قال الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، إننا بحاجة إلى قراءة رفاعة رافع الطهطاوي، ذلك الشيخ الذى ذهب إلى فرنسا ورأى التقدم وأراد أن يستفاد منه لمعالجة وطنه المتخلف حينها، مضيفا أن الجامعة ظلت ممتازة حتى حصلت لها ضربتان أولهما دخول السياسة فى العمل الجامعي، والآخر مجانية التعليم مما جعل أعداد الطلبة بشكل كبير فوق الحد والتعليم نقيضه الاستبداد السياسى والتسلط الديني، فجامعة القاهرة كانت فى يوم من الأيام أعظم من جامعة هارفرد الأمريكية. وأضاف عصفور خلال ندوة اللقاء الفكرى التى عقدت أمس الثلاثاء : أؤمن بما آمن به أساتذتى العظام من فكر ووعي، فإنى أؤمن بخمسة مبادئ؛ العقل والحرية والإنسانية ولهذا أتصور أى شر يصيب أى انسان هو إصابة شخصية لى ولذلك أنحاز لقضايا الفقراء، أما المبدأ الرابع فهو العدل بأنواعه المختلفة ونحن للأسف لم نعرف حتى الآن العدل الاجتماعى، والمبدأ الأخير فهو أنى دائماً أؤمن أن الذى سيأتى أفضل من الذى مضى. واستطرد : عندما كنت وزيرا لم أختلف كثيرا عما كنت عليه وأنا أستاذ جامعي، والذى أؤمن به لم يتغير وهذا الأمر جعلنى أدخل فى صدامات عديدة، والثقافة المصرية تشهد توهجاً وما يحدث للمثقفين فهو صحوة ثقافية، ويؤكد ذلك ان السلفيين المنغلقين يرون أن الفكر فى طريقه للتغيير ولذلك يعارضوه وينكلون بالمبدعين والمفكرين، وأعتقد أن ما نعيشه الآن هو نهاية الفكر التعنتى وبداية الفكر الاستنارى، كما أعتقد أن الأمة المصرية سوف تنتفض عن نفسها قوى الظلام وتتحرك للأمام. وتابع "عصفور" إننى مقتنع أن هناك خصوصية للإسلام فى مصر منذ جاء الشافعى لمصر، غير ثلاثين مسألة فى فقهه مما يؤكد أنه وجد فى مصر مناخاً مختلفاً، وعدد كبير من مشايخ الأزهر من محمد شلتوت وحسن العطار ومحمد عبده والطهطاوى ومحمود زقزوق الذين قالوا لا يوجد زى خاص فى الإسلام والمعول عليه فيما يتصل بالمرأة هو أخلاقها الحسنة وعفتها وليس مجرد قطعة قماش تعد من النوافل، مشيرا إلى أن الحجاب ليس فرض ومجرد الاختلاف حوله يؤكد على ذلك، فالفريضة هو الأمر الدينى الثابت الذى لا يقبل للنقاش مثل الصلاة والصوم، أما الحجاب فحوله الكثير من الجدل والآراء فهو ليس فريضة بأى حال من الأحوال ، كما أن الحجاب لم ينتشر فى مصر إلا فى وقت معين بعد مجىء السادات وتحالفه مع ما يسمى بالإسلام السياسي، فبدء ارتداء الحجاب كان كإشارة على فكر سياسى يتمسح بالدين الإسلام، فلافتا إلى أنه عندما كان فى الجامعة خلال الستينيات لم يجد أستاذة أو طالبة واحدة ترتدى الحجاب، مضيفا لا اعترض على الحجاب ولا اعترض على المرأة أن ترتدى الحجاب أو لا ترتدى أما انا ضد قول أن الحجاب فريضة، ومن يقولون أن الحجاب فريضة هذا بعيد عن الإسلام. وقال: نحن الآن فى مرحلة انتقال من مشروع دولة مستبدة إلى دولة ديمقراطية، وفى مرحلة تأسيس العدالة والحرية والديمقراطية، فنحن نذهب على حسب ما يقال إلى دولة ديمقراطية وتلك أحلام السيسى رئيس الجمهورية وليس الواقع. وأشار جابر عصفور إلى أن القضاة الذين يحكمون بالسجن على المفكرين يخالفون الدستور الذى ينص على أنه لا عقوبة سالبة للحريات ومع ذلك فنصوصه لم تتحول إلى قوانين بعد، وما زالت جيوب الإخوان متواجدة، وذلك من طبيعة المرحلة الانتقالية. ونبه "عصفور" أن قصور الثقافة هى خط الدفاع الأول للثقافة فى مصر، ولكن هذا الخط أصبح مهترئا، فكثير من القصور تحتاج إلى توسيع وكثير منها يحتاج لإعادة إنشاء، وبعض تلك القصور يحتاج إلى كتب، وإلى ترميم، فعلى الرغم من افتتاح قصور جديدة إلا إننا نحتاج الكثير، فلابد من تخصيص بعض المليارات لإعادة ترميم وتوسيع وإنشاء قصور الثقافة، فأنا أحلم أن يكون فى مصر قصر ثقافة لكل حي. وأكد "عصفور " أن وزير الثقافة لا يقل أهمية عن وزير الاستثمار، حيث أنه يجب تفعيل المنظومة الثقافية، بالإضافة إلى الدعم المادى وعلى الدولة أن تتخلص من نظرة الاستهتار بالثقافة فى مصر، حيث أن الواقع فى بلادنا هو أن الحريات محتجزة سياسياً واجتماعياً ودينياً فشبابنا المصرى مكبوت.