رئيس قطاع المعاهد الأزهرية: الاعتماد التعليمي هو منهج متكامل يسهم في ترسيخ ثقافة التميز    رئيس قطاع المعاهد الأزهرية: الاعتماد مسار شامل للتطوير وليس إجراءً إداريًا    الإسكان تعلن تخصيص قناة رسمية لوحدة التواصل مع المستثمرين والمطورين العقاريين    نجيب ساويرس: الحكومة ليست منافسا للقطاع الخاص وطرح المصانع المتعثرة بسرعة مفتاح جذب الاستثمار    رئيس الوزراء يفتتح مصنع إنتاج الطلمبات الغاطسة بشركة قها للصناعات الكيماوية.. مدبولى: توجيهات رئاسية بتوطين الصناعة وبناء القدرات البشرية والبنية التحتية.. ووزير الإنتاج الحربي: تقلل الفاتورة الاستيرادية    هبوط مؤشرات البورصة بمنتصف التعاملات بضغوط مبيعات عربية وأجنبية    بنهاية عام 2025 .. خبير سياحي يتوقع استقبال 19 مليون سائح    مصر ترحب باعتماد الأمم المتحدة قرارين يؤكدان الحقوق غير القابلة للتصرف للفلسطينيين    مصر ترحب باعتماد الأمم المتحدة قرارين يؤكدان الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني    زيلينسكي: واشنطن تعهدت بأن يدعم الكونجرس الضمانات الأمنية    كييف تعلن إسقاط 57 طائرة مسيرة روسية خلال الليل    بطل سيدنى السورى.. تفاصيل رسالة أحمد الأحمد قبل سوء حالته وفقد الإحساس بذراعه    أحمد صلاح وأحمد سعيد يفسخان تعاقدهما مع السويحلي الليبي    بيان جديد من الزمالك بشأن تحقيقات النيابة العامة في ملف أرض أكتوبر    غزل المحلة: الأهلي لم يسدد حقوق رعاية إمام عاشور    ضبط شبكة لاستغلال أطفال في أعمال التسول بالقاهرة    إحباط محاولة تهريب سجائر وشيشة إلكترونية داخل 10 حاويات بميناء بحري    نقل جثمان طالب جامعى قتله شخصان بسبب مشادة كلامية فى المنوفية إلى المشرحة    المنتج تامر مرتضى يدافع عن الست: الفيلم وطني بنسبة 100% وصعب يوصف بعكس ذلك    من الفتوى إلى هندسة الوعى..الجلسة العلمية الثالثة للندوة الدولية للإفتاء تناقش "الأمن الحضاري للوعي" و"استدامة الثوابت"    تفاصيل افتتاح متحف قراء القرآن الكريم لتوثيق التلاوة المصرية    محمد فراج يبدأ تصوير مسلسله الجديد "أب ولكن" وعرضه على شاشات المتحدة    وزارة الصحة تصدر أول دليل إرشادى لمواجهة إصابات الأنفلونزا بالمدارس    الرعاية الصحية تستحدث خدمة تثبيت الفقرات بمستشفى دراو المركزى بأسوان    تجديد بروتوكول تعاون بين البنك المركزي وصندوق مواجهة الطوارئ الطبية والأمراض الوراثية    المصريون بالخارج يواصلون التصويت في جولة الإعادة بانتخابات النواب    دغموم: الزمالك فاوضني من قبل.. وأقدم أفضل مواسمي مع المصري    من المرشح الأبرز لجائزة «ذا بيست» 2025    الأهلي يقترب من حسم صفقة سوبر.. وتكتم على الاسم    مَن تلزمه نفقة تجهيز الميت؟.. دار الإفتاء تجيب    وزير الخارجية يؤكد أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار بغزة    وزير التعليم ومحافظ أسوان يتابعان سير العملية التعليمية بمدرسة الشهيد عمرو فريد    بالفيديو.. تفاصيل بروتوكول التعاون بين "الإفتاء" و"القومي للطفولة" لبناء الوعي المجتمعي    منها التهاب المعدة | أسباب نقص الحديد بالجسم وعلاجه؟    