يعود تاريخ الأزبكية إلى أواخر القرن الرابع عشر، حيث أهداها السلطان قايتباى إلى قائد جيوشه سيف الدين بن ازبك والذي قام بتوصيل المياه اليها وعمل ممرًا إسمنتيًا ليتخذه الناس ممشى لهم وكانت تفيض مياه النيل سنويًا فتصل إلى البركة التي كانت تتوسط تلك المساحة الشاسعة، وفى عام 1495 أصبحت حيًا كبيرًا يتوسط القاهرة، وفى عهد العثمانيين عام 1517 تم تشييد قصر كبير على حافتها الشرقية وتم تسميته "العتبة الزرقاء" نظرًا لأن إحدى بواباته الأساسية كانت تتلون باللون الأزرق، واتخذ نابليون بونابرت في عام 1798 له دارًا في هذا المكان، حيث كان يتعلم فيه أصول الدين الإسلامي لرغبته في كسب ود المصريين، وظلت الأزبكية كما هي إلا إن تولى محمد علي مصر واتخذها قلبًا للعاصمة الجديدة، وحين صعد محمد علي إلى القلعة ظلت الأزبكية مسكن الطبقة العليا من الدولة، ويعتبر الخديوي إسماعيل المؤسس الحديث للأزبكية، حين قام بتسمية نصف الميدان باسم "العتبة الزرقاء" في عام 1867، ثم هدم قصر الأزبكية وبنى قصرًا جديدًا تم تسميته باسم "العتبة الخضراء"، ويعود بناء حديقة الأزبكية كحديقة إلى المهندس الفرنسي "باريل ديشان بك" في عام 1872، وتم بناء مسرحين بها، وتشجيرها بشكل كامل لتكون متنزهًا، ثم تم استخدام قصر العتبة الخضراء كمقر للمحكمة المختلطة، ثم تحول إلى دار القضاء العالي المعروف حاليًا في المنطقة التي يطلق عليها ميدان الإسعاف. وأقام الخديوي إسماعيل في طرف الأزبكية الجنوبي مسرحين هما المسرح الكوميدي الفرنسي الذي إنشئ في 2 نوفمبر 1867م وافتتح في 4 يناير 1868م تحت إدارة الخواجة منسي، ودار الأوبرا الخديوية، وبعد الانتهاء من تشجير الحديقة وتزيينها وإنارتها عين الخديو مسيو "باريليه" الفرنسي ناظرًا لها ولجميع المتنزهات الأخرى، وكانت تقام بالحديقة العديد من الاحتفالات الرسمية والشعبية الكبري للأجانب والمصريين، ففي يونيو 1887م تم الاحتفال بعيد الملكة فيكتوريا من قبل الجالية الإنجليزية في مصر، واحتفال الجالية الفرنسية بعيد 14 يوليو، أما الاحتفالات المصرية في الحديقة فكان أبرزها الاحتفال بعيد الجلوس السلطاني واحتفال الجمعيات الخيرية والمحافل الماسونية، وكانت الموسيقي العسكرية تعزف في الاحتفال الأول، إلي جانب إقامة السرادقات في احتفالات الجمعيات وحفلات المطربين، وأشهرهم الشيخ يوسف المنيلاوي وعبده الحامولي، ومحمد عثمان. أما في عهد وزارة "نوبار باشا"، فقد تم استخدام قصر العتبة الخضراء كمقر للمحكمة المختلطة، ثم تحول إلى دار القضاء العالي المعروف حاليا في المنطقة التي أطلق عليها ميدان الإسعاف. وفي منتصف القرن التاسع عشر تم إنشاء مستشفى أهلي بميدان الأزبكية، هذا إلى جانب أنه في منطقة الأزبكية كان مشيدا عدد من الفنادق منها "شبرد" و"الكونتيننتال" بالإضافة إلى "وندسور وإيدن بالاس". وبعد حريق القاهرة الذي حدث في 26 يناير عام 1952م، طرأت على ميدان الأزبكية تغيرات كثيرة فقد تم نقل مكاتب شركات الطيران التي كانت موجودة بفندق شبرد الذي تم تدميره تماما في الحريق إلى ميدان التحرير، وتم تقسيم ميدان الأزبكية نفسه بمساحته الهائلة إلى أربعة أماكن تضم حاليا مبنى البنك المركزي الجديد، ومحطة بنزين وجراج الجمهورية ومبنيين تابعين لوزارة الشئون الاجتماعية والتأمين الصحي، أما حديقة الأزبكية فقد قسمت هي الأخرى، وشيد على جزء منها سنترال الأوبرا، واخترقها شارع 26 يوليو فقسمها إلى قسمين