ركاكة الخطاب الديني من أسباب انتشار العنف اللفظي العنف عند الارستقراطيين مختلف تمامًا عن الطبقات الشعبية مجتمعنا اعتبر علم النفس خاص بالمجانين.. ولا يفكر بشكل إيجابي قال الدكتور فتحي الشرقاوي رئيس قسم علم النفس بكلية الآداب جامعة عين شمس، إن العنف اللفظي وانحطاط لغة الحوار في المجتمع المصري، ناتج عن المسلسلات الرمضانية لهذا العام. وأعتبر أن العنف فيروسًا ينتقل من جيل إلى آخر، مشيرًا إلى أن كل شخص يتم ممارسة العنف والعدوان عليه يتخذ من الآخرين كبش فداء لتفريغ طاقته السلبية.. عن العنف اللفظي ومسلسلات هذا العام.. ومواضيع أخرى كثيرة، كان لنا في شبكة الإعلام العربية "محيط" هذا الحوار.. كيف يفسر علم النفس "العنف"؟ ينقسم العنف إلى ثلاثة أقسام: لفظي، معنوي، وبدني.. العنف البدني كالركل والضرب، بينما العنف المعنوي كالاحتقار والنقد والسخرية، أما العنف اللفظي كالسب والشتم والتعليقات القبيحة. وتصدر تلك التصرفات العدوانية من شخصية تمارس الانفعال ضد الآخرين، وغالبا ما تغلب عليه لغة الإجبار والترويع باللفظ . مع مندوبة محيط ما أنوع العنف اللفظي؟ يتباين العنف اللفظي بين مستتر مثل الصوت العالي أو الانفعال في الحديث دون ألفاظ خارجة، و آخر صريح عن طريق السب والشتم، ولكن للأسف القانون يعاقب الثاني دون الأول . في رأيك لماذا انتشر العنف اللفظي في مجتمعنا المصري؟ يرجع انتشار العنف اللفظي لعدة أسباب، أولها أساليب تنشئة الوالدين لأبنائهما، "كل إناء ينضح بما فيه" وهذا يتأتى عن طريق النمذجة داخل البيت، أي أن الطفل يتعلم ويتأثر بتصرفات والديه. إضافة إلى الميديا التي أفسدت المجتمع منذ عشرين عامًا وحتى الآن، أقصد بالميديا الأفلام والمسلسلات الرمضانية والبرامج الحوارية "التوك شو". ومنذ عشرين عامًا أصبحنا نستمع في حواراتنا العادية ألفاظ سيئة للغاية، أبسطها كلمات بذيئة كانت عليها رقابة في الأفلام القديمة، و هذا أثر كثيرًا على المجتمع خاصة الفئة من سن الثامنة حتى التاسعة عشر عامًا؛ لاعتبارهم أن هذه المفردات أساسية وجزء من قاموسهم الشخصي، وأجريت مؤخرًا دراسة عن الشخصيات الأكثر تأثيرًا في هذه الفئة، وهي" حبيشة وعبده موتة" خاصة في الأحياء الشعبية . لماذا لم يحتوي الخطاب الديني العنف حتى الآن؟ ضعف وتردي وركاكة الخطاب الديني هي السبب، ففي الفترة الحالية أصبح الشيوخ وخطباء الدين يضعون كل تركيزهم على السياسة والكرسي وتركوا الفضائل والقيم الأخلاقية، وهذا أدى إلى ضعف الوازع الديني لدى الشباب، علاوة على ضعف القواعد الأمنية الرقابية في الشارع المصري، فنحن أكبر دولة بها كمية من التشريعات والقوانين ولكن بلا تنفيذ حقيقي كما ينبغي أن تكون، ولو كان هناك تنفيذ حقيقي تغدو العدالة غير ناجزة وهذا الوضع مستمر منذ عشرات السنين . هل ترى أن العنف اللفظي اخترق الطبقة الوسطي؟ لا توجد دراسات تؤكد هذه الفكرة، لكن رؤية العين في الشارع المصري خاصة في الطبقة المتوسطة والأقل منها، لاسيما الأحياء الشعبية، وهذه الأماكن "حدث ولا حرج" فهي من أكثر الأماكن التي يُمارس فيها العنف بأنواعه الثلاثة" . ما مدى تأثير العنف اللفظي على الفرد؟ هذا يعتمد على طبيعة الشخص المعنف، فعلى سبيل المثال لو أحضرنا شخص متبلد ووصفناه ب "الحمار" فلن يتأثر أو يعبأ للقول كثيرًا، ولكن في المقابل لو وصفنا شخص حساس بذات الكلمة، نجده مثل ورقة الكربون حيث تطبع الكلمة على نفسيته و تؤثر فيه بشدة، ويمكن أن يصاب بالأرق . كيف ترى تأثير الوالدين والأسرة على احتواء العنف في الشارع المصري؟ كل الدراسات التي أُجريت، توضح أن الأطفال الذين شاهدوا مشاهد العنف اللفظي أو المعنوي، يمارسون نفس العنف على أصدقائهم في المدرسة، وأيضًا على أطفالهم و أزواجهم عندما يكبرون.. فبهذه الطريقة قد يتسبب الأب والأم في غرس بذرة العنف في أطفالهم . كيف يمكن أن يختلف العنف بين الطبقات الاجتماعية؟ العنف عند الارستقراطيين بالطبع مختلف تمامًا عن العنف في الطبقات الشعبية، فمن المألوف أن نجد امرأة تصرخ وتسب وتتصرف بشكل سيء في الأحياء الشعبية، ولكن السيدة من الطبقة الارستقراطية لا يمكن أن تفعل هذا، وذلك يرجع إلى طبيعة البيئة التي نشأت فيها كل منهن، فالأولى اعتادت على ذلك السلوك وتعرضت له مرارًا وتكرارًا، على عكس الثانية فهي اعتادت الأكل بالشوكة والسكين وتطبيق قواعد "الاتيكيت" في التعامل مع الآخرين . لدينا الكثير من الاخصائيين النفسيين في مدارسنا، ولكن ليس لديهم دور فعال للحد من ظاهرة العنف.. فما تفسيرك؟ ليس لديهم دور لأننا مجتمع اعتبر علم النفس هو علم دراسة المجانين، وهذا ناتج من الصورة التي تصدرها الأفلام، حيث تُظهر الطبيب النفسي مجنون، ولكن في حقيقة الأمر أن علم النفس المرضي يُعتبر فرع واحد من ستة وثمانين فرع . ما هي نصائحك لمواجهة هذه الظاهرة؟ نحن مجتمع لا يفكر بشكل إيجابي مُنظم، فالشاب والفتاة يُقبلان على الزواج دون أن يضعوا في الحسبان هل هم بالفعل قادرين على تكوين أسرة سوية تُساهم في المجتمع أم لا، فالأم تُعلم ابنتها كيف تطهو وتقوم بلوازم البيت، ولكنها لا تُعلمها كيف تتعامل مع زوجها وكيف تربي نشء سوي، يفيد المجتمع، فمن الضروري أن يعي الشباب أهمية ما هم يُقبلون عليه، وحجم مسئوليتهم في بناء المجتمع .