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بمدرسة كفر عامر ورضوان الابتدائية بكفر شكر    ضبط جزار ذبح ماشية نافقة خارج المجزر بمدينة الشهداء بالمنوفية    عضو بالأزهر: الإنترنت مليء بمعلومات غير موثوقة عن الدين والحلال والحرام    عاجل- دار الإفتاء تحدد موعد استطلاع هلال شهر رجب لعام 1447 ه    الخريطة الزمنية للعام الدراسي 2025–2026.. امتحانات نصف العام وإجازة الطلاب    اليابان ترفع تحذيرها من الزلزال وتدعو لتوخي الحذر بعد أسبوع من هزة بقوة 7.5 درجة    برلماني بالشيوخ: المشاركة في الانتخابات ركيزة لدعم الدولة ومؤسساتها    «التضامن الاجتماعي» تعلن فتح باب التقديم لإشراف حج الجمعيات الأهلية لموسم 1447ه    الذهب يرتفع وسط توقعات بخفض جديد للفائدة في يناير    خروقات متواصلة.. الاحتلال يرتكب 5 انتهاكات جديدة لوقف إطلاق النار في لبنان    البدري: الشحات وأفشة مرشحان للانضمام لأهلي طرابلس    مباراة دراماتيكية.. مانشستر يونايتد يتعادل مع بورنموث في الدوري الإنجليزي    مديرية الطب البيطري بالقاهرة: لا مكان سيستوعب كل الكلاب الضالة.. وستكون متاحة للتبني بعد تطعيمها    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر في سوق العبور للجملة    تعيين وتجديد تعيين 14 رئيسا لمجالس الأقسام العلمية بكلية طب قصر العينى    محمد القس يشيد بزملائه ويكشف عن نجومه المفضلين: «السقا أجدع فنان.. وأتمنى التعاون مع منى زكي»    جلال برجس: الرواية أقوى من الخطاب المباشر وتصل حيث تعجز السياسة    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الثلاثاء 16 ديسمبر    نقيب أطباء الأسنان يحذر من زيادة أعداد الخريجين: المسجلون بالنقابة 115 ألفا    محافظ القليوبية ومدير الأمن يتابعان حادث تساقط حاويات من قطار بضائع بطوخ    لجنة فنية للتأكد من السلامة الإنشائية للعقارات بموقع حادث سقوط حاويات فارغة من على قطار بطوخ    حضور ثقافي وفني بارز في عزاء الناشر محمد هاشم بمسجد عمر مكرم    هل الزيادة في الشراء بالتقسيط تُعد فائدة ربوية؟.. "الإفتاء" تُجيب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 15-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المالكية والظاهرية وأثرهما فى المغرب والأندلس

تعددت الأطروحات والدراسات التى تناولت الدولة الموحدية بالدراسة والتحليل سواء من المغرب مهد هذه الدولة أو من خارجه ، ومع كثرة الدراسات التى تناولت الدولة بقى هناك موضوعا لم يطرح للدراسة والبحث وهو "المالكية والظاهرية وأثرهما فى المغرب والأندلس فى عهد الموحدين" وهو موضوع هذه الأطروحة.
وعن سبب اختياري للموضوع :
الأول :- عدم تعرض الدارسين له من قبل ، وإن كانت هناك محاولات بعضها جاد لدراسة بعض القضايا الخاصة بالمالكية والظاهرية فى عهد الموحدين.
