ذكرت مجلة دير شبيجل الألمانية اليوم الخميس, أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيستمر في مقاومته للإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد خلال زيارته المرتقبة لكل من ألمانيا وفرنسا غدا الجمعة، غير أن جهوده في هذا الصدد ستواجه بضغوط كبيرة من برلين وباريس لتغيير سياسته تجاه الملف السوري. وقالت المجلة في تقرير أوردته على موقعها على شبكة الإنترنت, "إن زيارة بوتين لألمانيا وفرنسا كانت تستهدف في الأساس مناقشة بعض القضايا الاقتصادية، غير أن المذبحة التي وقعت في مدينة الحولة مؤخرا زجت بالملف السوري في أجندة المباحثات المقرر إجراؤها في برلين وباريس".
وأوضحت المجلة إن ما قاله وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف, "بأن ضمان أمن العالم مرهون بالتعاون مع روسيا ، وأن المشكلات الدولية لا يمكن حلها إلا بالدعم الروسي" سيكون محل اختبار عندما يحل بوتين ضيفا على نظيره الفرنسي فرانسوا أولاند، وخاصة بعد أن أعلن الأخير أنه سيحاول إقناع موسكو بعدم منع التدخل العسكري المحتمل في سوريا ضد نظام الأسد باستخدام حقها في الاعتراض "الفيتو" في مجلس الأمن الدولي.
وأضافت المجلة أن الوضع لن يختلف بالنسبة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي لن تكتفي بمناقشة القضايا الاقتصادية مع بوتين, ولا سيما بعد مقتل 108 أشخاص في مذبحة الحولة .
ونقلت المجلة عن المتحدث باسم المستشارة الألمانية ستيفن شايبرت قوله, "بأن المسئولين الألمان يخططون لاستغلال زيارة بوتين لبرلين للضغط من أجل فرض المزيد من الضغوط على دمشق ، وذلك على الرغم من جميع التأكيدات التي خرج بها الكرملين مؤخرا بشأن تمسك موسكو بموقفها إزاء سوريا".
وأشارت المجلة في هذا السياق للتصريحات التي أدلى بها المتحدث باسم الرئيس الروسي دميتري بيسكوف أمس الأربعاء, والتي أكد فيها أن ممارسة المزيد من الضغط على نظام الأسد قد لا يكون مناسبا ، لذا فإنه من المتوقع استمرار روسيا في التمسك بموقفها من الملف السوري أثناء زيارة بوتين لباريس وبرلين.
وقالت دير شبيجل, "إن الشهور الستة الماضية شهدت محاولات عبثية من الغرب لوضع حد للممارسات القمعية التي يرتكبها الرئيس السوري بحق المدنيين السوريين ومعارضيه المسلحين على حد سواء، غير أن موسكو أحاطت دمشق بالحماية في مجلس الأمن خلال الفترة ذاتها ، وكان من المنطقي للكرملين الذي ينظر إلى دمشق بوصفها زبون نشط للأسلحة الروسية وشريك في المشروعات الروسية ذات الصلة بمجال النفط والغاز أن يمنع مسودات القرارات المناهضة لنظام الأسد في مجلس الأمن الواحد تلو الآخر".
واعتبرت المجلة وفقا لما سبق, أن روسيا أبعد من الغرب عن إيجاد حل للأزمة السورية، وبالتالي فإن لقاء بوتين مع ميركل سيشهد تمثيلهما لمعسكرين متعارضين وضع كلاهما الآخر في موقف صعب ، ففي الوقت الذي لم تحقق فيه الولاياتالمتحدة وأوروبا نجاحا يذكر في جهودهما لحل الأزمة السورية خلال الأشهر الماضية؛ عارضت روسيا والصين استصدار قرار أممي لحل الأزمة رغم عدم تقدمهما بحلول لها، كما أن الغرب لا يرغب في اللجوء للعمل العسكري على خلاف الكثير من المواقف المشابهة في الماضي، خاصة أنه لم يتلق تأييدا من الأممالمتحدة بهذا الصدد. وقالت دير شبيجل, "إن الغرب نفسه ينظر للتدخل العسكري في سوريا بوصفه الخيار الأصعب، فعلى الرغم من تهديد أولاند للأسد بالهجوم على سوريا إلا أن وزير خارجيته لوران فابيوس حذر من قوة الجيش السوري، وفي واشنطن ينشغل الرئيس الأمريكي باراك أوباما بمواجهة قضايا محلية فضلا عن خوضه لمنافسة قوية من أجل البقاء في البيت الأبيض، وبالتالي فإنه من غير المحتمل أن يورط أوباما نفسه في مواجهة عسكرية صعبة في الشرق الأوسط في هذه الفترة.
وأشارت الصحيفة إلى تصريحات المتحدث باسم الرئيس الأمريكي جاي كارني أول أمس الثلاثاء, والتي أوضح فيها أن بلاده لا تعتقد بأن زيادة عسكرة الوضع في سوريا بحالته الراهنة هو التحرك السليم، بل إنها تعتقد إن مثل هذا التحرك سيؤدي إلى حجم أكبر من الفوضى وعدد أكبر من المذابح.
و في المقابل, فإن روسيا تعارض شن هجوم على النظام السوري، ونقلت عن رئيس مركز كارنجي الروسي دميتري ترينين قوله بأن روسيا لا تعارض التدخل العسكري من أجل النظام السوري، ولكنها تعارضه من أجل نظام الأمن العالمي ، وأضاف أن الكرملين يريد أن يمنع تدخلا عسكريا مشابها لما حدث في كوسوفو أو ليبيا لأن مثل هذا التدخل يعد خرقا لمبدأ السيادة الوطنية، وهو ما تحاول موسكو وبكين التمسك به والتأكيد عليه.
وأكد ترينين في تصريحات لدير شبيجل, "أنه ينبغي على الصين وروسيا -على الرغم مما سبق- أن يضعوا في اعتبارهم أن كلا البلدين به مناطق شاسعة يسعى قاطنوها للحصول على الاستقلال ، مثل بعض مناطق شمال القوقاز في روسيا ومنطقة التبت في الصين".