تبدأ غداً الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية في مصر بعد أن شهدت الجولة الأولي منها صعوداً كبيراً للإسلاميين متمثلين في حزبي الحرية والعدالة الذي أسسته جماعة الإخوان المسلمين والنور الذي أسسته الجماعة السلفية الذين استحوذا على نسبة 60% من المقاعد البرلمانية المقررة في المرحلة الأولي وفي هذا الإطار يهتم الإعلام الغربي كثيراً بتحليل المشهد السياسي المصري حيث قالت صحيفة "The National" أن الناخبين المصريين يتجهون للتصويت لصالح السلفيين من أجل أخلاقهم السياسية.
وأضافت الصحيفة أن المنطقة العربية بأسرها طالما كانت تُحكم من قبل حكام غير أمناء ويسعون لفعل أي شيء من أجل الاحتفاظ بمناصبهم حتى لو عاش مواطنيهم في فقر ونمو متدهور ولكن الآن يتطلع الناس إلى الإسلاميين كبدلاء لهذا وليس بالضرورة أنهم يريدون الدين في السياسة ولكنهم على الأقل يريدون قدراً من الأخلاق داخل السياسة.
وتوضح الصحيفة أن نتائج الانتخابات لم تكن لتأتي في صالح السلفيين كما حدث الآن لو كانت الانتخابات تمت في موعدها السابق في سبتمبر لأن التأجيل ساعدهم على تنظيم أنفسهم وتأسيس قاعدة شعبية داخل المجتمع، كما أنهم استفادوا كثيراً من صعود الإسلاميين في دولاً أخري مثل تونس والمغرب.
ولكن المعارضين للتوجه السلفي يرون أن الإسلاميين جيدون في الاتحاد ضد أمراً ما ولكنهم سيئون في الاتحاد من أجل تحقيق أمراً أخر، ويرون أن الإسلاميين سيسعون بقوة للسيطرة على الأزهر لفرض توجههم على المجتمع المصري، لأن في نظر السلفيين ليس الأمر كافياً أن يكون المصريين أحرارً ولكن مصر كدولة يجب أن تكون محررة من النفوذ الأجنبي عليها.
حيث قال المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية حازم أبو إسماعيل كما قالت الصحيفة "إننا كمصريين لسنا متخلفين لأننا متخلفين بالفطرة، ولكن لأن الغربيين والمتعاونين معهم يمنعونا من التقدم فنحن أمة من السجناء".
بينما أشارت صحيفة "Los Angeles Times" إلى تصريحات وزير السياحة المصري فخري عبد النور حول تعليقات الأحزاب الإسلامية بشأن السياحة وكيف سيتم التعامل مع سياحة الشواطئ التي تدر على مصر أموالاً طائلة وكان قد قال عبد النور أن السياحة المصرية تضررت كثيراً بسبب هذه التعليقات وقد أرسلت الكثير من الدول استفسارات حول الموقف وكيفية التعامل مع الوضع الجديد.
حيث أنه بينما تظهر جماعة الإخوان المسلمين موقف سياسي معتدل إلى حداً ما قال حزب النور السلفي بوضوح أن الخمور والشواطئ المختلطة سيتم منعها حيث يرون أن السياح لا يجب أن يسبحون وهم يرتدون المايوهات "البيكيني" ويؤذون الشباب المسلم.
ومن جانب أخر، قال "National Public Radio" أن العلمانيين المصريين يخشون التحول إلى الحكم الديني في مصر بسبب استحواذ الإسلاميين على الأغلبية في البرلمان الجديد، بينما يقول الناخبين أن العلمانيين وغيرهم من غير الإسلاميين الذين كانوا يقومون بانتخابهم في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك كانوا يظهرون فقط وقت الانتخابات وبعد الفوز لا يظهرون مطلقاً ويتجاهلون طلبات المواطنين.
في حين أن شبكة "CNN" الأمريكية تري على خلاف الجميع أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة هو الرابح الحقيقي من الانتخابات البرلمانية الحالية حيث قال الباحث السياسي خالد الجندي الذي كان مستشاراً للسلطة الفلسطينية خلال مفاوضاتها مع إسرائيل من عام 2004 إلى 2009 أن المجلس الأعلى كان صادقاً عندما قال أنه سيسلم السلطة لرئيس منتخب في يونيه 2012.