الثانى:- ارتباطى فكريا بالمذهب الظاهرى عن طريق ابن حزم منذ أن كنت بالفرقة الرابعة من دراستى الجامعية ، وذلك أننى وجدت العديد من الباحثين المحدثين وخاصة شيخنا محمد الغزالى قدس الله روحه ونور ضريحه ، إذا عرضوا رأيا له أسبقوه بقولهم قال ابن حزم الفقيه الظاهرى العظيم ، وقال إمام أهل الظاهر فى حين لم أكن أعلم سوى المذاهب الأربعة وأئمتهم ، الأمر الذى دعانى للبحث عن هذه الشخصية وفكرها ، فعكفت على الكتب التى تناولته والمذهب الظاهرى بالدراسة ، ثم بدأت فى اقتناء كتب ابن حزم نفسها وكل ما يمت للمذهب الظاهرى من قريب أو بعيد ، ودرست المذهب من واقعها بعد دراسة المذاهب الأربعة وأصولها ، وخرجت من هذه الدراسة بإعجاب شديد للمذهب الظاهرى ورجاله وعلى رأسهم ابن حزم ، لما وجدته فيه من ثورة ضد الجمود والتقليد ودعوة للاجتهاد والتجديد والتعويل على العقل والنظر فى إصدار الأحكام أيا كانت فقهية أو تاريخية أو غيرهما ، ولما كنت قد تقدمت بأطروحة الماجستير عن ابن حزم كتوطئة لإبراز مشروع نهضوى ظاهرى من خلال ابن حزم ، فكان لزاما على ووفاء بما قطعته على نفسى من استكمال المشروع الظاهرى أن يكون موضوع الدكتوراة يمس جانبا كبيرا من جوانب الظاهرية ، بإثبات حقيقة تغافل عنها الكثير من القدامى والمحدثين وهى إثبات ظاهرية دولة الموحدين التى مكنت للفقه الظاهرى ، وبذلك يتحقق المشروع الظاهرى الطموح عمليا فى عهد الموحدين بعد أن كان مجرد محاولة تنظيرية فى الغالب على يد ابن حزم.
الثالث : الخلاف الذى وقع بين المؤرخين من القدامى والمحدثين حول مذهب الموحدين الفقهى، دفعنى لمحاولة حسمه علميا خاصة بعد ما وقعت عينى على نصوص لا تدع مجالا للشك فى إثبات ظاهرية الدولة الموحدية.
الرابع : رغبتى فى الارتقاء بالمذهب الظاهرى وتبصير الناس به من خلال دراسة عنه وعن رجاله ، خاصة وأن كثيرا من الناس كانوا ولا يزالون يظنون أن المذهب الظاهرى ليس له رجال بعد ابن حزم ، فكان كل همى أن أوضح للناس أن كثيرا من رجال الظاهرية برزوا فى عهد الموحدين ونالوا تمكينا كبيرا من جاه ومناصب مثل قاضى القضاة ابن مضاء النحوى ، والقاضى ابن دحية الكلبى ، والقاضى ابن حوط الله ، وقاضى القضاة أحمد بن يزيد بن عبدالرحمن بن بقى بن مخلد حفيد الإمام بقى بن مخلد وغيرهم كثير مما هو مبسوط فى الدراسة.
الخامس : تأكيد حقيقة الارتباط بين المذاهب الإسلامية فى المشرب ، وهو ما تم بين المالكية والظاهرية فى عهد الموحدين إذ وجدنا طائفة كبيرة من المالكية رغم حفاظها على مذهبها المالكى وانتسابها إليه إلا أنها تأثرت فى جوانب كثيرة بالمذهب الظاهرى الذى يعزز النصوص ويحترمها أكثر من غيره من المذاهب ، فعمدت هذه الطائفة إلى نفى التقليد والدعوة إلى الاجتهاد واستنباط الأحكام من القرآن والسنة ، ومن ثم لقيت احتراما وتوقيرا من قبل حكام الموحدين ، ونالت جاها عريضا بتولى المناصب فى عهد هذه الدولة الظاهرية على ما سيتضح بالدراسة.
أما عن الأثر فقد استخدمته بمعنى الجهد ؛حيث لم أجد أثرا إيجابيا للمالكية والظاهرية ، فاكتفيت بعرض رأيهم الذى يأتى كمعارضة لقضية كانت فى عصرهم ، كما استخدمته بمعنى اتباع الآخرين لآرائهم وتأثرهم بها وكان هذا هو الغالب فى الدراسة التى امتدت فشملت أثرهم فى القرنين السادس والسابع الهجريين/الثانى عشر والثالث عشر الميلاديين.
