"الثورة من الجانب الآخر.. 18 يوما وضعت مصر على قمة العالم" كتاب جديد يصدر خلال أيام عن الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة، للكاتب والمحلل عبدالمنعم حلاوة، ضمن مجموعة من الإصدارات الإبداعية والتوثيقية حول ثورة ال 25 من يناير، والتي تأتي ضمن احتفالات الهيئة بمرور عام على اندلاع ثورة يناير. والكتاب يعد عملا تحليليا وتوثيقيا للمواقف الأخرى من الثورة المصرية، سواء القوى الدولية العظمى الولاياتالمتحدةالأمريكية، و الاتحاد الأوروبي، وكذا الأممالمتحدة، تركيا، روسيا والصين، أميركا الجنوبية ممثلة في كوبا وموقف الزعيم الكوبي فيدل كاسترو ،والمواقف العربية "المملكة السعودية والإمارات، فلسطين، وقطر"،وكذا موقف إسرائيل، حيث يقدم قراءة تحليلية في مواقف هذه الدول خلال أيام الثورة ال18 قبل التنحي، ومواقفها فيما بعد تنحي الرئيس المخلوع"مبارك". ولم يتوقف الأمر لدى الزميل "عبدالمنعم حلاوة عند رصد المواقف الرسمية فحسب؛ بل عمل على قراءة وتوثيق مواقف المحللين والسياسيين وكذا المثقفين حول العالم عن الثورة ورؤيتهم لها،من خلال مقالات لكل من :"د.أحمد زويل، روبرت فيسك، بيليك هاونشل، سامية نخول، والروائي، توماس فريدمان، ايان بلاك" ليؤكد أن مصر وخلال الأيام ال 18 كانت على قمة العالم بالفعل، فكل الأنظار مسلطة نحو القاهرة، والجميع يرصد بتأني المواقف لحظة بلحظة. ويقسم الكتاب إلى أربعة فصول هي كالآتي:" العالم في 18 يوم، الموقف العربي، إسرائيل وما بعد مبارك، قالوا عن الثورة (مقالات لمفكرين ومحللين ومثقفين عالميين عن ثورة يناير)". وفي تقديمه للكتاب يقول حلاوة:" سيقف العالم طويلا أمام ثورة 25 يناير، ليدرس ويتعلم كيف قام شباب مصر بواحدة من أرقى الثورات في تاريخ البشرية، وأكثرها إلهاما وتأثيرا في مسيرة الإنسانية. لم تكن الثورة المصرية مجرد خروج على نظام حكم عقيم مريض أصابته الشيخوخة والهرم بعد أن ظل 30 عاما جاسما على صدر المصريين، ولم تكن ثورة جياع من أجل لقمة العيش والقضاء على الفقر الذي استشرى، والمرض الذي استوطن جسد مصر ولا الفساد الذي نخر أوصالها، بل كانت تأصيل لقيم إنسانية فريدة، وحقائق تاريخية يشهد بها العالم أجمع، وهي أن الشعب المصري صانع المعجزات، وقاهر الجبابرة والطغاة، فثورة الخامس والعشرين من يناير، كانت النهاية الحقيقة لأسطورة الفرعون، التي حكمت مصر لأكثر من 3 ألاف عام، كما أنها هي التي أنهت نظرية الحاكم الإله الذي يدور الجميع في فلكه، وأثبتت أن السيد الوحيد لهذه الأرض هو شعبها، وأن من يحكمها يجب أن يدرك أنه جاء خادما لها ولشعبها وليس سيدا عليها. لذلك فقد فرضت ثورة 25 يناير نفسها على جدول أعمال العالم، وباتت محور اهتمام جميع السياسيين والمحللين والخبراء بمختلف توجهاتهم وأفكارهم، والشغل الشاغل للمفكرين والفلاسفة والنقاد، يتابعونها بدقة ويدرسون مراحل تطورها وما جرى فيها، وتأثيرها على الأوضاع في مصر ومنطقة الشرق الوسط بصورة عامة. ولأن الثورة المصرية هي من أعطت قوة الدفع المؤثرة للربيع العربي، بالإضافة إلى تميزها بالعديد من الخصائص النادرة مثل انصهار الشعب والجيش في بوتقة واحدة ضد النظام الحاكم، مع الحفاظ على