تباينت مواقف وزارة الداخلية الجزائرية والهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات بخصوص قضية المترشحات اللواتي أخفين وجوههن في الملصقات الانتخابية، وهو الأمر الذي أثار حفيظة وزارة الداخلية، واستهجان عدد كبير من الجزائريين، في حين اعتبرها رئيس هيئة مراقبة الانتخابات عادية. ويثير موضوع النساء المحجبات، اللواتي اخترن إخفاء وجوههن في الملصقات الانتخابية، الكثير من الجدل، علماً أن الملصقات تخص بعض المدن الداخلية، المعروفة نوعا بطابعها المحافظ، والذي يصطدم مع قانون منح حصة للمرأة في المجالس المنتخبة بنسبة 30 في المئة، ما يلزم الأحزاب بتقديم 30 في المئة من النساء في القوائم الانتخابية، غير أن الأمر ليس دائماً سهلاً، خاصة بالنسبة للأحزاب الصغيرة في المدن الداخلية، لكن الصور التي أخفيت فيها وجوه المترشحات، أثارت غضب وزير الداخلية نور الدين بدوي الذي طالب الأحزاب بتغييرها، لان الامر غير قانوني، وهدد بإلغاء القوائم التي تتضمن نساء من دون وجوه، وهو نفس ما ذهب اليه مسؤول الهيئة الولائية لمراقبة الانتخابات على مستوى ولاية برج بوعريريج ( 240 كيلومتراً شرق العاصمة)، والتي شهدت تكرار هذه الظاهرة في قوائم الكثير من الأحزاب، وأعطى مهلة 48 ساعة لمسؤولي الأحزاب والقوائم بتغيير الملصقات والكشف عن وجوه المترشحات اللواتي ظهر منهن الخمار فقط! وبعد مرور 48 ساعة لم تعلن السلطات عما جرى في هذه القضية، وما اذا كانت الأحزاب قد غيرت الملصقات أم لا، وما اذا كانت السلطات قد لجأت الى إلغاء القوائم المعنية أم لا، وما زاد في حالة الضبابية هو موقف رئيس الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات عبد الوهاب دربال الذي اعتبر أن الامر عادي، وبالتالي ناقض موقف وزير الداخلية، وحتى ممثل الهيئة على مستوى ولاية برج بوعريريج. وقالت المحامية فاطمة الزهراء بن براهم في تصريح ل"القدس العربي" إنه يمكن النظر الى موضوع النساء اللواتي أخفين وجوههن من زاويتين: الاولى هي أن المترشحات تحدين التعقيدات والعراقيل التي يضعها الزوج أو الأب أو الأخ والمجتمع بشكل عام أمامهن وقررن خوض المجال السياسي، وهذا شيء إيجابي، أما الزاوية الثانية فهي سلبية، لأن المترشحة التي لا تستطيع الكشف عن وجهها كيف يمكنها غداً اذا انتخبت أن تذهب الى البرلمان، وتدافع عن مصالح الشعب وتقف في وجه الحكومة، كيف للتي لم تتمكن من الكشف عن وجهها ان تحمل آمال وآلام الجزائريين. وأوضحت بن براهم أنه من الناحية القانونية أيضا الامر لا يجوز، لانه لا يمكن الانتخاب على شخص لا نعرف شكله، ونعرف منه الاسم فقط، موضحة أنه لا احد طلب من المترشحات خلع خمارهن، ولكن من الضروري ان تكون صورهن معروفة، حتى يعرف الناخب لمن سيمنح صوته، وهذا حقه القانوني والشرعي، واذا كان المشكل يتمثل في أن أزواج أو آباء أو أخوة المترشحات منعوهن من الكشف عن وجوههن فالانسحاب من هذه الانتخابات ضروري، حتى يأتي وقت وتستطيع المترشحات المعنيات بالموضوع التغلب على واقعهن وتغييره. جدير بالذكر أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قرر سنة 2011 توسيع مشاركة المرأة في العمل السياسي، ومنحها نسبة 30 في المئة من مقاعد المجالس المنتخبة في إطار ما يعرف ب «الكوتة»، وتم تكريس هذا الحق عند تعديل الدستور في فبراير/شباط 2016، ورغم تجربة أولى في برلمان 2012، الا أن مشاركة المرأة ما زالت تطرح إشكالاً في المجتمع الجزائري، والذي لم يستطع في مجموعه «هضم» هذه النسبة الممنوحة إلى النساء.