ومن المشكلات والصعاب التى واجهت هذه الدراسة اعتمادها بالدرجة الأولى على كتب الفقه والمذاهب والفرق الإسلامية ، ومن ثم كان على الباحث أن يحيط قدر الاستطاعة بهذه المذاهب والفرق لاسيما المذهبين المالكى والظاهرى ، ليتفهم أصول كل مذهب وأسباب الخلاف بينهما ، ولعل الصعوبة تتضح أكثر فأكثر إذا علمنا أن هذا الاتجاه (وهو الاعتماد على كتب النوازل فى دراسة التاريخ والحضارة الإسلامية) ما زال من الأمور الفردية المستحدثة التى لم تترسخ بعد فى الجامعات المصرية ، وتوضع لها أسس وأصول فى دراستها.
ويرتبط بهذه الصعوبة صعوبة أخرى وهى محاولة إنزال النازلة الفقهية التى يتعامل معها الباحث على الواقع التاريخى ، ولكى يتثنى للباحث فهم ذلك اضطر إلى الوقوف على تاريخ وحضارة الفترة التى أبرز فيها أثر المالكية والظاهرية قدر الاستطاعة ، ليكون قادرا على مناقشة النازلة والتعرف على أسبابها من خلال الواقع التاريخى ، ونتائجها ، هل بالسلب أم بالإيجاب ، خاصة وأن الفترة التاريخية التى عالج فيها الباحث أثر المالكية والظاهرية رغم كونها فترة ظاهرية خصبة إلا أن التواجد المالكى لم يكن باهتا ولا خفيا ، بل زاد الأمر تعقيدا أن بنى مرين وهى الدولة التى آلت إليها ممتلكات الموحدين غيرت المذهب الرسمى للدولة من الظاهرى إلى المالكى بضغط من فقهاء المالكية ، ومع هذا التغيير تم طمس كثير من المعالم التى كانت للظاهرية بل وللمالكية أيضا الذين سايروا فقهاء الظاهرية فى عهد الموحدين الأمر الذى اضطر الباحث للنظر فى نوازل فقهاء المالكية بدءا من عصر الموحدين ومرورا بعصر بنى مرين ؛ للتعرف على أثر الظاهرية رغم معارضة المالكية فى عهد بنى مرين لاى أثر للظاهرية ووصفهم بالبدعة ومحاولتهم طمس أى أثر لهم فى عهد الموحدين ، وهو أمر لا يخفى على أحد صعوبته .
ومن أوجه الصعاب أن معظم علماء وفقهاء الفترة موضوع الدراسة كانوا مالكيين فضلا عن أن الظاهرية أنفسهم - من خلال عملية طمس المعالم التى قام بها المالكية فى عهد بنى مرين- كادوا أن لا يظهر لهم أثر لأن المالكية كانوا يترجمون لهم على أنهم مالكية وهم ليسوا كذلك، ومن ثم صار استجلاء أثر الظاهرية ليس بالأمر الهين .
ومن مشكلات الدراسة أن حقيقة ظاهرية الموحدين من الأمور غير المستساغة لدى المشارقة حديثا وقديما ، ومن ثم كان طرح موضوعا كهذا ضربا من المغامرة لولا ثقتى فى الله بأن هناك من النصوص ما يؤكد هذه الحقيقة ، ومن ثم كان القلق والحيرة والشرود من الأمور الملازمة لى طول فترة البحث خوفا من أن لا تتأكد هذه الحقيقة.
أما عن المنهج المتبع فى الدراسة فهو منهج استقرائى تحليلى ، يعمد إلى تحليل الحدث السياسى والنازلة الفقهية وردها إلى أصولها ودوافعها ، كما تمت الاستعانة بالمنهج النقدى فى مناقشة الروايات التاريخية المختلفة والآراء الفقهية ، لترجيح رواية على أخرى ، وتغليب رأى على آخر اعتمادا على الأصول والمصادر التى توضح ذلك .
