بحلول اليوم الخميس الموافق 13 أغسطس / آب الجاري، تحل الذكرى 59 لصدور مجلة الأحوال الشخصية في تونس، بما احتوته من قوانين اجتماعية تخص المرأة، والأسرة التونسية. هذه القوانين، التي تم إقرارها، خلال فترة تولي الزعيم التونسي، الحبيب بورقيبة، لرئاسة الحكومة عام 1956، قبيل العهد الجمهوري، حملت معها تغيرات جوهرية، كان من أبرزها منع تعدد الزوجات، وسحب القوامة من الرجل، وجعل الطلاق بيد المحكمة عوضًا عن الرجل، وإقرار المساواة بين الجنسين. نساء تونسيات، استطلعت وكالة "الأناضول" آراءهن، عشية الاحتفال بعيد المرأة، أغلبهن أقرت بما حصلن عليه من مكاسب وحريات، مع التأكيد على وجود بعض التحفظات. ابتسام، سيدة تونسية لم يحالفها الحظ لمواكبة ساعة الإعلان عن صدور مجلة الأحوال الشخصية، سنة 1956 لصغر سنها، وجاءت إلى الحياة لتجد لنفسها حقوقًا مكتسبة، وحرية مكفولة بقوة القانون، حسب قولها. وأضافت ابتسام، للأناضول، "للمرأة التونسية الحرية الكاملة، لا توجد إشكالات في هذا الشأن، ولا يوجد إحساس بنقص، ولا خطر على المرأة، الأمر الذي تدعم بالفعل بعد الانتخابات الأخيرة، وبداية الجمهورية الثانية". وعُقدت الانتخابات في 26 أكتوبر/تشرين أول 2014، كأول انتخابات تشريعية تتم بعد إقرار دستور 2014، وفاز حزب نداء تونس، بالمرتبة الأولى، بحصوله على 86 مقعدًا من جملة 217 مقعدًا في مجلس النواب، تلاه حزب حركة النهضة ب 69 مقعدًا. وبلغت نسبة النساء المسجلات فى انتخابات 2014، 50.5% بعد أن كانت في حدود 45% سنة 2011، ولم تتجاوز نسبة رئاسة المرأة للقوائم الانتخابية 10% رغم تطور نسبة حضور المرأة كرئيسة قائمة من 2.12% في انتخابات 23 أكتوبر/تشرين الأول 2011 لتصل إلى 7.8% في انتخابات 2014. وبلغت نسبة تمثيل المرأة في البرلمان التونسي، بعد انتخابات 2014، حوالي 31%، فيما ضمت حكومة الصيد وزيرتين، و5 كاتبات دولة. مفيدة البوغانمي، (تونسية مقيمة بالخارج) شاركت ابتسام الرأي قائلة، "تونس البلد العربي الوحيد، الذي تتمتع فيه المرأة بحقوقها كاملة، هنا حقوق المرأة متقدمة على باقي الدول العربية". وتابعت قولها للأناضول، "أسكن في فرنسا، ولم أسجل أي اختلاف، أو فرق بين البلدين، في هذا المجال، حتى أن تونس قدمت بعض الحقوق للمرأة قبل أن تقدمها فرنسا، نحن فخورون بتونس". "وتحظى تونس باعترافات دولية في مجال حرية المرأة، وسنّ التشريعات لصالحها، مقارنة بالدول العربية والإسلامية، كما تتميز تونس بتشريعات تكرّس المساواة بين الجنسين، لعلّ أحدثها حق منح المرأة التونسية جنسيتها لزوجها الأجنبي وأبنائها"، بحسب مفيدة. وبحسب تقارير رسمية صدرت مؤخرًا، بلغت نسبة الطالبات 59.5%من مجموع الطلبة، و42% من المنخرطين في المنظمات والجمعيات و1800 عدد النساء صاحبات المشاريع الاقتصادية. من جهتها قالت صابرين، ذات العشرين ربيعًا، "ما نراه أمامنا يؤكد تمتع المرأة في تونس بحقوقها الاقتصادية والاجتماعية، أنا محجبة وها أنا أمامك، في تونس تجد المحجبة وغير المحجبة، الجميع موجودون هنا لا فرق بينهن". ورغم ذلك لم تنف صابرين وجود بعض النواقص، التي تعاني منها المرأة في ذلك البلد العربي، قائلة، "هناك لامبالاة في مسألة المساواة التامة مع الرجل، الجميع يتحدث عن المساواة لكنه يبقى مجرد كلام لا أكثر". وحازت الصيغة المقدَّمة من "حزب النهضة" الحاكم وقت إقرار الدستور في 2012، للمادة 28 على الأغلبية، ونالت أحد عشر صوتًا مقابل ثمانية أصوات. إذ تنص على، "أنَّ الدولة تضمن دور المرأة باعتبارها شريكة للرجل في بناء الوطن"، ويتكامل دورها داخل الأسرة، إضافة إلى ذلك تضمن الدولة تكافؤ الفرص بين المرأة والرجل، والقضاء على كلِّ أشكال العنف ضدّ المرأة. وأثارت المادة في حينها غضب بعض النساء، اللاتي خرجن في احتجاجات صاخبة، معلنات رفضهن التنازل عن مفهوم المساواة الفردية، مقابل تعريف دور المرأة مرتبطًا بالرجل، والأسرة، والوطن. وحضرت مسألة العنف الموجه ضد المرأة، أيضًا في مخيلة النساء التونسيات، رغم ما شهدنه من تقدم في مكافحة تلك الظاهرة، وقالت كوثر بهذا الخصوص، "هناك رجال يعتدون على المرأة جسديًا، ولفظيًا، ولا يوجد من يحاسبهم، حتى وإن قدمت شكاوى ضدهم، فالحكومات التونسية ليست لها إرادة حقيقية للحد من هذا الخطر"، بحسب قولها. وأشار تقرير نشر حديثًا، إلى ارتفاع نسب العنف الموجه ضد المرأة في تونس، موضحًا أنه تم تسجيل نحو 8500 حالة عنف لزوجات من قبل أزواجهن، في تونس العاصمة فقط خلال عام 2009. ليلى قالت للأناضول، "عكس ما تدعيه الحكومات والأحزاب السياسية من عزمها على النهوض بأوضاع المرأة وحماية مكتسباتها، فإن ما تحقق للمرأة التونسية جاء نتيجة نضالها، وما يقال يبقى مجرد شعارات، ووعود سياسية تنتهي بانتهاء الحاجة إليها". ويحتفل التونسيون في 13 أغسطس/آب، من كل عام بعيد المرأة، الذي يوافق ذكرى إصدار مجلة الأحوال الشخصية سنة 1956، في عهد الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة (25 يوليو/تموز 1957 - 7 نوفمبر/تشرين ثاني 1987