جاء استيلاء تنظيم "داعش" الإرهابي على مخبأ زعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن فى تورا بورا شرقي أفغانستان ورفع الاعلام الداعشية فى محيطه يوم الخميس الماضى ليرسم ملامح نهاية داعش المنحسر تمددها فى الشرق الاوسط ويدشنها كوريث للقاعدة فى عالم الإرهاب ،وفقا لما توقعه جهاز المخابرات الروسى فى تقرير صدر عنه مؤخرا. وحذر تقرير الاستخبارات الروسية من احتمالات نقل تنظيم داعش الإرهابي التكفيري لجانب من انشطته وعملياته ومناطق تمركزه الرئيسية الى أفغانستان وذلك فى أعقاب الضربات التى تلقاه التنظيم فى الشرق الأوسط. وجاءت تحذيرات الاستخبارات الروسية كمحصلة لنتائج سلسلة مباحثات اجراها وزير الخارجية الروسى مع نظيره الأفغانى فى السابع من فبراير الماضى تناولت التعاون فى مجال مكافحة الارهاب واستتبعتها على مدار الاشهر التالية لقاءات تباحث بين مسئولى الاستخبارات والأمن فى كلا البلدين . وتعمل روسيا على تعزيز تماسك الجبهة الداخلية للحكومة الوطنية فى أفغانستان لدعم صمودها امام أنشطة الارهاب المسلح وذلك من خلال حزمة من اتفاقيات التعاون الفنى والأمنى والتبادل المعلوماتى فى مجال مكافحة الارهاب ، فضلا عن اتفاقات اخرى لتدريب قوات الشرطة والجيش الافغانى والعاملين فى الاجهزة الأمنية الافغانية . من جانبها .. تسعى افغانستان الى لملمة اوضاعها الداخلية واعادة بناء الدولة الوطنية منذ العام 2001 بعد ان مزقتها صراعات المنظمات الارهابية المتأسلمة وفى مقدمتها حركة طالبان الارهابية التى تتخذ من قطر مقرا وحيدا فى العالم لمكتبها السياسى وذلك برغم انتشار القوات الامريكية للدفاع عن المصالح الغربية فى افغانستان باعتباره بلدا اسيويا مهما ، وتعمل الحكومة الافغانية على مواجهة هجمات مقاتلى طالبان وبقايا تنظيم القاعدة على أراضيها وهى الهجمات التى أخذت فى التصاعد على مدار الاعوام الماضية برغم الضربات الأمنية وبلغت ذروتها اواخر مايو الماضى فى تفجيرات لمواقع عسكرية وأسواق فى كابول نفذتها طالبان وحلفاؤها من القاعدة . وقد خلق هذا الوضع حالة من القلق لدى اجهزة الاستخبارات الروسية من احتمالية ان تنضم داعش برجالها وعتادها الى عناصر طالبان والقاعدة لتشكل بذلك مثلثا ارهابيا جديدا فى افغانستان ذات الطبيعة الطبوغرافية الوعرة ، ولم يكن هذا القلق الروسى وليد اللحظة بل يعود تاريخه الى العام 2014 عندما نقلت موسكو مخاوفها تلك الى الاستخبارات الافغانية بينما كانت داعش فى اوج قوتها ، لكن الاستخبارات الافغانية نفت انذاك رصدها لأية مؤشرات تدل على تحالف بين داعش والقاعدة وطالبان على الاراضى الافغانية . و استمرت قناعة الجانب الافغانى بهذا التصور الى مطلع العام 2015 عندما أبدى قادة "البنتاجون" مخاوف مماثلة للمخاوف الروسية ، ففى الثانى عشر من فبراير 2015 وأمام لجنة القوات المسلحة فى مجلس الشيوخ الامريكى قال الجنرال جون كومبيل قائد القوات الامريكية فى افغانستان انه لا يستبعد تحرك داعش على الساحة الافغانية كمتغير ارهابى جديد فى هذا الجزء