بعد ثلاث سنوات على فاجعة ملعب بورسعيد التي راح ضحيتها أكثر من 70 من جماهير الأهلي وأصيب المئات عقب نهاية لقاء فريقهم مع المصري في الجولة السابعة عشرة للدوري المحلي جاء الدور على جماهير الزمالك لتتجرع من نفس الكأس. في مثل هذا اليوم قبل عام تواصل مسلسل الكوارث الكروية في مصر بوفاة أكثر من 20 وإصابة العشرات من أنصار الزمالك مساء الأحد الموافق الثامن من فبراير عام 2015 قبل انطلاق لقاء فريقهم مع انبي في ختام الجولة الحادية والعشرين للدوري المصري. وكالعادة جاءت التقارير الرسمية الصادرة عن وزارة الداخلية لتقول إن سبب الحادث يعود لتدافع الجماهير ومحاولتها دخول ملعب الدفاع الجوي بدون تذاكر وهو ما أدى إلى تعامل قوات الأمن معها بالقنابل المسيلة للدموع مما أحدث حالة من الهرج والمرج بعد محاولات هؤلاء الشباب الهروب من الغاز مما أدى لتزايد أعداد الضحايا. كانت مأساة جديدة ضربت الرياضة المصرية بصفة عامة وكرة القدم بصفة خاصة في مقتل بعد أن تحولت ساحات الملاعب المصرية من مصدر للفرحة والمتعة إلى وسيلة للشغب والقتل. فبراير الأسود كارثة ملعب الدفاع الجوي كانت ثالث أسوأ الكوارث في تاريخ الكرة المصرية التي شهدت حادثتين سابقتين في شهر فبراير أيضاً، الأولى في السابع عشر من هذا الشهر قبل 42 عاماً بسبب انهيار مدرج ملعب الزمالك في لقاءه الودي مع دوكلا براغ التشيكي وهو ما أودى بحياة 48 مشجع وخلف عشرات المصابين. أما المذبحة الأسوأ في تاريخ الكرة المصرية فوقعت في الأول من فبراير عام 2012 عندما توفي 74 شخصاً وأصيب المئات معظمهم من جماهير الأهلي بعد انتهاء لقاء ناديهم مع المصري على ملعب بورسعيد في الجولة السابعة عشرة للدوري المصري بسبب هجوم بعض جماهير الفريق المضيف والبلطجية عليهم، وهي القضية التي شغلت الرأي العام حتى الوقت الراهن رغم صدور أحكام نهائية من محكمة جنايات بورسعيد في التاسع من يونيو الماضي بإعدام 11 متهماً ومعاقبة 10 متهمين بالسجن المؤبد و 10 آخرين بالسجن المشدد لعشر سنوات و5 سنوات على 12 متهماً منهم رجال أمن على رأسهم عصام سمك مدير أمن بورسعيد السابق وسنة واحدة على متهم واحد وبراءة 20 أخرين. أزمة جديدة للكرة المصرية جاءت هذه الحادثة لتضع الكرة المصرية في أزمة جديدة لا زالت تلقي بظلالها على اللعبة الشعبية الأولى حتى وقتنا هذا وتسببت إلى جانب حرمان الجماهير من حضور المباريات في تراجع الكرة المصرية على كافة المستويات بعد أن ضربتها ثاني أخطر وأهم الأزمات التي تعرضت لها طوال تاريخها. والمتابع للكرة التي دخلت مصر مع قدوم قوات الاحتلال الإنجليزي عام 1882 وبدأت مسابقاتها الرسمية في العقد الثاني من القرن الماضي، يُدرك جيداً الصعوبات التي واجهتها طوال تاريخها وكم الأزمات والمشاكل التي جاءت من وراءها لدرجة تحميل البعض لها هزيمة حرب الأيام الستة أمام العدو الصهيوني عام 67. عودة النشاط .. ولكن! بعد الحادث انقسمت الآراء في الشارع المصري إلى شطرين، الأول يري صعوبة استكمال الموسم أسوة بما حدث موسم 2011/2012 عندما ألغيت المسابقة بعد مجزرة ملعب بورسعيد إحتراماً لأرواح الضحايا الذين سقطوا دون ذنب سوى حبهم لكرة القدم وبحثهم عن متنفس لمعاناتهم ومشاكلهم في مدرجات ملاعبها. أما الرأي الأخر فكان يري بضرورة استكمال الموسم بدون حضور جماهيري بعد انتهاء فترة الحداد لتجنب الأثار الكارثية الناجمة عن توقف النشاط على كافة الأصعدة المالية والفنية حيث كان المنتخب الأولمبي يستعد لخوض التصفيات المؤهلة لنهائيات دورة الألعاب الأفريقية والمنتخب الأول يجهز لبدأ مسيرته في تصفيات كأس الأمم الأفريقية وينتظر التعاقد مع مدير فني جديد خلفاً لشوقي غريب الذي أقيل بعد الهزيمة من تونس والفشل في بلوغ نهائيات (الكان) للمرة الثالثة في تاريخ المنتخب. ورغم قرار الحكومة المصرية باستكمال الموسم 56 للدوري المصري بعد أكثر من 50 يوماً على وقوع هذه الكارثة تفادياً للتداعيات السلبية لإلغائه على كافة المستويات، لازالت هواجس تكرار مثل هذه الحوادث الكارثية تسيطر على صناع القرار في مصر حتى أن ملاعب المباريات المحلية والدولية وتوقيتاتها بات حق أصيل لوزارة الداخلية المصرية بعيداً عن اتحاد كرة القدم ووزارة الشباب والرياضة.