخل عسكري يستهدف إسقاطه، يبدو أنه عاقد العزم على تنفيذ ما يستطيع من هذه التهديدات. فنحن على يقين من أن بشار يعلم جيداً أنه لا يملك القدرة على تفعيل كل تلك التهديدات، ذلك أن معظمها هي في أيدٍ لا يستطيع التحكم فيها ونعني بها إيران وحزب الله من ناحية، والدعم الروسي الصيني له من ناحية أخرى.

وحتى إشاعة الفوضى في لبنان الذي اعتاد نظام الأسدين النظر إليه على أنه محافظة تابعة لسوريا .. لا يستطيع تفعيل كل مخططاته الإجرامية فيه، بدليل أن حزب الله دعا مؤخراً إلى توافق بين التيارات السياسية في لبنان بهدف إيجاد جبهة قوية تستطيع الوقوف أمام التحديات التي قد تواجه لبنان في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها المنطقة. وهذا يعني أن حزب الله بدأ يتحسب من نتيجة كل خطوة يخطوها حيال الاستمرار في دعم هذا النظام.

لذا فإن الخيار الوحيد الذي يعتقد بشار أنه سينجح في تحقيقه حين يصل نظامه حافة خطر السقوط، هو عقد صفقة مع سيد الكرملين الجديد القديم "فلاديمير بوتين" ..تقضي بسلخ المنطقة الساحلية التي تقطنها أغلبية علوية عن سوريا، وإقامة كيان علوي مستقل فيها، مقابل السماح لروسيا بإقامة قواعد بحرية وبرية وجوية وصاروخية على أرض هذا الكيان.

ومع ذلك نتساءل: هل يسمح الغرب الذي يهيمن على الكثير من بلدان المنطقة، والذي يمتلك مصالح غاية في الأهمية بالنسبة لأمنه القومي .. هل يسمح للروس بإقامة تلك القواعد دون أن تصدر عنه ردود فعل غاضبة من الغرب؟.

أغلب الظن أن الروس- إن صدق حدسنا- بشأن قيام كيان علوي يسمح بوجود قواعد عسكرية لروسيا على أرضه- سوف يدخلون في مفاوضات مع أمريكا والدول الغربية الرافضة لمثل هذا الاحتمال، تؤدي لعقد صفقة ما بين الطرفين لن تكون بالقطع في صالح الكيان العلوي المحتمل.

وهنا على بشار وقادة نظام الأسدين بعامة أن يدركوا، أنهم لن يستطيعوا الحفاظ على كيانهم إذا ما قام لسبب بسيط، وهو أن اللعب مع الكبار لا يُسمَح به إلاَّ للكبار ..

فهل يعي بشار وعائلته ومريدو "نظام الأسدين" هذه الحقيقة؟!!!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.