ولكنه سيكون الرابح الحقيقي من الانتخابات حيث أنه سيحصل على مصالح الاجتماعية حيث سيكون في نظر الشعب المصري هو الذي حمي الثورة وأدار المرحلة الانتقالية بنجاح ومصالحه السياسية حيث ستظل المؤسسة العسكرية كما هي ولن يمسها أحد بالرغم من أنها كانت جزء من نظام مبارك وكذلك مصالح الاقتصادية والتي تعتبر الأهم بالنسبة للقادة العسكريين حيث يمتلك الجيش اقتصاداً خفياً ويحصل على ثلث الدخل القومي للبلاد سنوياً دون مناقشة هذا في البرلمان.
ويوضح الجندي أن الحكام العسكريين أظهروا دهاءً غير عادي يصل إلى المكيافيلية من حيث القدرة على الحفاظ على المعارضة في حالة ضعيفة وممزقة وخصوصاً عندما يتعلق الأمر باستغلال عقوداً من الكراهية بين القوي الإسلامية والعلمانية في مصر.
ولكنه يري أن على الولاياتالمتحدة أن تضغط على المجلس العسكري للخروج نهائياً من العملية السياسية واحترام ما ينتج عن الانتخابات والعودة إلى المعسكرات بأسرع وقت ممكن.
بينما أشارت صحيفة "Financial Times" إلى تصريحات على أكبر ولايتي السياسي الإيراني والذي يعبر عن الرؤية السياسية الخارجية لقائد الثورة الإسلامية آية الله خامنئي والذي قال أمس الثلاثاء أن "تأسيس دولاً إسلامية في شمال أفريقيا أمراً لا رجعة فيه، حيث لن يكون هناك أي قانون مخالف للإسلام" مضيفاً أن "العالم العربي عليه أن يتبع المثال المصري".
وأضاف خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده للتحدث عن مجريات الأمور في العالم العربي أن "مصر لن تعود إلى العهد الذي أنتج معاهدة كامب ديفيد مع إسرائيل في عام 1978"، و"الدول الغربية لن تتمكن فرض سياساتها على المسلمين بعد الآن، ولن تصبر الدول الإسلامية على أوامر الغرب بعد الآن".
واهتمت صحيفة "The Globe and Mail" بشأن أخر ألا وهو التشابه المثير للجدل الذي تشترك فيه كلاً من مصر وإسرائيل الآن حيث أشارت الصحيفة إلى 5 أمور توجد بشكل تام في مصر وإسرائيل في نفس الوقت الآن وهم 1. أحياء سكنية تطلب من النساء أن تغطي كل أجسام جسمها عندما تسير في الطريق العام إلا وجهها ويديها، 2. مدن تخلي تماماً من أي صور للنساء في الإعلانات والمنشورات العامة، 3. جنود يعصون الأوامر إذا كانت تتضمن الاستماع إلى امرأة تغني، 4. صعود سياسي كبير لجماعات دينية من خلال الانتخابات بعد أن كانت بعيدة عن أي نشاط سياسي، 5. محلات يطلب منها أن تبرز شهادات تؤكد أنها ترتدي ملابس محتشمة إذا كانت تتعامل مع زبائن متدينين.
ومن جانبها تري صحيفة "Wall Street Journal" أن مستقبل الأقباط في مصر أضحي مهدداً بعد صعود الإسلاميين في الانتخابات بعد أن عاش الأقباط في حماية من خلال الدولة العلمانية في عهد الرئيس السابق حسني مبارك كما أنها تري أن الكنيسة أظهرت عدم ثقة في النفس في عدد كبير من ردود الفعل خاصة بعد أحداث ماسبيرو التي قُتل فيها الكثير من الأقباط، كما أن دور الكنيسة في الانتخابات اقتصر على تشجيع الأقباط على الذهاب إلى الانتخاب ولكنها لم تقم بتحميلهم في أتوبيسات إلى اللجان الانتخابية من أجل التصويت لحزب من الأحزاب كما تفعل جماعة الإخوان المسلمين.