قال جون كيري في مؤتمر صحفي مع نظيره السعودي عادل الجبير في مدينة جدة السعودية يوم الخميس 25 أغسطس إن الصراع الذي شنت خلاله المملكة آلاف الغارات الجوية لصالح الحكومة اليمنية استمر أكثر مما ينبغي وآن له أن ينتهي. وقدم كيري خلال المؤتمر عرضَا قال إنها مبادرة لإنهاء الصراع في اليمن، وهي نهج جديد للمفاوضات مع مسارين سياسي وأمني يعملان بالتزامن من أجل توفير تسوية شاملة. "الاتفاق النهائي... سيشمل في المرحلة الأولى تشكيلا سريعا لحكومة وحدة وطنية وسحب القوات من (العاصمة) صنعاء ومناطق أخرى ونقل جميع الأسلحة الثقيلة ومنها الصواريخ البالسيتية من الحوثيين والقوات المتحالفة معها إلى أطراف ثالثة". ووفق محللين سياسيين فإن خطة جون كيري، الجديدة قوبلت بتذمر من قبل الحكومة الشرعية التي اجتمعت في اليوم التالي من إعلان المبادرة، وأعلنت أنها ستتعامل معها بإيجابية ووضعت شرط مرجعيات القرار الأممي 2216، والمبادرة الخليجية، والحوار الوطني الشامل الذي عقد في صنعاء. ونفس الحال أعلن المجلس السياسي الأعلى الذي يحكم صنعاء، عن أنه سيتعامل إيجابيًا مع المبادرة شريطة أن يتم رفع الحصار الجوي والبري والبحري على اليمن، ووقف الحرب التي تشنها السعودية على اليمن. وفشلت المباحثات اليمنية اليمنية في الكويت، بعد ثلاثة أشهر من العمل الشاق الذي كان يتوسط فيها المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ، الذي تبنى المبادرة السعودية، المتمثلة في تجزئة الحل في اليمن، يبدأ فيه الحوثيين بتسليم السلاح، والانسحاب من المناطق التي يحتلونها، ثم يليها حل سياسي، ورفض الحوثين ذلك المطالبين بحل شامل يبدأ بها تكوين حكومة وحدة وطنية ينتقل إليها كافة صلاحيات رئيس الجمهورية. ومبادرة جون كيري، تجاهلت الحكومة الشرعية، وأسمتها طرف أزمة، وأكد على ذلك عندنا قال يتم تسليم الأسلحة إلى طرف ثالث، وهو ما يبدو أيضا إهمالا لمطالب الحكومة. وقال كيري "هذا لن يترك شيئا للتكهن في المستقبل. هذا به وضوح بشأن كيفية بناء الثقة وما ستبدو عليه النهاية وكيف يمكن للأطراف أن يصلوا إلى ذلك. لماذا المبادرة؟ تلك المبادرة لم تكن من أجل وقف نزيف الدم اليمني، كما روجها جون كيري، وإنما هناك مصالح أمريكية بدأت تتضرر، فضلا عن تنصل واضح من اتفاقية الدفاع الأمني عن المملكة العربية السعودية، التي طالبت بقوات برية لحماية حدودها، وقابل الجانب الأمريكي هذا الطلب بالرفض ومن ثم المبادرة، وفقًا لمصادر دبلوماسية. ويبدو أن المبادرة الأمريكية الأخيرة لحل الأزمة اليمنية، إقرار بفشل الحل العسكري في اليمن بعد أن منحت الولاياتالمتحدةالأمريكية قوات التحالف بقيادة السعودية مهلتين لاقتحام صنعاء، كانت الأولى عقب انهيار مباحثات السلام اليمنية في الكويت، والثانية قبل وصول جون كيري إلى الرياض في 24 من شهر اغسطس الجاري، ولم تستطع التقدم قوات التحالف وحلفاؤها جبهات نهم شرقي صنعاء، وهو ما دفعهم إلى تقديم هذه المبادرة التي من الواضح أنها لن تحظى بموافقة الطرفين، فقد رحبوا بها على استحياء ووضع الطرفان الشروط. ويتوقع محللون سياسيون الفشل في الوصول إلى طاولة المفاوضات، لأن هذه المقترحات لم تجد حتى الاهتمام الإعلامي كما حدث مع مبادرة الرياض التي تبناها المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ في محادثات الكويت. عقبات العقبة الأولى: حقيقة تواجه هذه المبادرة ، عقبات كبيرة، في الوصول إلى صيغة نهائية وبلورتها إلى حل سلمي، نتيجة الواقع الجديد في صنعاء بعد تشكيل الحوثيين والمؤتمر الشعبي العام وحلفاؤهم "مجلساً سياسياً أعلى" لإدارة شؤون البلاد ودعوتهم البرلمان للتصديق عليه وحشد المظاهرات الضخمة لإضفاء الشرعية الشعبية عليه - ينبغي أخذه بعين الاعتبار. وحديث الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، إن البرلمان اليمني أسقط المبادرة الخليجية والقرار الأممي 2216، وأن لا وجود لشرعية الرئيس اليميني المعترف به دوليًا، ويطالبون بالحوار المباشر مع الرياض، ويعتبرون الحوار مع الحكومة اليمنية "مضيعة للوقت" ودون فائدة، لكون قرار الحسم ليس بيدهم وإنما بيد المملكة العربية السعودية. العقبة الثانية: وهو أنه إذا كان الحوثيون يرفضون تسليم سلاح الدولة الذي وضعوا أيديهم عليه، وذلك حتى لا يكون كما يقولون "بين يدي غريمهم" خلال عملية التسوية ويشترطون قبل ذلك الدخول في سلطة توافقية هي التي تشرف على تسليم السلاح وغيره من الترتيبات الأمنية فإن هذا يعني من وجهة نظر مقابلة أنهم يريدون "الاستقواء بهذا السلاح" لفرض شروطهم على شكل وطبيعة الحكومة التوافقية أو حكومة الوحدة الوطنية وهو ما قد ترفضه حكومة هادي وحلفاؤها. العقبة الثالثة: هو ما تحدثت به الحكومة الشرعية، أنها مستعدة للتعامل الإيجابي مع مبادرة جون كيري، وفقًا للمرجعيات القرار الأممي 2216 والمبادرة الخليجية والحوار الوطني الشامل في اليمن، بمعنى أنها متمسكة بانسحاب الحوثيين أولًا، وتسليم أسلحتهم، ومن ثم إطلاق العملية السياسية، وهو نفس السبب الذي أفشل محادثات الكويت بين الأطراف اليمنية. والعقبة الأكبر، يشترط طرف صنعاء للعودة إلى مباحثات السلام اليمنية وقف كامل ودائم لإطلاق النار ورفع للحصار الشامل المفروض على البلاد براً وبحراً وجواً لأن ما دون ذلك يعني في نظر الحوثيين وحلفائهم "استسلاماً لا يمكن القبول به".