"إنها مجرد منفضة" هو عنوان الكتاب الذي صدر مؤخرا للمؤلف سميح القاسم دار "رايه" للنشر، بحيفا - فلسطين المحتل - والذي يسجل فيه المؤلف سيرة حياته؛ باعتباره مناضلاً ورمزاً من رموز الثقافة الفلسطينية والعربية المعاصرة، وصاحب موقف وطني دفع ثمنه من سنوات عمره مضايقة واعتقالاً وسجناً وضنكاً في العيش من مغتصبي أرضه. وبحسب توفيق عابد بجريدة "الاتحاد" يقع الكتاب في 408 صفحات من القطع المتوسط، يتضمن محطات مختارة من مشوار شاعرنا العربي، ويركز على عام النكبة والجرح الذي لا يزال نازفاً ويطرح أسئلة الحياة والموت التي تزداد إلحاحاً بعد أن وصلت قوات الهاجناه قرية الرامة مسقط رأس الشاعر عام 1948. يروي الكتاب أنه بعد ثلاث سنوات على النكبة قدم أهل الرامة دليلاً جديداً على وحدتهم يوم فجروا "انتفاضة الزيت والزيتون"، وتصدوا لقوات الجيش والشرطة اليهودية التي دهمت القرية لمصادرة موسم الزيت والزيتون لمصلحة الدولة، ووقع الجرحى والمعتقلون من رجال الرامة وشبانها ونسائها واختلط الدم "المسيحي" بالدم "الدرزي"، وضمت الكلبشات زنداً مسيحياً على زند درزي وأطلقت عنقاء الرماد العربية صيحتها المدهشة المدوية: "نحن هنا!" وفي المدرسة الثانوية البلدية كانت مشاركة القاسم الأولى في "العمل الوطني" بتظاهرة مع زملائه؛ احتجاجاً على زجاج نوافذ المدرسة المكسور وظروف الخدمة الدراسية المتدنّية آنذاك، ويومها تعلم الدرس الأول في أسرار "السياسة" ومعاني النضال. ويوضح أن محاولات القاسم الشعرية كانت غزلاً في طالبة وهجاء لمعلم إلى أن قبض عليه الأستاذ سعيد بشناق "من أصول بوسنية" متلبساً بالغزل والهجاء فقال له: لديك موهبة ممتازة فلا تضيعها على هكذا مواضيع، واحترم "ملاحظته النقدية" وتذكر ملاحظة معلم الابتدائية الأستاذ الياس الحزوري: لا تذهب إلى القصيدة دعها تأتي إليك. ويبين الكتاب كيف استقبل سميح القاسم العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وما سبقه من محاولات حكومة بن جوريون لفرض التجنيد الإلزامي على المواطنين العرب ثم الاكتفاء بالمجموعات الصغيرة كالدروز والبدو والكاثوليك والشّركس وصدور قانون التجنيد الإجباري في العام نفسه على الشبان الدروز، وأدرك أن مؤامرة التفرقة الطائفية وسياسة “فرق تسد” تشهد تصعيداً خطيراً فكان قراره بالمواجهة، وبدأ فكرة تنظيم الشبان في حركة مضادة. وتمكن عام 1958 مع صدور مجموعته الشعرية الأولى “مواكب الشمس” من تأسيس منظمة الشبان الدروز الأحرار شبه السرية التي استمدت اسمها من وهج “الضباط الأحرار” في مصر والتألق القومي الناصري.