في الوقت الذي تُعتبر فيه منظمات المجتمع المدني أحد الأبواق المنادية والمدافعة عن حرية الرأي والديموقراطية أصبحت محل شك وإتهامات عديدة بالتمويل الخارجي من قبل البعض، بعد أن طالتها ساحات المحاكم والدعوات القضائية في الفترة الماضية. وكان من مهام المنظمات الحقوقية الدفاع عن الناشطين والحقوقين الذين تتوالي قضاياهم من فترة لأخري، بتهمة إثارة الرأي العام، ونجحت بالفعل في الضغط لمناصرة بعضهم نذكرهم في التقرير التالي: حسام بهجت اتهمت النيابة العسكرية الناشط الحقوقي والصحفي حُسام بهجت بتكدير السلم العام من خلال إذاعة أخبار وبيانات كاذبة، وفقًا للمادة 102 مكرر من قانون العقوبات، ونشر معلومات وبيانات تضر بالسلم العام والمصلحة الوطنية، طبقًا للمادة 188 من قانون العقوبات. وبدأت الأحداث مع نشر بهجت لتقرير على أحد المواقع الإخبارية عن قضية إدانة 26 من ضباط القوات المسلحة في تدبير انقلاب على النظام الحالي بمعاونة اثنين من القيادات البارزة بجماعة الإخوان المسلمين، كما أجري مقابلات مع أقارب المتهمين من الدرجتين الأولى والثانية، والتي كشفت المزيد من التفاصيل حول خلفية القضية والمعاملة التي تلقاها المتهمون بعد القبض عليهم، وأثناء محاكمتهم وفي أعقاب صدور الحكم بإدانتهم. واعتبرت المؤسسة العسكرية أن هذا التقرير يمس بها ووصفته بأنه غير صحيح، وقررت النيابة على أثره حبس الصحفي المذكور، مما أثار حملة تضامن واسعة من الصحفيين والحقوقيين ومنظمات المجتمع المدني داخليا وخارجيا. وطالبت وقتها 13 منظمة حقوقية في بيان مشترك بالإفراج الفوري عن بهجت، معللة ذلك بأنه لا يجوز الحبس الاحتياطي في جرائم النشر الصحفي واعتبرته شكل من أشكال الترهيب، ووصفت حبس بهجت بالضربة الجديدة لحرية التعبير في مصر على حد تعبير البيان، إلي أن تم الافراج عن بهجت بعد أن نجحت كل الضغوط المجتمعية وحملة التضامن الموسعة من قبل الحقوقيين والمهتمين بالأمر. بهجت وعيد والسبت الماضي تجددت التطورات من جديد، حينما بدأت محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار محمد الشوربجي، نظر طلب قاضي تحقيق قضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني بمنع المحامي جمال عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، وزوجته وابنته القاصر، والناشط الحقوقي حسام بهجت مؤسس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، من التصرف في أموالهم. جمال عيد وكانت هيئة التحقيق القضائية، برئاسة المستشارين هشام عبد المجيد وأحمد عبدالتواب وخالد الغمري، أصدرت قرارات بمنع الاثنين من السفر في وقت سابق هذا العام، وتبين من الطلب المعروض على المحكمة، أنه لا يتضمن أي أسماء نشطاء حقوقيين آخرين. كما تبين أن هذه الجلسة هي الثانية لنظر الطلب، وأن الأولى عقدت يوم 18 فبراير الماضي، دون أن يحضر أيا من المدعي عليهم، وتم التأجيل وتغريم مُحضَر المحكمة لعدم إعلانه المتهمين، ونفى كل من عيد وبهجت أن يكون قد تم إعلانهما رسميا بموعد الجلسة أو مكانها. المنظمات الحقوقة وسبق أن أصدرت هيئة التحقيق قرارات بمنع عدد من النشطاء الآخرين من السفر، أبرزهم إسراء عبد الفتاح وحسام علي وأحمد غنيم، وطعنوا أمام القضاء الإداري ومحكمة جنايات القاهرة، وتم تأييد قرار منعهم من السفر على ذمة القضية ذاتها. ولا تقتصر التحقيقات على مسألة تلقي تمويل أجنبي فقط، بل تمتد أيضا إلى التحقيق في مدى قانونية إنشاء بعض منظمات ومراكز المجتمع المدني، دون الحصول على ترخيص، والتحقيق في شبهات تهرب 25 منظمة من أداء الضرائب المستحقة، وقد طالت الاتهامات نشطاء بالمجتمع المدنى بتمويلات بالملايين من قِبَل مؤسسات وجهات خارجية. وأثارت هذه الاتهامات البعض من النشطاء والحقوقيين معتبرين هذه الخطوة بداية جديدة لتكميم حرية الرأي والتعبير. الحرية للجدعان وفي وقت سابق دشنت حركة "الحرية للجدعان" وعدد من منظمات المجتمع المدني فعالية "اعتقونا" للتضامن مع المعتقلين وسجناء الرأي على حد وصفهم من ضمنهم عضو لجنة الحريات بنقابة الأطباء، الدكتور طاهر مختار، وطالب كلية الهندسة، حسام الدين، وطالب كلية الحقوق، أحمد حسن، الذين تم القبض عليهم يوم 14 يناير الماضي، واتهامهم ب"الانتماء إلى ثورة 25 يناير"، وأقرت الجلسة التي كانت صباح اليوم، 31 يناير، بتجديد حبسهم لمدة 15 يوما على ذمة التحقيقات، بتهمة حيازة منشورات تدعوا لقلب نظام الحكم. كما تضامنت الحركة مع الصحفيين إسماعيل الإسكندراني وهشام جعفر بتمهة الانضمام لجماعة إرهابية، والترويج لأفكارها ونشر أخبار كاذبة وتلقي رشوة دولية.