طبيعتها السلمية ومظهرها الحضاري البعيد عن العنف أو الانتقام أو تصفية الحسابات، فقد كانت ثورة شباب مصر في الخامس والعشرين من يناير، أكثر الثورات رقيا وإلهاما في تاريخ البشرية". وفي الفصل الأول (العالم في 18 يوم) يقدم قراءة للمواقف الدولية من الثورة خلال الأيام ال 18 بدءا من اندلاع الثورة وحتى تنحي مبارك، وفهو يقدم قراءة تحليلية دقيقة لهذه المواقف قبل وبعد التنحي، ويقول في بداية الفصل:"ما بين 25 يناير و11 فبراير 2011، أيام قليلة قد تبدو قصيرة في عمر الزمان، لكنها كانت أيام طويلة وشاقة ومليئة بالأحداث المثيرة في عمر أمة عظيمة مثل مصر، بل وفي عمر العالم الذي تفرغ تماما لمراقبة ومتابعة ما يجري في مصر لحظة بلحظة خلال 18 يوما عصيبة، سادها الترقب والحذر من الجميع، انتظارا لما سيسفر عنه تحدى القوة بين حسني مبارك وميدان التحرير.
وقد عكست هذه الأيام بكل وضح، الحجم الحقيقي لمصر ومكانتها المميزة عالميا، حتى أنها سارت حديث الدنيا ومحور اهتمام البشر في كل أرجاء المعمورة". وفي رصده لمواقف القوى الكبرى في العالم من الثورة المصرية، يبدأ بموقف الولاياتالمتحدةالأمريكية، من خلال المسئولين الأمريكيين خلال أيام الثورة حتى تنحي مبارك، ليؤكد أن المسئولين الأمريكيين كانوا ينتقون التصريحات والألفاظ التي تحتمل أكثر من معنى، ويخرجون بإشارات إلى أطراف مختلفة سواء في النظام الحاكم أو في المعارضة، توحي للجميع بأن واشنطن تقصد بتصريحاتها هذا الطرف دون الأخر، وهي تقريبا نفس السياسة التي انتهجها الإتحاد الأوروبي، إلا أنه بحكم التاريخ والجغرافيا وعلاقات مبارك الجيوسياسية مع واشنطن وتل أبيب كانت تفرض تحرك أمريكي مختلف لضمان اكبر قدر من مصالحها سواء بقى مبارك أو رحل، وقد ألقى في الكتاب الضوء على تصريحات وموافق للمسئولين الأمريكيين قبل وبعد التنحي. أما بالنسبة للاتحاد الأوروبي فلم يختلف التباين في الموقف الأمريكي كثيرا عن التباين في موقف الإتحاد الأوروبي، والذي تبدلت مواقفه إبان 18 يوما، فكان يتعامل مع الأزمة بحذر شديد، وحرص جميع مسئوليه على اختيار ألفاظهم بعناية، ولم يصدر عن أي من دول الإتحاد البالغ عددهم 27 دولة أي تصريح يطالب مبارك صراحة بالتنحي خلال الأيام الأولى للثورة المصرية، وكان رئيس الوزراء الدنمركي "لارس لويك راسموسن" أول مسئول في الإتحاد الأوروبي يطالب مبارك علنية بالتنحي عن الحكم، والاستجابة لمطالب شعبه، وذلك في ساعة مبكرة من صباح الجمعة 11 فبراير 2011، أي قبل ساعات من الإعلان عن تنحي مبارك مساء هذا اليوم". وفي حول مواقف روسيا والصين يشير حلاوة إلى أن الموقف الروسي فاترا للغاية ومتحفظ بشكل يبدو من خلاله عدم تلمس الرضا عن نجاح الثورة، ربما لقلق موسكو من أن سقوط مبارك كان سيفتح الباب أمام سقوط المزيد من الأنظمة الموالية لها والتي ترتبط معها بعلاقات إستراتيجية قوية، مثل نظام معمر القذافي في ليبيا – وهو ما حدث بالفعل بعد ثورة 17 فبراير التي انطلقت في بنغازي، وخسرت موسكو أهم مشتري للسلاح الروسي في العالم-، بالإضافة إلى نظام بشار السد في سوريا ( اشتعلت ضده الاحتجاجات، وبدأ يتداعي ولكن ببطء)، وكان هناك مخاوف أيضا من سقوط النظام