وقد اعتمد الباحث في هذه الدراسة على قائمة متنوعة من المصادر والمراجع ، ما بين كتب النوازل ، والتاريخ، والطبقات ، والفرق ، والجغرافيا، واللغة ، وغيرها.
وقد قسمت هذه الدراسة إلى مقدمة وتمهيد وأربعة فصول ، تناولت المقدمة أسباب اختيار الموضوع ، وتعريف بأهم المصادر والمراجع ، والمنهج الذى استخدم في الدراسة ، ويحتوى التمهيد على عرض موجز لأحوال المالكية والظاهرية قبل عصر الموحدين حيث تناول دخول المذهبين المالكى والظاهرى إلى المغرب والأندلس وأسباب ذلك ، العلاقة بين المالكية والظاهرية قبل عصر الموحدين ، الوضع الاقتصادى والاجتماعى للمالكية والظاهرية قبل عصر الموحدين ، دوافع اختيار الموحدين للمذهب الظاهرى مذهبا رسميا .
أما الفصل الأول وعنوانه " أثرالمالكية والظاهرية فى الأوضاع السياسية" فقد تناول الأوضاع السياسية فى المغرب والأندلس وأثرها على المالكية والظاهرية ، والخلافة الموحدية بالمغرب والأندلس وموقف المالكية والظاهرية منها ، والولايات الدينية ( الوزارة – القضاء – الفتيا ) التابعة للخلافة بين المالكية والظاهرية. وعنوان الفصل الثانى "موقف المالكية والظاهرية من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية" واختص بدراسة الزراعة ووضعية الأرض فى عهد الموحدين ، والصناعة والتجارة ، ومصادر دخل الموحدين (الزكاة – الغنائم- العشور- أخماس المعادن - الضرائب والمكوس - الخراج) ، والحياة الاجتماعية(العادات والتقاليد)، والمرأة ودورها فى المغرب والأندلس ، والعامة والعبيد ، والعرب والبربر وموقف المالكية والظاهرية من كل ذلك.
واختص الفصل الثالث وعنوانه "أثر المالكية والظاهرية فى الحياة العلمية والفكرية" بدراسة العلوم الدينية ( النقلية) ، والعلوم العقلية ، والنظام التعليمى بين المالكية والظاهرية ، والاضطهادات الفكرية .
واعتنى الفصل الرابع والأخير وعنوانه "موقف المالكية والظاهرية من الفرق الإسلامية والطرق الصوفية وأهل الذمة" بدراسة الفرق الإسلامية ( الشيعة - الخوارج – المعتزلة - الأشاعرة) ، والطرق الصوفية ، وأهل الذمة ( اليهود – النصارى) .
واختتمت الدراسة بعدة نتائج وحقائق مهمة منها :
أولا :- أن ابن تومرت كان ظاهرى المذهب فى الجانب الفقهى ، شيعى فى الإمامة حيث قال بالعصمة.
ثانيا:- أثبتت الدراسة حقيقة نقد ابن تومرت للفروع واتجاهه للتأصيل الفقهى المعتمد على النصوص ، وسار على ذلك كل حكام الموحدين من بعده ، حيث تأصل المنهج الظاهرى فى عهد عبدالمؤمن بن على وابنه يوسف بتربية الطلبة ومناصرة فقهاء الظاهرية على المالكية فى المناظرات، وفى عهد المنصور ظهر المنهج الظاهرى بالقوة حيث اتخذ من الظاهرية القضاة والخطباء بل ومربيين لأبنائه . كما عارض المنصور آراء ابن تومرت نفسه المعارضة للمنهج الظاهرى خاصة مسألة العصمة ، وعاقب كل من يسب المنهج أو يعارضه .
