عبر عدد من المثقفين والنشطاء الحقوقيين عن دهشتهم واستيائهم بعد إقدام الشرطة المصرية على تشميع مكتبات "الكرامة" التي أسسها الناشط الحقوقي البارز جمال عيد بعد حصوله على جائزة دولية بحقوق الإنسان، وتستهدف نشر الثقافة والقراءة لدى أطفال المناطق العشوائية. ودشن المعارضون للقرار هاشتاج جديد باسم "لا لغلق مكتبات الكرامة" مؤكدين أن إغلاق المكتبات التي كان الأطفال يعتبرونها ملاذا لهم لن يفيد المجتمع ولن يحمي "الأمن القومي" كما يتصور رجال الأمن، وأن المكتبات بطبيعتها لم تقم أنشطة حزبية ولا سياسية وكان دورها ثقافي فحسب، يتضمن توفير الكتاب وورش للكتابة والرسم والفنون، مؤكدين أن سياسة الإغلاق أصبحت تطال كل شيء هادف بالمجتمع، على خلفية قانون الجمعيات الأهلية المثير للجدل . وتداول الكتاب فيديوهات وصور لمكتبات الكرامة التي تم إغلاقها بطرة البلد وحي دار السلام والزقازيق وغيرها من المناطق. وذكروا أن التليفزيون المصري تحدث عن النجاح الذي حققته المكتبة كما تناول أنشطتها برنامج "عصير الكتب" من قبل وعدد كبير من الأقلام الصحفية، باعتبارها بادرة إيجابية لنشر الثقافة وبدا الناشط جمال عيد مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان حزينا على صحفته ب"فيس بوك" مؤكدا أن المكتبات كانت توفر فرصة لأطفال العشوائيات للمذاكرة والقراءة والرسم، وأن الدولة ضاقت حتى بهذا النشاط الذي كان يمنحه بعض التفاؤل، وقامت بتشميع المكتبات بدون إبداء أسباب . ولفت إلى أن إعلاميين مصريين أشاروا للتجربة ببرامجهم ومنهم خيري منصور ومنى الشاذلي ، وقد أطلقت حملة للتبرع للمكتبات ولاقت نجاحا كبيرا. وكانت أولى مكتبات المبادرة هي مكتبة 'خطوة‘ بمنطقة دار السلام ، والتي تم افتتاحها في 14 مايو عام2012. وتم اختيار المناطق المحرومة من المكتبات العامة الفاعلة والخدمات الثقافية ، وأشار النشطاء إلى أن تلك المكتبات تعد جزء من تعويض فشل المنظومة التعليمية التي يتلقاها أغلب الأطفال المصريين. ومع اقتراب عام 2012 من نهايته، كانت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان قد افتتحت الفرع الثاني من مكتبات الكرامة، وكان ذلك في مدينة الزقازيق، إضافة إلى ثلاثة فروع أخرى في طره وبولاق الدكرور والخانكة، تم افتتاحها في الفترة ما بين فبراير ويوليو2013. وكان طموح الشبكة العربية من إنشاء كل مكتبة من هذه المكتبات هو أن يمتد النطاق الجغرافي للمبادرة لأنحاء الجمهورية. منحت مؤسسة رولاند بيرجر في ألمانيا في نوفمبر2011 السيد جمال عيد، المؤسس والمدير التنفيذي للشبكة العربية، 'جائزة رولاند بيرجر للكرامة الإنسانية‘ لنشاطه في مجال حقوق الإنسان. وقد قام هو بتخصيص قيمة الجائزة لتغطية تكاليف التأسيس الخاصة بالمبادرة من إيجار ومرافق ورواتب. العدد المحدود من الموظفين بالمكتبات التي أنشأتها المبادرة يعملون بأجر، لكن المبادرة تلتمس المساعدة من متطوعين من المجتمع المحلي من أجل تنظيم ورش عمل ومحاضرات لرواد المكتبة. أما فيما يتعلق بالكتب والأدوات المكتبية، فإن المكتبات تعتمد على التبرعات العينية، وهي تطلب من الأفراد الذين يرغبون في تقديم تبرعات نقدية أن يقوموا بمد المكتبات بالكتب بدلاً من النقود. ومن أجل تحسين خدماتها لرواد المكتبة، قامت المبادرة بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني، مثل باشكاتب، ووزارة الشباب والرياضة لتوسيع أنشطتها. في السابق، كانت المبادرة قد ارتأت تقديم دعمها إلى مكتبة البحر الأعظم من خلال تجديدها، مع تصور لتحويلها إلى مركز ثقافي على غرار ساقية الصاوي المعروفة (التي تأسست في2003 كمركز ثقافي في الزمالك)، لكنها لم تتلق رداً من وزارة الثقافة. في ضوء هذه التجربة والسياسات الثقافية القائمة منذ أمد بعيد (أو انعدام وجودها من الأصل) فإن المبادرة لا تتوقع ولا ترغب في الحصول على دعم جوهري من وزارة الثقافة أو الهيئات الحكومية الأخرى، فهي ترى أن مثل هذا الدعم سيأتي على حساب استقلالها وفعاليتها. وتعتمد "مكتبات الكرامة" على المشاركة الشعبية والتبرع بالكتب القديمة والحديثة، من قبل جميع أفراد المجتمع، حيث تقول الشبكة العربية لحقوق الإنسان في تعريفها لمكتبات "الكرامة"، "يمكنك أن تهدي كتبا للمكتبة، وأن تبلغ أصدقاءك بأن يتبرعوا بالكتب الزائدة لديهم أو أدوات رسم أو كراسات وأدوات مكتبية، أيضا إذا كان لديك وقت فراغ وترغب في أن تفيد به جمهور المكتبة، ومن الأمثلة على ذلك: تعليم لغة إنجليزية، تعليم رسم، تعليم موسيقى، تعليم تمثيل، وأن تنشر فكرة المكتبة لدى معارفك". ومن بين المعلقين بالرفض على القرار : الروائية أميمة عز الدين، المفكر د. كمال حبيب، الصحفي حسام السكري، الناشط أحمد جمال زيادة، الشاعر عمر حاذق، الناشطة منى سيف، الكاتبة إكرام يوسف، الناشط شادي الغزالي حرب، الكاتب الصحفي وائل جمال وغيرهم