الجزائري الذي يعد حليفا قويا لروسيا سواء في منظمة الأوبك، أو شراء الأسلحة الروسية (لكن لم تهب عليه رياح الربيع العربي بعد). تركيا وفقا للكتاب كانت من أكثر الدول التي لعبت دورا بارزا إبان الثورة المصرية، وألهبت تصريحا رئيس الوزراء "رجب طيب أردوغان" مشاعر المصريين خلال الثورة، فكان أردوغان من أول زعماء المنطقة الذين شدوا من أزر الثوار في التحرير، وألهموهم الثبات على موقفهم، كما وجه عبارات قاسية للرئيس المخلوع "حسني مبارك"، حاول خلالها أن يذكره بأنه بشر وليس إله، وأنه سنه الذي تجاوز 82 عاما يحتم عليه التفكير في الآخرة ولقاء ربه وليس التفكير في الدنيا، والتمسك بالمنصب والسلطة. ومن كوبا قدم حلاوة قراءة في موقف الزعيم الكوبي فيدل كاسترو ومواقفة من الثورة، ولم ينسى الإشارة لمواقف الأممالمتحدة وبياناتها خلال الأيام ال18 وعقب إعلان التنحي. وإن كانت مصر الشقيقة الكبرى في الخارطة العربية فقد عمل حلاوة على تحليل المواقف الرسمية العربية خلال فصل كامل فجاء الفصل الثاني بعنوان "الموقف العربي"، في محاولة منه لتحليل وقراءة لمواقف الدول العربية التي يبدو وأنه وما أن أعلن عن تنحي الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، وحتى اجتاح الخوف العديد من العواصم العربية، ودب الخوف في أوصال قصور الحكم بها، وحاول كل رئيس، زعيم، قائد،ملك وحتى أمير في الشرق الأوسط، أن يخفي قلقه وأن يرتدي لباس الشجاعة ليخفي خوفه وهلعه الذي يعتصر قلبه، وخرج كل منهم ليرحب بنجاح الثورة التونسية، ونهايتها السعيدة للشعب التونسي، لكنهم جميعا رددوا في صوت واحد "نحن لسنا تونس"، وما حدث مع زين العابدين بن علي هو استثناء، ولن يؤصل لقاعدة في المستقبل، إلا أن رد الشعب المصري جاء سريعا ومباغتا وحاسما، وهز صوت الشباب المصري المنادي بالحرية عروش جميع حكام الشرق الأوسط، ليؤكد لهم أن هناك بلدان تشبه تونس، وأن هناك الكثير من الحكام صورة مكررة من بن علي. ويشير إلى أن المواقف المرتعشة المرعوبة بدأت تكشف عن نفسها وخرجت تصريحات متباينة من العواصم العربية، ومقر جامعة الدول العربية، والتي دعا أمينها العام "عمرو موسى" يوم السبت 29 يناير إلى تحرك سريع لاحتواء الوضع المتفجر في مصر عبر إصلاح سريع يستجيب بصورة جادة لمطالب الشعب، إلا أن تلك الحكمة والدبلوماسية الكبيرة التي تحلي بها عمرو موسي، اختفت من تصريحات الكثير من الحكام العرب، الذين سارعوا لدعم ومحاولة إنقاذه من قبضة شعبه، التي كان من الواضح أنها تحكم إطباقها على رقبته كل ساعة. وقد حاول رصد مواقف بعض الدول العربية التي لعبت دورا كبيرا في الأزمة، وكانت مؤثرة إلى حد ما في صياغة المشهد المصري فقدم قراءة في الموقف السعودي من خلال الثورة وفي أعقاب التنحي، وكذا موقف الإمارات العربية، وقطر التي يؤكد أن تأيدها الكامل للثورة وإن لم يعلن رسميا فإن الجزيرة كانت مثال واضح لهذا التأييد، ولم يغفل موقف تونس الثائرة التي هبت منها رياح الثورة، وكذا فلسطين القابعة تحت أسر الاحتلال الصهيوني. وقد أفرد حلاوة الفصل الثالث ليقدم قراءة متكاملة المعالم للموقف الإسرائيلي من الثورة، ومواقف ساسته ومحلليه وفي الفصل الذي جاء بعنوان" إسرائيل