ثالثا:- أكدت الدراسة على أن حكام الموحدين كانوا ظاهرية بدليل أنهم كانوا علماء وفقهاء ومحدثين ولايرون التقليد ويدعون للاجتهاد ، ويرفضون الظنون والفقه الفروعى المالكى، ويقربون الظاهرية ويولونهم المناصب الهامة فى الدولة ، فضلا عن إشرافهم على المناظرات بين المالكية والظاهرية لإعلاء شان الظاهرية ، بل منهم - أى الحكام- من كان يستخدم أسلوب وحجج ابن حزم فى مناقشته لفقهاء المالكية . بل إن رسائل الحكام الموحدين حتى المتأخرين كانت تدعو وتؤكد على ضرورة العمل فى الأحكام بالقرآن والسنة والإجماع والاجتهاد فقط ، ولم تدعو لا لقياس ولا لرأى ، وهذه هى أصول المنهج الظاهرى .
رابعا:- أبرزت الدراسة أن ظاهرية الدولة الموحدية شهد بها فقهاء ومؤرخى المالكية أنفسهم – مثل ابن الأحمر ، والشاطبى ، والونشريسى وغيرهم- قبل الظاهرية ، وهو ما جعلنا نطمئن إلى ما ذهبنا إليه من ظاهرية الدولة الموحدية من أولها إلى نهايتها .
خامسا:- أظهرت الدراسة أن الهدف من تعميم الموحدين لعلم أصول الفقه هو تأصيل الأحكام واستخراجها من أصولها تمهيدا لنشر المنهج الظاهرى ، ومن ثم رأينا الكثير من المالكية يتجهوا لدراسة علم أصول الفقه ليحظوا بالمناصب فى عهد الموحدين كالقضاء والخطابة والفتيا ، وليواجهوا المنهج الظاهرى فى بعض الأحيان .
سادسا:- أوضحت الدراسة دور الموحدين الظاهرية فى دفعهم فقهاء المالكية لاعتماد الأدلة والنظر فى فقه الخلاف ، ومن ثم التوسع فى مسائل الاجتهاد داخل المذهب ، وتوجيه النقد للمقلدين من بنى جلدتهم.
سابعا:- كشفت الدراسة بما لا يدع مجالا للشك أن صراعا سياسيا وقع بين المالكية والظاهرية بسبب محاولة التمكين للمنهج الظاهرى ، وقد تجسد ذلك فى ثورة القاضى عياض ضد عبدالمؤمن بن على بسبب نزعة الأخير لتأصيل المنهج الظاهرى ، ولذا أصر عياض على بيعة تاشفين بن يوسف. كما ظهر ذلك أيضا فى ثورة ابن الفرس ضد الموحدين ، - والتى كانت ثورة مذهبية مالكية ضد الموحدين الظاهرية- ، وفى ثورة الوهيبى ، وابن بطال المحدث ، والجزيرى الفقيه المالكى . كما أبرزت الدراسة أن جل ثورات القبائل ضد الموحدين الظاهرية كانت بتحريض من فقهاء المالكية .
ثامنا:- أوضحت الدراسة جهود الموحدين الظاهرية فى مواجهة حركة التبشير بالمسيحية حتى كان من يفعل ذلك يقتل فى بعض الأحيان ، وذلك على أثر قيام البابا بدعوة الخليفة الرشيد حفيد المنصور للمسيحية.
تاسعا:- أوضحت الدراسة أن فكر الموحدين الظاهرى لقى معارضة من الشيعة حيث قام أحد رجالهم بالثورة فى مراكش ، وادعى أنه من سلالة الفاطميين ، وكذا لقى الموحدون الظاهرية فضلا عن فقهاء المالكية معارضة الخوارج الأباضية النكار، مما كان له أثر فى الحياة الفكرية والثقافية .
عاشرا:- كشفت الدراسة عن أن المتصوفة المالكية فى عهد المرابطين كانوا يحاربون الظاهرية ويقللون من شأنها ووصفوها بالمذهب المذموم ، وكان على رأسهم ابن العريف ، وقد كان لذلك أكبرالأثر على الموحدين الظاهرية فى مقاومتهم للمالكية، إلى جانب النزعة الفروعية فى الفقه عند المالكية.
