نفى الدكتور محمود عيسى وزير الصناعة والتجارة الخارجية نية الحكومة التصالح مع رموز النظام السابق المتواجدين فى طرة والهاربين بالخارج، مؤكدا ان هذا الامر يتطلب إرادة شعبية وسياسية ، وبذلك يحسم الجدل المثار حاليا حول دور الحكومة فى اجراء عملية التصالح او امكانية اتخاذها قرارا بذلك دون الرجوع لارادة الشارع . وبنظرة موضوعية للأمر نجد ان تأكيد الوزير أن التصالح فى هذه الحالة يكون عن الشق الاقتصادى فقط وليس فى الشق الجنائى فى الاتهامات الموجهة لرجال الأعمال ، نجد فعليا انا الامر يتطلب موافقة شعبية وسياسية إلى جانب صدور تشريع من البرلمان على التصالح " الاقتصادى" . وبالعودة الى اخر تقارير البنك المركزي المصري فى 12 مارس الجارى والتى اكدت أن إجمالي الدين العام المحلي في مصر بلغ 1.13 تريليون جنيه (187.4 مليار دولار)، نهاية العام الماضي ، فيما سجل الدين العام الخارجي نحو 34 مليار دولار، في نهاية سبتمبر من العام الماضي، أى ما يعادل نحو 204 مليارات جنيه، وليبلغ إجمالي الديون المستحقة على مصر داخلياً وخارجياً 1.337 تريليون جنيه، وهو أعلى مستوى على الإطلاق من الديون مستحق على مصر في تاريخها ، وهذا ما يفتح الباب امام امكانية طرح مسالة التصالح فى الشق الاقتصادى مقابل رد الاموال المنهوبة خارج البلاد ، فى محاولة لتعويض تلك المديونيات الرهيبة التى تمثل عبئا ثقيلا على كاهل الاقتصاد المصري . وكما تشير التقديرات فإنه بنظرة سريعة لحجم الأموال المنهوبة نجد أن استعادة نحو 15% منها كفيل بسد دين مصر الخارجي تمامًا ، كما تشير التقديرات ايضا أن حجم الأموال المنهوبة والمهربة للخارج تصل إلى 225 مليار دولار تقريبًا ، وهو ما يمكن فعليا ان يسهم فعيا فى سداد ديون مصر خارجيا . الا اننا لا ندعو الى التصالح المطلق مع رموز الفساد فهو قرار الشارع فقط وهو وحده الكفيل به والمعبر عنه من خلال برلمانه المنتخب بارادة شعبية مطلقة وهو وحده المخول وضع قواعد وشروط التصالح ونتائجه وفوائده للدولة . وعلى هذا تطالب شبكة الاعلام العربية " محيط" بضرورة وضع إطار قانونى محدد وواضح ينظم عملية التصالح مع رموز النظام السابق فى قضايا الفساد المالى مع ضرورة حصر المبالغ التى يمكن استردادها قبل المضى قدما فى إجراءات التصالح لدراسة مدى جدواها وعائدها على الموازنة العامة للدولة ، كما نؤكد ان حق التصالح هو ملك الشعب وحده وبقرار من مجلس نوابه المنتخب ، وانه على الرغم من ان التصالح بشكل عام له مردود ايجابى على الاقتصاد المصرى وخاصة فى ظل المرحلة الحرجة التى تمر بها البلاد الا انه يجب اولا عرض الأمر ذاته على الرأى العام اولا وهو صاحب القرار . ونشير فى الوقت ذاته الى ضرورة عدم التهاون او التساهل مع كل من استفاد من منصبه فى التربح وتحقيق مكاسب .