وما بعد مبارك"، يؤكد أن عام 2011، وتحديدا يوم 25 يناير، سيظل علامة فارقة في تاريخ دولة الاحتلال "إسرائيل"، ليس فقط للتحولات الكبيرة التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط الذي تغير جذريا بعد هبوب رياح الرياح العربي المحملة بنسائم الحرية والتخلص من الأنظمة الديكتاتورية، التي طالما أرهقت شعوبها وأذلتها, ولكن أيضا لأنه دليل قاطع على فشل إسرائيل وكذب ادعاءاتها التي ملأت بها الدنيا بأنها القوى في المنطقة والمتحكمة في مصيرها ، والمسيطرة على مقدراتها، بعد أن نجحت في اختراقها من الداخل والسيطرة على أنظمتها الحاكمة وخاصة مصر. فدولة الاحتلال التي طالما تفاخر مسئوليها ورجال استخباراتها أنهم اخترقوا مصر وسيطروا عليها وأن الشعب المصري دخل القفص الإسرائيلي ولن يخرج منه أبدا، صعقت عندما رأت مارد قوى يخرج في شوارع القاهرة يوم 25 يناير ليحطم قيوده ويعيد صياغة واقعه وكتابة تاريخه من جديد، كان هذا المارد هو الشباب المصري، الحر الذي طالما ادعت تل ابيب وعملاءها من مسئولي النظام السابق أنهم شباب تافه جاهل غير مثقف ولا يملك الوعي ولا الرغبة في العمل. ويشير في الكتاب إلى أهمية مبارك الاستراتيجية لإسرائيل، مؤكدا أنه ليس أدل على أهميته لدى دولة الاحتلال من أن التليفزيون الإسرائيلي، خالف التعاليم الدينية وبث إرساله يوم السبت 12 فبراير، صبيحة تنحي حسني مبارك، مخترقا بذلك ما يعرف في إسرائيل باسم "حرمة الصمت يوم السبت" – لا يقطع التليفزيون الإسرائيلي صمته ويبث برامجه يوم السبت إلا في حالات حرجة للغاية مثل الحرب أو وقوع تفجيرات في إسرائيل، أو وجود خطر داهم يهدد البلاد-، وتسابقت قنوات التليفزيون الإسرائيلي الثلاث في الحديث عن الثورة المصرة ونجاحها في الإطاحة بحسني مبارك. ويقدم خلال هذا الفصل توثيقا للمواقف الإسرائيلية كاملة"، ويقدم مقالات كتبها محللين إسرائيليين من بينها نص مقال لأكيفا إلدار بعنوان "مصر ليست في جيوبنا". في الفصل الرابع والذي جاء بعنوان: قالوا عن الثورة (مقالات لمفكرين ومحللين ومثقفين عالميين عن ثورة يناير) يقدم حلاوة مقالات متعددة بدأها بمقال للعالم المصري الكبير أحمد زويل نشر في 2 نوفمبر بعنوان "التحول من الثورة إلى مصر الجديدة" موقع "هفنجتون بوست" أشهر موقع للتدوين في العالم. رسم فيه معالم الخروج لمصر من الأزمة، كما قدم قراءة وترجمه لمقالات توماس فريدمان أشهر الكتاب والمحللين في الولاياتالمتحدة وذلك من خلال ثلاث مقالات تعد من أهم التحليلات الأمريكية عن الثورة المصرية، سواء إبان الثورة أو بعد تنحي مبارك وانتصار الثوار. روبرت فيسك أيضا من بين الكتاب الذين قدم لهم في كتابه، خاصة مقاليه "خروج الطاغية. فرحة أمة"في 12 فبراير، "هل أحكم الجيش قبضته على مصر؟" في 14 فبراير، هذا إضافة إلى ايان بلاك "رئيس قسم الشرق الأوسط في الجارديان"، بليك هاونشيل الكاتب والمحلل الأميركي مدير تحرير بفورين بولسي، سامية نخول الصحفية ووالمحللة المتخصصة في شئون الشرق الأوسط في وكالة رويترز، جرين سبنسر كاتب الكوميديا الأميركي الشهير، بروس فيلر الروائي الأميركي الشهير "صاحب أعلى ثماني كتب مبيعا في تاريخ الولاياتالمتحدة"