حادى عشر:- أثبتت الدراسة أن المنهج الظاهرى الذى عمد المنصور على التمكين له آتى ثماره فى عهد ابنه المأمون الذى اتبع نهج أباه فى المكين للظاهرية ، وإظاهر أقوال ابن حزم لا سيما ما يخص المهدية والعصمة ، حيث أزال المأمون اسم المهدى من الخطبة والسكة ، وهو ما ترتب عليه قيام الثورات ضد الموحدين ومنها ثورة على بن بن بدر ، فضلا عن معارضة العامة . فى حين لقيت معارضة العصمة والمهدية قبولا من فقهاء المالكية والظاهرية .
ثانى عشر:- أبرزت الدراسة الدور المهم لعلماء المالكية والظاهرية فى شحذ الهمم للجهاد، والمشاركة فى بناء الأربطة والحصون ، وفى المعارك ضد النصارى الأسبان لمواجهة حركة الاسترداد المسيحى . كما أكدت على نجاح الموحدين فى تجميع كل من فقهاء المالكية والظاهرية ضد حركة الاسترداد المسيحى.
ثالث عشر:- أوضحت الدراسة أن ادعاء كل من ابن تومرت وعبدالمؤمن بن على للنسب العلوى القرشى كان له مغزى سياسى لتأسيس الخلافة الموحدية ، إذ لا يجوز تولى الخلافة إلا قرشيا .
رابع عشر:- كشفت الدراسة عن أهمية الدور الذى لعبته المدرسة التاريخية الظاهرية فى تطوير علم التاريخ وتنقيته من الروايات الكاذبة ، وفرض المنهج الظاهرى عليه ، ومن أعلامها ابن صاحب الصلاة ، وابن دحية الكلبى .
خامس عشر :- رسمت الدراسة صورة واضحة لتأثيرات الظاهرية فى المجتمع ومن ذلك انتقاد ابن رشد للقياس فى مجال علم الكلام والفقه ، وإبطال ابن مضاء للقياس فى النحو ، والعمل على ازدهار المنطق والفلسفة حيث وضع ابن رشد مشروعه الفلسفى فى ظل الموحدين الظاهرية ، وتبنيه لنظرية دور المرأة فى المجتمع والتى بدأت منذ عهد عبدالمؤمن بن على ، ومن التأثيرات الظاهرية ازدهار زراعة المناصفة ، وعملية مكاتبة العبيد ، وإقبال أهل الرأى على تعلم الأصول والحديث كى يحصلوا على المناصب المهمة فى الدولة ، وتأثر محدثو المالكية بمنهج ابن حزم الحديثى ومن هؤلاء ابن القطان الفاسى .
سادس عشر:- أثبتت الدراسة أن من أسباب تنكيب المنصور بابن رشد تصنيف الأخير لكتاب فى السياسة وصف فيه حكام الموحدين بالطغاة، فضلا عن الخلاف المذهبى - رغم أن ابن رشد تأثر بالظاهرية فى جوانب كثيرة من فقهه- إذ إن ابن رشد دعا فى كتابه بداية المجتهد إلى تدريس فقه الفروع القائم على التقليد وتشعب الآراء ، الأمر الذى لقى معارضة شديدة من المنصور الظاهرى الذى دعا إلى تنحية الفروع ، والاعتماد على النصوص فى استنباط الأحكام .
سابع عشر:- أكدت الدراسة على أن المالكية ُطبقت فى عهد الموحدين بمنهج ظاهرى . حسب توجه الدولة التى دعت للعودة إلى النصوص ، ونبذ التقليد وعدم الاعتماد على أقوال الرجال وآرائهم. حتى رأينا من المالكية من يؤيد الظاهرية فى نفى القياس وانتقاده كأصل من أصول الأحكام .
