روح العاصمة بيروت التي كانت سائدة على مدى سبعين عاما منذ ثلاثينيات القرن العشرين استعادها اللبنانيون في استعراض مسرحي غنائي يحاكي موسيقى المسارح والملاهي الليلية آنذاك. فعلى مدى ثلاثة أيام شهد مسرح مهرجانات بيت الدين الدولية عرض "بار فاروق" المستوحى من أحد أشهر بيوت الدعارة في بيروت -في ذلك الوقت- ومن "مسرح فاروق" الذي أنشئ في نهايات القرن التاسع عشر. ويستعيد عرض "بار فاروق" بأسلوب يتراوح بين الكباريه والمسرح مزاج بيروت الفني والغنائي والاجتماعي وخصوصا حياة الليل في تلك الفترة قبل أن تقضي الحرب الأهلية على تلك الذكريات ، وقدم 13 فنانة وفنانا موزعين بين مغنين وممثلين وموسيقيين وراقصين ما يقرب من 30 أغنية تغطي تلك العقود التاريخية ومنها خمس أغنيات جديدة كتبها ولحنها صاحب الفكرة هشام جابر ، و قد قدم العرض بأسلوب فكاهى ساخر . ومن ضمن لوحات العرض الغنائية أغنية نجاح سلام "برهوم حاكيني" من ألحان فيلمون وهبي و"شحادين يا بلدنا" التي كتبها ولحنها الأخوان رحباني وقدمها الممثل اللبناني الراحل شوشو في إحدى مسرحياته ، كما قدمت الفرقة أغنية "الهوى شو قليل الذوق" للمطربة الراحلة صباح من ألحان فريد الاطرش ، و"لا ركب حدك يا الموتور" للمطرب السوري الراحل فهد بلان ، و"تندم" للمطربة وداد ، و "حبينا" لفريد الأطرش ، و"يا ستي يا ختيارة" للمطربة طروب. انتقل العرض من أغنية إلى أخرى حتى تحولت أصوات الإيقاعات إلى ما يشبه الطلقات النارية والتفجيرات قبل أن يطغى الظلام على خشبة المسرح والقاعة في إشارة بدء الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990 والتي طوت نهائيا صفحة مسرح فاروق. وقالت رئيسة لجنة مهرجانات بيت الدين الدولية نورا جنبلاط لرويترز "بصراحة عمل عبقري أعاد إلى أذهاننا روح بيروت التي كانت سائدة في تلك الفترة عبر تقديم خيارات متقنة من أغان ومونولوجات ورقص وشخصيات. انه عمل يلهب المخيلة وينشط الذاكرة ويعيدنا قرن الى الوراء. لقد أيقظوا فينا الحنين إلى تلك الايام." وكانت مهرجانات بيت الدين افتتحت أنشطتها هذا العام يوم 29 يوليو مع أمسية أوبرالية أحياها التينور العالمي خوان دييجو فلوريس من بيرو بمشاركة أوركسترا بودابست السيمفوني والسوبرانو لبنانية الاصل الكندية الجنسية جويس الخوري. وكان جمهور موسيقى الروك على موعد مع المغني البريطاني ديفيد جراي في الأول من أغسطس . وفي الخامس من أغسطس مر الفنان اللبناني مرسيل خليفة على الزمن بعد ثلاثين عاما ليحتفل بالعيد الثلاثين لمهرجانات بيت الدين. واستضاف قصر بيت الدين الأثري في الثامن من أغسطس أمسية كلاسيكية للمؤلف الأرميني تيجران منسوريان الذي برع في موسيقى الافلام مع الاوركسترا الوطنية الفلهارمونية الارمنية. وفي 12 أغسطس كان محبو الجاز على موعد مع البريطانية ريبيكا فيرجسون التي قدمت أجمل أعمال أسطورة الجاز الامريكية بيلي هوليداي (1915 - 1959). وفي 14 و15 أغسطس شارك المطرب العراقي كاظم الساهر في احياء امسيتين. وسيكون اللبنانيون على موعد مع صوت السوبرانو الروسية آنا نيتريبكو يوم الخميس القادم. أما الحفلة الأخيرة فتحييها يوم 31 أغسطس المصرية آمال ماهر التي "تعود من جديد في تحية لكوكب الشرق أم كلثوم".