من العالم وان يكون ذلك بمثابة النسخة المحدثة من تنظيم طالبان الارهابى ، وشدد على المشرعين فى بلاده اخذ هذا الرأى على محمل الجد كتهديد خطير محتمل وقوعه وتعزز من تلك الاحتمالية حالة التقارب العقيدى والعملياتى بين داعش وطالبان والقاعدة . وفى 17 مارس 2015 ، نقل نيكولاس هيسون مدير عمليات الأممالمتحدة فى افغانستان مخاوفه لمجلس الأمن الدولى حول سعى "داعش" لغرس " جذور قوية " فى افغانستان ، وفى 18 ابريل من العام نفسه حمل الرئيس الافغانى اشرف غانى "داعش" مسئولية تفجيرات ارهابية اودت بحياة 33 فردا فى شرق افغانستان مؤكدا بذلك الهواجس الخاصة بتسلل داعش الى افغانستان ومؤكدا أن " الجذور القوية " التى تمت الاشارة اليها امام مجلس الأمن أضحت غرسا حقيقيا يانعا ، ثم جاء استيلاء داعش على مخبأ اسامة بن لادن فى تورا بورا شرقى افغانستان ونشر الاعلام الداعشية السوداء فى محيطه ليدلل على ان التغلغل الداعشى فى افغانستان قد بات حقيقة واقعة كوريث لتنظيم القاعدة . وفى السادس من يوليو 2016 ، قرر الرئيس الامريكى السابق باراك اوباما استبقاء 8400 من افراد القوات المسلحة الامريكية المقاتلين فى افغانستان حتى نهاية العام 2016 على ان يتم خفض هذا العدد الى 5500 عسكرى امريكى بنهاية العام 2017 وذلك لاغراض حماية المصالح الامريكية هناك ومعاونة القوات الحكومية الافغانية على مكافحة الارهاب ، ولاتزال القيادة العسكرية والأمنية فى الولاياتالمتحدة تعتبر افغانستان نقطة تهديد للولايات المتحدة ، فمنذ انتهاء العمليات القتالية الرئيسية لقوات التحالف الدولى المناهض للارهاب فى افغانستان بقيادة الولاياتالمتحدة فى ديسمبر عام 2014 لقى 38 امريكيا مصرعهم فى حوادث ارهاب واستهداف متفرقة على الاراضى الافغانية . وفى الثامن من اكتوبر من العام 2016 ، شهدت افغانستان واقعة تبرهن على دخول داعش الى افغانستان عندما نشرت وكالة " أعماق " التابعة للتنظيم صورا لاسلحة وذخائر وبطاقات عسكرية أمريكية قالت الوكالة ان مقاتلى داعش قد غنموها فى اشتباك مسلح مع جنود أمريكيين بمنطقة ننانجنهار فى افغانستان ، لكن الناطق باسم وزارة الدفاع الامريكية قالت فى حينه انه لم يتسن الى الآن التحقق من الواقعة ومن صدقية الصور التى اوردها موقع "أعماق " . وتود الولاياتالمتحدة لمكافحة تحالفا يضم 41 دولة لمكافحة ارهاب القاعدة وطالبان فى افغانستان يصل مجموع قواتها الى ستة الاف مقاتل بخلاف القوات الامريكية ، اما عدد افراد القوات النظامية للجيش وقوى الأمن الافغانية فيصل الى 320 ألف فرد تعمل واشنطن وحلفاؤها على صقل قدراتهم على مواجهة الارهاب وتحقيق الأمن فى ربوع البلاد . ويصل عدد القوات الامريكية غير المقاتلة التى تم استبقائها فى افغانستان فى الوقت الراهن ما بين 1000 الى 3000 فرد من المدربين والمستشارين العسكريين وخبراء تخطيط العمليات الخاصة وذلك بعد ان سحبت الولاياتالمتحدة قواتها الرئيسية من افغانستان قبل عامين تقريبا عقب الاعلان عن انتهاء العمليات العسكرية الرئيسية ضد القاعدة هناك .