ثامن عشر : أبرزت الدراسة اتفاق كل من المالكية والظاهرية على مواجهة مشاكل المجتمع بكل حزم مثل نكاح المتعة ، وظاهرة التسول التى قضى عليها الموحدون – عملا برأى الفقهاء- من خلال الكفالة الاجتماعية ، ومن ثم فإن مصنفات فقهاء المالكية والظاهرية – كابن القطان ، وابن الرومية ، وابن دحية وغيرهم - كانت رد فعل طبيعى لما حدث فى المجتمع
تاسع عشر :- أوضحت الدراسة أن مفهوم التوحيد الذى لقب به الموحدين تحول بعد سيطرتهم على مراكش من مفهوم دينى إلى مفهوم سياسى. إذ اعتبر الخلفاء بدءاً من عبدالمؤمن بن على أن الخضوع لسلطة الدولة هو التوحيد ، والخروج عليها هو مروق منه، وإن فضلوا ان يكون الخضوع سياسيا دينيا .
عشرون :- أوضحت الدراسة أن الموحدين لم يعتمدوا إلا وزارة التنفيذ فى الحكم ، ورفضوا وزارة التفويض اعتمادا على ما أفتى به فقهاء الظاهرية منذ ابن حزم حتى عهدهم . كما أنهم طوال فترة الازدهار والقوة للدولة لم يعتمدوا فى الحكم إلا على ولاية الاستكفاء عملا أيضا براى فقهاء الظاهرية .
حادى وعشرون :- أكدت الدراسة على أن الموحدين نهجوا المنهج الظاهرى فى الجانب الاقتصادى كذلك حيث تبنوا اقوال الظاهرية فى كراء الارض ، وإحياء الموات، والفلاحة ، وفى السَكة . كما أنهم نهجوا النهج الظاهرى أيضا فى المجال الاجتماعى لا سيما ما يخص العبيد من حقوق وواجبات ، فضلا عن المرأة ودورها . فقد سمحوا لها بالتعليم ، وممارسة العديد من الأعمال ، مما كان له أثره على فقهاء المالكية إذ دعا أحدهم - وهو ابن رشد الحفيد- النساء إلى ممارسة حقهن السياى ، والتطلع إلى المناصب السياسية فى الدولة .
ثانى وعشرون :- أكدت الدراسة على أن مشروع ابن حزم النهضوى -السيا سى والاقتصادى والاجتماعى والفكرى – الذى كان يصبو إلي تحقيقه ، قد تحقق فى عهد الموحدين عمليا.
ثالث وعشرون :- أثبتت الدراسة أن الموحدين – تحت شعار الحرية الفكرية وفى إطار الالتزام بالأصول العامة لمذهبهم الرسمى- لم يعنفوا فقهاء المالكية الذين انتقدوا ابن حزم ن وابقوهم فى مناصبهم ما دام النقد ليس بهدف التشويه والانتقاص من قدر الرجل والفقه الظاهرى ، وما دام هدفه المزيد من الوصول للحق اعتمادا على الحجج والبراهين . كما أوضحت الدراسة أن هذا النهج الذى اتبعه الموحدون كظاهرية أتاح للمالكية والشافعية أن يتعرفوا على المذهب الظاهرى ، ويحتكموا إلى أصوله ، وإن لم يتمذهبوا به ، حتى أن أحدهم صنف كتابا فى إبطال القياس.
رابع وعشرون :- أكدت الدراسة بما لا يدع مجالا للشك أن الموحدين كظاهرية لم يكرهوا رعيتهم على التخلى عن المذهب المالكى. إنما رفض الموحدون الفقه القائم على غير دليل وبرهان ، خاصة وانهم كانوا يعينون قضاة ظاهريين يحكمون بالمذهبين المالكى والظاهرى فى المناطق التى فيها كثرة مالكية وظاهرية .
خامس وعشرون :- أكدت الدراسة بما لا يدع مجالا للشك أن ما تم الترويج له من أن الموحدين لم يسمحوا لأهل الذمة بالتواجد فى بلادهم زعم باطل ، وأن أهل الذمة كان لهم تواجد واضح وملفت للنظر حسب ما أكدته الوثائق والنوازل، وأنهم لقوا معاملة حسنة من الدولة ، ما داموا لم يثيروا الفتن والقلاقل والاضطرابات .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.