قبيل خلعه من موقعه بساعات، أصدر دكتور علي السلمي نائب رئيس الوزراء لشئون التنظيمات السياسية قراراً بتعيين السيدة أمل فوزي -الصحفية بمجلة نصف الدنيا النسائية التي تصدر عن مؤسسة الأهرام- رئيسا لتحريرها. إلي هنا الخبر يبدو عاديا، وكان من الممكن أن يمر بسهولة تماما كما مر من قبل تعيين طارق حسن رئيسا لتحرير الأهرام المسائي ، وتعيين عبد الله كمال رئيسا لتحرير روزا اليوسف، وتعيين مجدي الدقاق رئيسا لتحرير مجلة أكتوبر ...إلخ.
وإن كُنا هنا لابد أن نسجل أن السيدة أمل فوزي، لا يمكن مقارنتها بالفلول السابق ذكرها، فهي تتميز عنهم بالنزاهة والمبدأ، ومشهود لها بالمهنية والاحترام، وهي تستحق المنصب عن جدارة، بيد أن حظها غير الطيب أن تعيينها جرى في عصر ثوري يتسم بالنزاهة والنظافة والعدالة.
والمذكورة يقف أمامها طابور من الزملاء والزميلات لا يقلون عنها كفاءة، ويسبقونها في الخبرة وسنوات العمر، وهذا الطابور يرى أن السيدة أمل فوزي أخذت حقا يستحقه شخص آخر منهم، تم اختياره بالانتخاب.
بيد أن السبب الأهم في تعيين أمل، وهو السبب الذي استفز غالبية أبناء المهنة، وجعل أمل فوزي تفقد أي تعاطف من أي نوع ليس لكون أنها محررة عسكرية فحسب، وإنما لأنها زوجة رئيس تحرير الوفد السابق أسامة هيكل، والذي أصبح وزيرا سابقا للأعلام!
لقد عينها بموقعها قبيل أن يترك الوزارة بساعات أيضا، ولأجل ذلك خرج زملاء لنا في مجلة نصف الدنيا وفي الأهرام محتجين وأصدروا أكثر من بيان يعترضون فيه على التعيين، حيث هددوا أمس بتنظيم اعتصام وإضراب عن العمل ما لم تعيد السلطة نظرها بالقرار.
واتهموا المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالوقوف خلف تعيين أمل فوزي مجاملة لزوجها الوزير الذي تم خلعه من منصبه بعد تعيينه بثلاثة شهور.
ونحن في شبكة الإعلام العربية "محيط" إذ نؤمن بحق المواهب والكفاءات في تبوأ المناصب التي تتناسب مع تفوق وموهبة كل صحفي أو صحفية، ونرى أن مهنة الصحافة مهنة إبداع لا تعترف بالأقدمية، أو الدرجة الوظيفية بالنسبة لأمور القيادة فيها نشير إلى أن الاختيار يتوجب أن يتم وفق آلية تحدد المستحق للموقع، حتى لا يخرج من يحتج ويرى أنه ظلم.
وهذا لا يجعلنا نتغاضى عن سلوك زملاء بمؤسسات صحفية هي ملك للشعب، يتصورونها عِزَبًا ورثوها عن أهلهم، وكلما رأى صانع القرار أمرا يتعلق بهيكلتها يخرجون محتجين رافضين لتلك الهيكلة، أو لهذا القرار ساعين لإجهاضه.
على الزملاء والزميلات بالمؤسسات الصحفية القومية أن يعلموا أنهم مستخدمون من قبل الشعب، ويعملون بمؤسسات يمتلكها كل المصريين، وليس من حقهم الاعتراض على أي قرار يصدر لصالح مصري أو لصالح تنظيم تلك المؤسسات، أو لصالح الدولة ككل.
وأتصور أن ما يجري يتم في إطار فوضى شاملة متعمدة باتت تعصف بكل مؤسسات الوطن، ولا نعرف من يثيرون تلك الفوضى ويتركونها، وإلى أي مدى يريدون أن يصلوا بوطننا.
لقد أخطأ الزميل أسامة هيكل، وأخطأت زميلتنا أمل فوزي، وكان يتعين عليها، أن ترفض هذا القرار؛ احتراما لتاريخها المهني وتقديرا لزوجها الوزير السابق ولسمعته، فالأمر ليس انتهازية، أو ليس اقتناص فرص، وليس مجاملة، لاسيما أن مصر تمر بثورة وحراك غير مسبوق.
لا يمكن أن يسمح من خلال هذا الحراك، لهذا الاختيار أن يجري بهذا الشكل.
لقد علمت أن اللواء إسماعيل عتمان مسئول الشئون المعنوية يقف وراء تلك القرارات، التي جاءت مجاملة لأشخاص عبر توليهم مناصب بالدولة وصلت للوزارة ذاتها، وهو نفسه الذي رفض تنفيذ قرارات بعودة صحيفة معارضة كبري للصدور مرة أخرى!
لم ينظر إلى إنصاف عشرات المشردين من أبناء هذه الجريدة، ووصف مشكلتهم بأنها شخصية، في حين ضبط الآن متلبسا بارتكاب مجاملات تسيء للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وتسيء لثورة 25 يناير المجيدة.